الحراك العراقي.. هل يكون أداة إيرانية لثورة مصطنعة ضد واشنطن؟
الإثنين 07/أكتوبر/2019 - 10:01 ص
طباعة
نورا بنداري
يعمل نظام الملالي على استغلال الأحداث التي تقع في بلدان منطقة الشرق الأوسط لصالحه، كي يوظفه بما يخدم أهدافه ومخططاته، ونظرًا لعلاقته المتوترة مع الولايات المتحدة حاليًّا، استغل حالة الغضب المندلع منذ مطلع الشهر الجاري في العاصمة والمحافظات العراقية ضد الفساد وتزايد النفوذ الإيراني في العراق، لدعوة المتظاهرين الغاضبين إلى احتلال السفارة الأمربكية في بغداد.
وجاء تنديد العراقيين بالتدخل الإيراني السافر في شؤون بلدهم، ليدفع بنظام الملالي إلى تشويه تلك الاحتجاجات الشعبية، ويصفها بأنها مجرد أعمال شغب، وأنها محاولة لتشويه طهران، وتقف وراءها جهات خارجية، تدعمها بمختلف الطرق السياسية والأمنية والإعلامية.
وتمثل ذلك من خلال دعوة «حسين شريعتمداري» -مدير تحرير جريدة كيهان الإيرانية المحافظة 5 أكتوبر الجاري- العراقيين إلى احتلال السفارة الأمريكية، وتدميرها أسوة بما فعله الإيرانيون عام 1979؛ لأنها وكر التجسس، وفقًا لوصفه.
كما اعتبر «شريعتمداري» أن الجهات الخارجية قامت بتوجيه الاحتجاجات ضد تحالف الحكومتين العراقية والإيرانية؛ لأن المتظاهرين في البداية خرجوا بذريعة تردي الأوضاع المعيشية، ثم رددوا شعارات منحرفة ضد إيران والحشد الشعبي.
ورغم أن التظاهرات التى اندلعت في 1 أكتوبر الجاري، انطلقت بشكل عفوي ومستقل عبر دعوات على شبكات التواصل الاجتماعي، دون أن يتبناها أي حزب سياسي أو زعيم ديني، ركز المتظاهرون على دور إيران فيما آلت إليه الأوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية المتدهورة من خلال دعم طهران للأحزاب الموالية لها، والتي تهيمن على السلطة في بغداد.
ومن مصلحة طهران وقف الاحتجاجات والتظاهرات، متجاهلة مطالب الشعب العراقي، فدولة الملالي تخشى أن تؤدي الاحتجاجات إلى تغيير سياسي يؤدي إلى زعزعة دور ونفوذ رجال الدين المتشددين والميليشيات الشيعية التي تدربها طهران، وتستخدمها في حروبها بالوكالة في المنطقة.
زعم إيراني
وفي محاولة لإبعاد يدها عن أنها السبب فيما يحدث في العراق، قال عباس كعبي، عضو هيئة رئاسة مجلس خبراء القيادة في إيران، في 5 أكتوبر الجاري: إن عناصر مندسة في احتجاجات العراق الأخيرة تلقت تدريبًا في معسكرات خاصة في الولايات المتحدة.
وأضاف أن أعداء الشعبين العراقي والإيراني، كانوا يخططون منذ أكثر من عام، لإثارة الاضطرابات والفتن في العراق، زاعمًا أن مراكز تنظيمية وشبكات قال إنها تابعة لأجهزة المخابرات البريطانية والأمريكية، إضافة إلى خلايا بعثية نائمة، تم نشرهم في العراق من أجل ذلك.
تمهيد لثورة جديدة
يقول «أحمد قبال»، الباحث المختص في الشأن الإيراني بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: إن هدف النظام الإيراني تغيير مسار الحراك الشعبي كخطوة أولى، ثم التمهيد لثورة جديدة على نهج الثورة الإيرانية، ومن ثم تصدير نظام ولاية الفقيه وفق الرؤية المذهبية كخطوة ثانية.
وأضاف «قبال» في تصريح لـه، أن الدفاع عن النظام السياسي في العراق الذي ساهم بدرجة كبيرة في نفوذ وتوغل النظام الإيراني على الصعيد السياسي والاقتصادي والأمني بالعراق، أصبح أولوية لدى نظام طهران.
وأشار إلى أن النظام الإيراني لا يتوانى عن استغلال أي فرصة من شأنها تغيير مسار هذا الحراك الشعبي، للدفع بثورة مصطنعة ضد الولايات المتحدة، وهذا كفيل بتدمير وحدة الشارع، والمطالب الشعبية غير المؤدلجة من ناحية، والتأثير من جديد على الرأي العام العراقي وفق سياسة فرق تسد من ناحية أخرى.
وتساءل الباحث عن مدى نجاح نظام الملالي في توجيه الرأي العام ضد الولايات المتحدة التي دعمها في السابق، وبشكل مباشر للإطاحة بنظام صدام حسين، في حين أنه من غير المنطقي تجاهل وعي الشعب العراقي وتجربته وخبرته؛ خاصة أن الساحة السورية كانت خير مثال للنهج البرجماتي الإيراني الذي ساهم في قمع الشعب السوري؛ حفاظا على مصالحه وتحالفاته.
ولفت الباحث المختص في الشأن الإيراني إلى أن صورة إيران مشوهة وسلوكها على الصعيد الإقليمي يثير المخاوف، لذلك يعمل النظام الإيراني على توظيف ذلك التشويه كحق يراد به باطل، ويتبادل الهجوم ضد الغرب بأسلوب مشابه، لتوضح أن تشويه إيران يقابل تشويه الغرب.