ذراع إيران في بلاد الرافدين.. مصير الحشد الشعبي معلق على نتيجة الثورة العراقية
الثلاثاء 08/أكتوبر/2019 - 11:32 ص
طباعة
نورا بنداري
رفع المتظاهرون العراقيون شعار «إيران بره بره.. والعراق حرة حرة»، وقاموا بإحراق صور«الخميني» في ظل الاحتجاجات المنددة بالتدخل الإيراني السافر في شؤون العراق؛ ما أدي إلى تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية ببلاد الرافدين، وباتت التساؤلات تطرح حول مصير الميليشيا التابعة لدولة نظام الملالي في العراق، والمعروفة بميليشيات الحشد الشعبي.
وذلك بعدما اتجه المرشد الإيراني «خامنئي» للعب على الوتر المذهبي، قائلًا في تغريده له على موقع تويتر 6 أكتوبر الجاري: إن إيران والعراق شعبان ترتبط أجسادهما وقلوبهما وأرواحهما بوسيلة الإيمان، وأشار أن هذا الارتباط سوف يزداد وثاقة يومًا بعد يوم، متصديًّا لسياسية التفرقة التي يقوم بها الأعداء، وأكد المرشد أن الأعداء عجزوا، ولن يكون لمؤامراتهم أثر في التأثير على العلاقة بين البلدين.
وفي إطار ذلك، فإن العراق يمثل جزءا أساسيًّا من الهلال الشيعي الإيراني في المنطقة، الذي تسعى طهران من خلاله إلى تنفيذ مخططها التوسعي في المنطقة، فالتغلغل الإيراني في العراق بعد سقوط العاصمة العراقية في قبضة أنصار ووكلاء إيران بعد الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003؛ ما حول العراق إلى أرض مشاع للنظام الإيراني، الأمر الذي مكنه من السيطرة على مفاصل الدولة؛ لذا فإن التظاهرات المندلعة ضد طهران في العراق تهدد بقوة دولة نظام الملالي والميليشيا التابعة لها هناك.
وتعد ميليشيا الحشد الشعبي ذراع إيران في العراق، وتتكون من 70 فصيلًا، وتعود جذور هذه الميليشيا لبعض الأشخاص الذين حاربوا بجانب إيران ضد بلدهم العراق في حرب الخليج الأولي، وقد ظهرت هذه الميليشيا للعلن بعد عام 2003، كما ظهرت أخري تابعة لها عام 2014، ومن أبرز قيادتها، «قاسم سليماني، حيدر العبادي، هادي العامري، نور المالكي»، وتهدف لإحلال الحرس الثوري الإيراني محل الجيش العراقي، كما تحاول استكمال مشروع الممر البري الإيراني من طهران للبنان؛ إذ إن مرجعية هذه الميليشيا خاضعة للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية الأسبق «الخميني» ومشروعه الاحتلالي.
بيد أن الحرس الثوري الإيراني، هو المسؤول عن تدريب هذه الميليشيا، ولذلك ارتكبت العديد من الجرائم بالعراق من تخريب مدن عديدة، وتدمير منازل النازحين من السنة؛ لمنع عودتهم مرة أخرى، وتغير تركيبة السكان، إضافةً إلى قتل وتعذيب مدنين؛ لإرغامهم على النزوح.
إضافةً إلى ميليشيا الحشد الشعبي، فإن إيران باتت تسيطر على المشهد السياسي العراقي من خلال بعض الأحزاب والميليشيات الموالية لإيران، ومنها «منظمة بدر»، و«تيار الحكمة الوطني»، و«عصائب أهل الحق»، إضافةً إلى ما يعرف بـ«الفيتو الإيراني» الذي كانت تستخدمه على صعود أي شخصية سُنية لمنصب مرموق في الدولة العراقية.
ولأن مظاهرات العراق الشعبية، تعد مقدمة وإرهاصات ثورة شعبية ضد الفساد والنفوذ الإيراني، ربما تعيد للعراق دوره ومكانته الإقليمية بعيدًا عن تبعية نظام الملالي؛ ما يشير إلى اقتراب نهاية التواجد الإيراني هناك، أوضح «أحمد قبال» الباحث المتخصص في الشأن الإيراني بمركز الأهرام للدارسات السياسية والاستراتيجية، أن النفوذ الإيراني في العراق بعد انهيار نظام البعث عام 2003، ارتكز على تشكيل حاضنة شعبية في أوساط الشيعة العراقيين وفق رؤية مذهبية وتأثير من جانب المرجعيات القريبة من إيران، ومن ثم كان دعم وتشكيل الحشد الشعبي في العراق بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الإيرانية والحرس الثوري الإيراني، كنواة لقوات خارج منظومة الجيش العراقي على غرار الباسيج والحرس الثوري الإيراني.
وأشار، أن «قبال»، أن الحشد الشعبي هي ميليشيا متعددة الألوية والفصائل ويعمل معظمها من منطلق أيديولوجي وولاءات مذهبية تخدم مصالح النظام الإيراني، وقد كشفت مصادر سياسية عراقية عن تشكيل مجلس تنسيقي محدود يضم مجموعة من فصائل الحشد الشعبي الأكثر قربًا من طهران، في مؤشر على إمكانية أن تؤدي تلك الفصائل دورًا منفصلًا عن منظومة الحشد نفسها، خارج القرار الرسمي للدولة العراقية ككل، لاسيما مع تزايد المخاوف من اندلاع صدام مسلح بين الولايات المتحدة وإيران.
وأضاف، أن المجلس الجديد يضم ممثلين وقيادات في ميليشيات مثل كتائب حزب الله، وكتائب سيد الشهداء، وعصائب أهل الحق، والإمام علي، وسرايا الخراساني، وحركة النجباء، وكتائب جند الإمام، وحركة الأبدال، وتشكيلات أخرى، جميعها ترتبط بشكل وثيق مع الحرس الثوري الإيراني.
ولفت الباحث الإيراني، أن ميليشيا الحشد الشعبي تمثل للحرس الثوري الأداة الناجحة؛ للسيطرة على الوضع في حالة تزايد حدة الاحتجاجات، ومن منطلقات مذهبية تستطيع تلك الميليشيات التصدي بشكل حاسم وبأساليب قمعية للتظاهرات والاحتجاجات المتزايدة في شتى مدن ومحافظات العراق، على غرار قوات الباسيج الإيرانية التابعة بشكل مباشر للمرشد «خامنئي»، كما يمكنها أيضًا تشكيل حجر عثرة في حالة نشوب مواجهة بين إيران والولايات المتحدة.
وذكر «قبال»، أنه في المقابل، وإذا كان الحشد الشعبي إلى حد كبير صنيعة الحرس الثوري الإيراني، إلا أن قطاع ليس بالضئيل منه يمثل تحدي كبير للحرس الثوري، بما أنه يتأثر بالمرجعية العراقية في النجف، ولا يؤمن بنظرية ولاية الفقيه التي تسعى إيران لنشرها في أوساط الشيعة العراقيين، ومن ثم قد يتحول الحشد الشعبي بفعل ضغوط تيارات عراقية حريصة على مصلحة العراق والشعب العراقي إلى أيقونة لدعم ثورة شعبية لا تبقي ولا تذر، تعيد العراق إلى مكانته العربية والإقليمية.