بمضامين مناهضة للعنف.. الصومال تواجه الإرهاب بالتعليم

الثلاثاء 08/أكتوبر/2019 - 11:04 ص
طباعة بمضامين مناهضة للعنف.. نهلة عبدالمنعم
 
قررت الحكومة الصومالية استغلال التعليم كمتغير أساسي في مواجهة «حركة الشباب» وغيرها من الجماعات الإرهابية التي تسعى للنيل من استقرار البلاد، وذلك عن طريق اعتماد منهج دراسي جديد يحتوي على مضامين مناهضة للعنف والتطرف، تم وضعه باللغة الصومالية؛ ليدرس خلال العام الحالي بمدارس الدولة.

لأول مرة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 1991، تنفذ الحكومة الصومالية منهجًا جديدًا لطلاب المدارس الابتدائية والثانوية؛ إذ قالت الحكومة: إن المدراس كانت تحصل على الكتب المدرسية من أكثر من 10 دول، كما أنه تم استخدام أكثر من 40 منهجًا مختلف في جميع أنحاء الصومال؛ ما أدى إلى تفاقم النظم التعليمية المتنافسة بلغات مختلفة، فخلال الحرب تم استبدال اللغات الصومالية والعربية باللغة الإنجليزية كلغة للتدريس إلى جانب لغات أخرى.

فيما أكدت وزارة التعليم، أنه تم إصدار ما يصل إلى مليوني كتاب مدرسي مطبوع باللغة الصومالية للتلاميذ في معظم أنحاء الصومال، منذ شهر أغسطس 2019، وأن مدارسهم تزامنت مع الشروط الأكاديمية للتعليم الجيد.

وتغطي الكتب الجديدة اللغة العربية والصومالية والإنجليزية، ومواد الرياضيات والدراسات الإسلامية والعلوم والتربية البدنية والتكنولوجيا والدراسات الاجتماعية، وسط توقعات بكونها أفضل من المنهج القديم الذي كان باللغة الإنجليزية والذي تغافل عن تقديم صورة حقيقية عن الإسلام؛ ما أسهم في انخراط الشباب في العنف وسهولة اقتيادهم، كما أن تعدد اللغات أدى إلى تشتت الشباب؛ ما أعاق مهارة التواصل بين أبناء الشعب الواحد.

وعلى صعيد متواصل صرح وزير الدولة للتعليم العالي والثقافة، عبد الرحمن محمد عبد الله، لوسائل الإعلام المحلية، أن  التعليم الديني له أهمية خاصة؛ إذ تقوم حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة بشن هجمات مميتة في الصومال في محاولة لفرض نسختها الصارمة من الشريعة الإسلامية، الأمر الذي يؤكد ضرورة وجود نسخة تعليمية عن الدين باللغة المحلية للبلاد يتم وضعها بإحكام؛ لنشر التعاليم الصحيحة؛ لمواجهة الفكر المتطرف الذي يروج له الآخرون.

وقال عبد الله: إن رجال الدين ساعدوا الحكومة في تدريب المعلمين في مجال الأخلاقيات الإسلامية والتعاليم الصحيحة؛ لتدريس المنهج الجديد والذي أنشئ لإنتاج طلاب معتدلين، يتمتعون بالسماحة ولا يتبعون أيديولوجية الإرهاب والتطرف، ولديهم معرفة إسلامية صحيحة، إضافةً إلى موضوعات أخرى ثقافية وتعليمية ثرية.

كما عبر وزير التعليم عن أمنيات الحكومة في أن تساعد الكتب المدرسية الجديدة في تقديم رسالتهم حول مواجهة الإرهاب والأفكار المتشددة، وخلق جيل متماسك وطنيًّا ودينيًّا وثقافيًّا، مع الحفاظ على هوية صومالية راسخة في وجه التداعيات المختلفة للمعارك والصراعات.

ومع ذلك، لفت عبدالله إلى وجود تحديات، لا تزال تقف كعقبة أمام تطوير منظومة التعليم مشيرًا  إلى أن 22٪ فقط من المدرسين الصوماليين البالغ عددهم 30 ألف مدرس معتمدون بشكل رسمي؛ ما يعني وجود عدد أكبر من المعلمين غير معتمدين من قبل الحكومة، وبدوره يؤدي ذلك إلى تنامي الأفكار المغلوطة عبر جهات تدريس مشكوك في أيدلوجيتها وانتمائها، فبرأيه تعتمد جودة الطلاب على جودة المعلمين، مؤكدًا أن المعلمين والطلاب الذين تقابل معهم أبدوا تقبلهم للمناهج الجديدة وآرائهم حول جودتها، التي تخطت الكتب القديمة المجمعة من دول العالم المختلفة.

إلى جانب أزمات التعليم، المتمثلة في اختلاف المناهج واللغات داخل البلاد وغياب كتب الدين الصحيح وانتشار المعلمين المجهولين بالمدارس، أشارت الأمم المتحدة إلى أن الصومال تعد من أدنى الدول في معدلات الالتحاق بالتعليم في العالم، فوفقًا للإحصائيات، فإن أربعة فقط من أصل 10 أطفال يذهبون للمدرسة، كما حصل التعليم على 16 مليون دولار من ميزانية عام 2019، البالغة 344 مليون دولار.

حول آمال الحكومة في توظيف التعليم في مواجهة الإرهاب، تكشف الدراسات والأبحاث العلمية حقيقة العلاقة الارتباطية بين المتغيرين؛ إذ ذكرت دراسة للمركز الأمريكي «ويست بوينت»؛ لمكافحة الإرهاب بعنوان «فهم دوافع التطرف العنيف.. دراسة حالة للشباب الصومالي»، أن ضعف العملية التعليمية بالبلاد تعد من أهم متغيرات اندفاع الشباب نحو الإرهاب، فوفقًا للأراء التي جمعتها الورقة البحثية، تم الإشارة إلى أن الشباب لم يتمكنوا من الاعتماد على طرق صحيحة في الحياة يروا من خلالها مستقبل مشرق، كما أن تعاليم الدين كانت غير واضحة بالنسبة لهم.

بينما لفتت دراسة أخرى لمركز مقديشيو للدراسات إلى دور اللغة الموحدة في التعليم والمهن في الحفاظ على هوية المواطنين في الصومال، مشيرةً إلى دور استخدام اللغة الصومالية بالتعليم في توحيد صف الشعب لمواجهة مخاطر الإرهاب والاستقطابات المختلفة.

يذكر أن وزارة التربية والتعليم العالي في الصومال، قد بدأت منذ يونيو 2018، مناقشات حكومية وبرلمانية ومجتمعية حول المنهج الجديد المعتمد باللغة الصومالية؛ إذ صرح حينها رئيس مجلس الشيوخ، عبدي حاشي عبد الله بأن توفير منهج موحد له دور مهم في استقرار البلاد.

وكانت الصومال، قد احتلت المركز السادس على مؤشر الإرهاب الدولي لعام 2018، والذي يصدره معهد الاقتصاد والسلام بشكل سنوي؛ إذ ترتفع بداخلها هجمات حركة الشباب والمجموعات الإرهابية الأخرى مع ضعف في البنية الأمنية للبلاد.

شارك