اجراءات أوروبية جديدة لمواجهة الإرهاب وتنظيم الحمدين
الأحد 06/أكتوبر/2019 - 12:56 م
طباعة
حسام الحداد
بعد معاناة لسنوات مع الإرهاب والتطرف والذي شاهدت فيه القارة الأوروبية مختلف أنواع العمليات الإرهابية من سيارات مفخخة وعمليات دهس وتفجير واطلاق نار بشكل عشوائي ذئاب منفردة وعمليات انغامسية، تعمل القارة الأوروبية في الأونة الأخيرة على الحد من العمليات الإرهابية بتدابير واجراءات مكثفة كان من بينها مطلع أكتوبر الجاري أن كشفت قاعدة بيانات مجلس الدوما الروسي، الثلاثاء 1 أكتوبر 2019، أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أحال إلى مجلس الدوما، وثيقة البروتوكول الإضافي لاتفاقية مجلس أوروبا لمنع الإرهاب، للتصديق عليه .
وينشئ البروتوكول أيضًا، شبكة من نقاط الاتصال الوطنية التي يمكن الوصول إليها على مدار الساعة لتبادل المعلومات بسرعة.
وكانت الحكومة الروسية قد أيدت مشروع القانون في وقت سابق قبل إحالته إلى الدوما للمصادقة عليه ليدخل حيز التنفيذ.
يذكر أن البروتوكول تم التوقيع عليه في ستراسبورغ، في 27 يوليو 2017. يضم البروتوكول الملحق باتفاقية مجلس أوروبا بشأن مكافحة الإرهاب ("سي إي سي بي تي" رقم 196) عددًا من البنود، بما في ذلك والمشاركة المتعمدة في جماعة إرهابية، والتدريب في مجال الإرهاب، وثبوت السفر إلى الخارج لأغراض الإرهاب وتمويل أو تنظيم مثل هذه الرحلات.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قد أكد في مؤتمر صحفي مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان أن روسيا وفرنسا اتفقتا خلال المباحثات في صيغة 2+2 على محارية ما تبقى من الإرهابيين في سوريا وقال"اتفقنا على مواصلة العمل على التنسيق لمحاربة الإرهابيين المتبقين على الأراضي السورية، وبالنسبة لحل المشاكل الإنسانية - اتفقنا على تسهيل عودة اللاجئين، وبدء العملية السياسية من خلال تشكيل اللجنة الدستورية".
من جانبه قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، إنه يتعين على باريس وموسكو العمل سويا على بناء الاستقرار الاستراتيجي في أوروبا.
وفي نفس السياق تسعى فرنسا لإقناع شركائها الأوروبيين بإرسال قوات خاصة إلى منطقة الساحل الأفريقي من أجل تدريب قوات الجيوش الوطنية، وخصوصا الجيش في دولة مالي، التي واجهت في الأيام الأخيرة هجوما أسفر عن سقوط 25 قتيلا في صفوفها. وتعتبر باريس التي تنشر قوات في تلك المنطقة منذ 2013، يصل قوامها حالياً إلى 4500 جندي، الرهان كبيرا، فتعزيز القدرات العسكرية لجيوش مالي والنيجر وبوركينا فاسو شرط مسبق لبدء أي عملية انسحاب عسكري فرنسي، وهو انسحاب تخطط له وزارة الدفاع الفرنسية على «المدى البعيد». وتنشر فرنسا قواتها في منطقة الساحل الأفريقي منذ يناير (كانون الثاني) 2013، عندما تدخلت عسكرياً بطلب من الحكومة المالية لمنع سيطرة الجماعات الإرهابية على العاصمة باماكو، وذلك بعد أن سيطرت على مناطق واسعة من شمال البلاد. وتعتمد الاستراتيجية العسكرية الفرنسية في دولة مالي على شقين، كما قال رئيس الأركان الفرنسي الجنرال فرنسوا لوكوانتر في تصريحات أدلى بها يونيو (حزيران) الماضي، أولهما إضعاف الجماعات الإرهابية «بما يسمح بجعلها في مستوى القوات المسلحة المالية التي يجب أن تواجهها بمفردها أو بمواكبة أقل من قوة برخان الفرنسية لمكافحة الإرهابيين».
وفي الوقت نفسه، تعزيز هذه القوات للتخفيف عن الجيش الفرنسي «وقبل بدء التفكير على الأمد الطويل، بانسحابنا»، وقد نجح الفرنسيون في إلحاق ضربات موجعة بالجماعات الإرهابية خلال السنوات الأخيرة، إذ تم القضاء على كثير من قياداتها البارزة. أما فيما يتعلق بتأهيل القوات المحلية، ورغم جهود الاتحاد الأوروبي في إطار مهمة التدريب وقوة برخان، فما زال الجيش المالي هدفا سهلاً لهذه الجماعات، فالهجومان اللذان وقعا مطلع الأسبوع الحالي واستهدفا معسكري موندورو وبولكيسي في منطقة استراتيجية لتحركات ونفوذ الإرهابيين على الحدود بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، سببا سقوط أكبر عدد من القتلى منذ مارس الماضي عندما أوقع هجوم على معسكر في ديارا (وسط مالي) نحو ثلاثين قتيلا.
ومنذ أسابيع تسعى باريس إلى حشد شركائها الأوروبيين للمشاركة في مواكبة الجيش المالي في المعركة، وكانت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي أول من تحدث عن هذه الفرضية في بداية يونيو الماضي، بدعوتها إلى إرسال قوات خاصة أوروبية إلى منطقة الساحل لدعم جهود أربعة آلاف عسكري فرنسي في قوة برخان، بينهم مئات من أفراد القوات الخاصة؛ وقالت بارلي: «يجب علينا أن نواكب القوات المسلحة في الساحل بعد تأهيلها. إذا لم يفعل الأوروبيون المعنيون مباشرة بالأمر ذلك فمن سيقوم به؟».
وذكر مصدر قريب من الملف أن مهمات هذه القوات التي تسمى «قوة العمل المشتركة للعمليات الخاصة» ستكون مشابهة لتلك التي قامت بها فرق التدريب في «فريق الارتباط العملاني التوجيهي» التي كانت تعمل في أفغانستان. وقال ضابط كبير طلب عدم كشف هويته إن «هؤلاء الرجال سيوضعون تحت قيادة فرنسية لكن كما يحدث في كل تحالف، مع تحفظات»، أي الشروط التي تضعها كل دولة لعمل قواتها في الخارج.
وأضاف أن «أحد الأهداف الرئيسية التي نسعى إلى تحقيقها هو التمكن من الاعتماد على طاقات جديدة لمواكبة القوات المحلية»، محذرا في الوقت نفسه من أن هذه القوة «يجب ألا تثقل على برخان التي تنشط بشكل كبير» في منطقة تعادل مساحتها مساحة القارة الأوروبية. وحتى الآن، لم تتعهد سوى إستونيا التي تشارك بخمسين جنديا أصلا في قوة برخان، في نهاية سبتمبر الماضي، بإرسال قوات خاصة إلى مالي؛ لكن مصدرا حكوميا قال إن «مشاورات ما زالت جارية مع دول عدة»؛ وتملك دول أوروبية كثيرة قوات خاصة داخل جيوشها، مثل بريطانيا وإيطاليا وجمهورية التشيك والدول الإسكندنافية.
أما عن مؤامرات «تنظيم الحمدين» لنشر الإرهاب في أوروبا فقد كشف فيلم وثائقي «فرنسي- بلجيكي» النقاب عن تمويلات قطرية لقوى التطرف والإرهاب في أوروبا، ودورها المشبوه في دعم الإرهابيين، راصداً الوجه المشبوه للمنظمات الخيرية الممولة من تنظيم الحمدين.
وتحت عنوان «قطر: حرب نفوذ الإسلام في أوروبا»، كشف الفيلم الذي عرضته محطة «لا أون.تلي» ببرنامج «دوك شوت» الفرنسي، كيف تغمر إمارة في شبه الجزيرة العربية أوروبا بملايين من اليورو عن طريق منظمة إنسانية ذات وجهين، لها أنشطة مشبوهة بدعم وتمويل الإرهاب في أوروبا.
وتناولت محطة «آر تي بي إف» البلجيكية، الفيلم تحت عنوان «الدوافع السرية لمنظمة قطر الخيرية، منظمة إنسانية بوجه مزدوج»، مشيرة إلى أنّ «قطر الخيرية» المنظمة الأكبر في الإمارة لكونها ممولة من مكتب أمير قطر شخصياً، وتأسست في العام 1992 بزعم تقديم المساعدات الإنسانية في 70 دولة في العالم، لمساعدة اللاجئين وضحايا الكوارث الطبيعية والحروب، وفتحت عام 2012 فرعاً لها في لندن ليكون مقر المؤسسة ليصبح هذا المقر فيما بعد قنبلة موقوتة تهدد القارة الأوروبية.
وأضافت المحطة البلجيكية، أن الفيلم الوثائقي الذي أذيع في الخامس من سبتمبر الماضي، من إخراج جيروم سيسكان، وإعداد الصحافيين الفرنسيين جورج مالبرنو وكريستيان شينو. والصحفيان هما مؤلفا كتاب «أوراق قطر» الذي فجر قضية التمويلات المشبوهة قبل أشهر، وسبق واتخذا رهائن لدى إرهابيين على صلة بقطر في العراق، الأمر الذي دفعهما إلى البحث وراء هذه الإمارة التي تنشر الإرهاب في العالم وصلتها بالتطرّف في أوروبا.
ونقلت المحطة البلجيكية عن الصحافي كريستيان شينو قوله: «نقطة الانطلاق التي دفعتنا لتقصي الأنشطة المشبوهة للمنظمة غير الحكومية، بعد حصولنا على ذاكرة حفظ «يو إس بي» أرسلها إلينا أحد المبلغين من داخل قطر الخيرية، تحمل الآلاف من المستندات تكشف أنشطة الدوحة عبر المنظمة في أوروبا، وصلتها بتنظيم الإخوان».
وأضاف شينو، أنهما اكتشفا من الوثائق تعاملات قطر مع 140 مشروعاً في أوروبا من مراكز ثقافية ومساجد وجمعيات إسلامية يديرها تنظيم الإخوان فرع أوروبا، وذلك رغم النفي المستمر للدوحة عن علاقتها بهذه المشروعات.
توسيع نفوذ
ووفقاً للفيلم الوثائقي، فإن قطر أرادت توسيع نفوذها في جميع القطاعات بأوروبا في مجال الرياضة والتعليم، والأنشطة التجارية، والدبلوماسية، إلّا أنّ الصحافييْن اكتشفا أنها خلال السنوات العشر ما بين 2007 و2017، أنفقت أكثر من 120 مليون يورو على مشروعات في أوروبا.
وأضاف شينو: «هذه المشروعات لم تكن في بلجيكا وفرنسا وإنجلترا فقط، إنما امتدت إلى أوكرانيا والنرويج وإيطاليا وسويسرا، لقد صعقنا من حجم التمويل الضخم والوسائل الحديثة للتمويل لمنع كشفها، اكتشفنا أيضاً شبكة العلاقات المريبة بين قطر وتنظيم الإخوان الإرهابي في أوروبا».
نشر تطرّف
وتطرق الفيلم إلى قضيّة تشكل خطراً بالغاً على القارة الأوروبية، وهي علاقة تنظيم الإخوان الإرهابي بقطر، إذ كشف الفيلم رعاية الدوحة للتنظيم، لاستخدامه كأداة نفوذ في أوروبا. ورأى شينو أن هدف قطر هو التأثير على كيفية زرع التطرّف في أوروبا وتعزيز نفوذها في العالم العربي. وأضاف الصحافي الفرنسي أنّ هذه الإمارة تنفق مليارات الدولارات في محاولة بائسة لجعل نفسها معروفة في جميع المجالات.
ودلل شينو على ذلك مثل حصول قطر على حق تنظيم مباريات نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 2022 بالرشاوى، وانتهت تلك المحاولات بزرع نفوذها في تمويل الأنشطة الدينية للتحكم ومن ثم التأثير في نهاية المطاف. وتطرق الفيلم إلى الصلات التي هي أشبه بالمصاهرة على حد وصف الفيلم بين قطر والإخوان لفترة طويلة، مشيراً إلى استضافة زعيمهم يوسف القرضاوي، المطلوب في عدة دول لتحريضه على العنف والقتل.
تمويل غامض
وكشف الفيلم عن حجم التمويل الغامض المقدم لأغراض غير مشروعة مثيرة للريبة، عبر حقائب أموال تم تسليمها من قطر عبر طارق رمضان إلى سويسرا وفرنسا، في حركة انتقال للأموال رصدتها أجهزة رادارات الأجهزة الاستخبارية الأوروبية، لكون التمويل يفتقر إلى الشفافية ويثير الشبهات حول ازدواجية المشروعات الخيرية. وأوضح الفيلم أنّ قطر الخيرية تمول مشروعين في بروكسل وأنفير بقيمة مليون يورو، ولكنها استردت الأموال.
وفسر الفيلم عملية الاسترداد بأنه وبعد الأزمة القطرية بمقاطعة دول مكافحة الإرهاب لها عام 2017، وضع قطر تحت ضغط للحد من تمويلها لمشروعات مثيرة للجدل لتوقيف مشروعها التوسعي في أوروبا، لكنها لا تزال تدعم مراكز فكر ومؤسسات أخرى في بروكسل. وطرح الفيلم تساؤلاً عن حجم هذا المشروع القطري التوسعي، ومدى إدراك السلطات الأوروبية لهذا الخطر.
وفي تقرير آخر، نشرت المحطة البلجيكية، عن مدير البحوث الفخري في المركز الوطني للبحوث العلمية الفرنسي، ومعهد البحوث والدراسات حول العالم العربي والإسلامي، فرنسوا بورجيه، قوله، إن الفيلم يكشف ازدواجية تنظيم الإخوان وصلاته بتنفيذ المشروع القطري التوسعي في أوروبا.