«داعش» إسبانيا.. تهديدات مستمرة ومخاوف من السجناء
الثلاثاء 08/أكتوبر/2019 - 11:06 ص
طباعة
معاذ محمد
أعلنت الشرطة الإسبانية، السبت 5 أكتوبر 2019، إلقاء القبض على المسؤول الرئيسي في إسبانيا عن شبكة «منتصر ميديا» الدعائية التابعة لتنظيم «داعش».
وبحسب الشرطة، فإنه سبق له أن وجه تهديدًا بالقتل ضد القاضي خوسيه دي لا ماتا، الذي ينظر في قضايا الإرهاب في المحكمة الوطنية الإسبانية.
وقال ناطق بلسان الشرطة، إن الأجهزة الأمنية التي داهمت منزل «الداعشي» شرقي العاصمة مدريد، عثرت على كميات كبيرة من المضبوطات والصواعق التي تستخدم لتحضير المتفجرات، بالإضافة إلى قائمة بأسماء أشخاص ومواقع حساسة كأهداف لعمليات إرهابية.
من جهتها، أمرت النيابة العامة بإيداعه السجن، بعد أن وجهت إليه تهمة الانتماء إلى تنظيم «داعش»، والتهديد بالقتل والتحريض على الإرهاب.
وقال مصدر مسؤول في وزارة الداخلية الإسبانية، في تصريحات صحفية، إن المعتقل يبلغ من العمر 23 عامًا، من أصول مغربية، ويحمل الجنسية الإسبانية، وأعد مجموعة من أشرطة الفيديو التي تتضمن تهديدات متطرفة باللغة الإسبانية في منزله تنفيذًا لتعليمات التنظيم الإرهابي، منها واحد بعنوان «ستلقى حتفك بقنبلة لاصقة» موجه إلى القاضي«دي لا ماتا»، كما أنه يدرس العلوم الإلكترونية.
في 17 أبريل 2019، قال مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إن تنظيم «داعش» الإرهابي نشر عبر إحدى منصاته الإعلامية، على موقع التواصل الاجتماعي «تليجرام»، مقطعًا مصورًا هدّد فيه المملكة الإسبانية بتنفيذ عمليات إرهابية خلال احتفالات ما يعرف باسم «الأسبوع المقدس».
وبحسب المرصد، نشرت صحيفة «لا راثون» الإسبانية، تصريحاتِ مصادر تابعة لجهاز مكافحة الإرهاب، تفيد بأن التهديدات كانت تحمل رسائل تحريضية تحث أتباع التنظيم على تنفيذ هجمات إرهابية في مدريد، وأظهر المقطع المصور العباراتِ التي استخدمها التنظيم في حث أتباعه على القيام بالعمليات الإرهابية، والتي كان من بينها: «الخلايا جاهزة والأهداف محددة، وكونوا مستعدين سنهاجمكم عندما لا تتوقعون ذلك، ونعلن لكم أيها الصليبيون عن تنفيذ عمليات جديدة وستدركون خطأكم في القريب العاجل».
غير أن مرصد الأزهر رأى أن تنظيم «داعش» الإرهابي يريد من خلال هذه الرسائل إشعال الحماسة في نفوس أتباعه، موضحًا أن «الذئاب المنفردة» ربما تكون الورقة الأخيرة التي يعتمد عليها التنظيم، بعد أن فقد معظم قوامه الأساسي من المتطرفين، وسقوطه في معاقله الرئيسية بسوريا والعراق.
ووفقًا لصحيفة «لا راثون» الإسبانية أصدر التنظيم رسالة جديدة في 6 مايو 2019، هدد فيها بشن هجمات في إقليم الباسك الإسباني، قائلًا: «يا صليبيين، لم نأت من الخارج ! نحن هنا لن تكتشفنا أبدًا، نحن أطفالك الذين سيهاجمون قريبًا».
وأوضحت الصحيفة أن هذا كان التهديد السادس من نوعه، الذي تطلقه «داعش» ضد إسبانيا منذ بداية العام الجاري.
وعلى الرغم من كثرة التهديدات من قبل «داعش» فإنه على أرض الواقع لم تتمكن من عمليات إجرامية في إسبانيا منذ هجمات أغسطس 2017، ومن وقت لآخر تقوم السلطات في مدريد باعتقال أشخاص يشتبه في انتمائهم للتنظيم، أو يقومون بعمليات دعائية له أو تهريب أجانب.
كما أنه بحسب صحيفة الموندو الإسبانية، عززت الحكومة الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصًا «تليجرام » بعد التهديدات الإرهابية بقتل قاض في المحكمة الوطنية الإسبانية.
وكانت جماعة مرتبطة بتنظيم داعش الإرهابي نشرت تسجيل فيديو مدته دقيقة و57 ثانية، هددت فيه قاضي في المحكمة الوطنية الإسبانية، حمل عنوان «ستموت بقنبلة»، ويحتوى على صور لسيارات مشتعلة، انتقامًا منه بعد سجن 7 من الإرهابيين بتهمة الإرهاب وحيازة المتفجرات.
بداية ظهور تنظيم «داعش» في إسبانيا، كانت في أغسطس عام 2017، عندما قتل 13 شخصًا في اعتداء تبناه التنظيم، وأصيب أكثر من 50 في عملية دهس في منطقة سياحية، تلاه هجومان آخران نتج عنهما مقتل شخصين وإصابة 13 آخرين، وأعلنت الشرطة وقتها اعتقال شخصين أحدهما مغربي على صلة بالهجوم.
وبعد عام من الحادثة، في أغسطس 2018، كشفت تحقيقات القوات الإسبانية أن «داعش» كان يخطط لما هو أكبر من ذلك، بتنفيذ عملية في ملعب «كامب نو» الكتالوني، خلال مباراة لفريقي برشلونة وريال بيتيس.
ولم يسجل التنظيم عمليات قوية في إسبانيا منذ ظهوره في 2014، غير التي وقعت في أغسطس 2017، والتي أعلن حينها مسؤوليته عنها، مؤكدًا أن مقاتليه نفذوها «تنفيذًا لتعليمات قيادات التنظيم باستهداف الدول الأعضاء في التحالف الدولي».
وقال تقرير لصحيفة «إكسبريس»، يوليو 2018، تحت عنوان «عودة الجهاديين»: إن «العشرات من مقاتلي داعش يمكنهم السفر إلى إسبانيا بعد القتال في سوريا».
وأشارت صحيفة «الإندبندنت» في تقرير لها أغسطس 2017، إلى أنه على المستوى الروحي، تحتل إسبانيا مكانًا خاصًّا في أساطير «داعش»، كجزء من الإمبراطورية الإسلامية «الأندلس»، موضحة أنه ينظر إليها من قبل العديد من أيديولوجياتهم باعتبارها جزءًا إقليميًّا طبيعيًّا من «الخلافة»، والتي تخضع حاليًّا للاحتلال المباشر من قِبَل الكفار.
في فبراير 2019، حذر مرصد الأزهر العالمي لمكافحة التطرف، من انتشار الإرهاب داخل السجون الأوروبية، ومن بينها إسبانيا، معتبرًا أنها تعد إحدى بؤر انتشار الفكر المتطرف في الآونة الأخيرة، وهو ما يراه المرصد إشارة واضحة إلى أن السجناء الإرهابيين لا ينتهي خطرهم في مراكز الاحتجاز؛ وإنما يشكلون تهديدًا آخر وهو نشر أفكارهم بين المدانين بجرائم جنائية أو غير إرهابية بشكل عام.
وأوضح المرصد، أن سجون إسبانيا تضم حاليًّا 134 شخصًا مدانين بجرائم مرتبطة بالإرهاب؛ لكن العدد الحقيقي قد يكون أكثر من هذا، لافتًا إلى أنه في سبيل مكافحة هذا الشكل من التطرف، وُضعت خطة للسيطرة على المتطرفين من خلال مراقبة الأجهزة الأمنية السرية لهم، وفصلهم إلى وحدات مختلفة، للسيطرة على باقي السجناء وتحصينهم من الأفكار المتطرفة.
وأشار مرصد الأزهر، إلى أن كثيرًا من الإرهابيين الذين خطّطوا لتنفيذ هجماتهم في إسبانيا، كانوا يقيمون بها منذ عدة سنوات، وتبنوا الفكر المتطرف داخل السجون، من خلال عناصر التنظيمات المتطرفة، عن طريق شرح بعض المفاهيم الدينية بشكلٍ خاطئ ومضلل، وتفسيرها حسبما يخدم أهواءهم.
السلطات الإسبانية أعلنت أن الشخص الذي تم القبض عليه السبت 5 أكتوبر 2019، ينتمي إلى أصول مغربية، كما أنه سابقًا وعند القبض على منفذي حادثة الدهس في برشلونة كان أحدهم مغربيًّا.
وكشف المعهد الملكي الإسباني للدراسات الدولية والاستراتيجية، في نوفمبر 2017، أن «المغاربة» يتربعون على قمة اللائحة السوداء للجهاديين الذين اعتقلوا أو قتلوا في إسبانيا بين يناير 2013 وسبتمبر 2017، كما أنهم يميلون إلى تنفيذ اعتداءات إرهابية في إسبانيا.
وأفاد تقرير المعهد، أن 59% من الجهاديين المغاربة والإسبان بين 2013 و2017، اختاروا الارتماء في أحضان تنظيم «داعش»، موضحًا أن هناك ميلًا أكبر للجهاديين المغاربة للمشاركة في التفكير والتخطيط وإعداد وتنفيذ اعتداء داخل إسبانيا مع الجهاديين الأكثر ميلا لتنفيذ أعمال إرهابية في مناطق النزاع.
وبحسب الدراسة، أنه بعد درس «بروفايلات» مجموعة من الجهاديين المغاربة بإسبانيا، والكشف عن هويات بعضهم، اتضح أن 47% من الجهاديين المعتقلين، أو الذين قتلوا بإسبانيا خلال الأربع سنوات الماضية هم مغاربة.
كما ذكر التقرير أن 44.9% من الجهاديين الموقوفين أو الذين قتلوا في إسبانيا، ينتمون إلى خلايا أو شبكات إرهابية متنوعة يهيمن عليها المغاربة.
وبحسب المعطيات السرية التي توصلت إليها التقارير، وفقًا لمعلومات استخباراتية، فإن عدد العائلات الإسبانية المغربية الموجودة في صفوف «داعش» يقدر بـ14 أسرة ومعهم عشرون طفلًا.