فرنسا الإفريقية.. تعاون عسكري مع تشاد لحماية مصالح باريس

الأربعاء 09/أكتوبر/2019 - 01:39 م
طباعة فرنسا الإفريقية.. أحمد عادل
 
بين عشية وضحاها، صارت ليبيا تمثل إحدى المناطق الملتهبة حول العالم، وهو ما سبب قلقًا إقليميًّا لدول الجوار التي تتماس مع الأراضي الليبية، ومنها تشاد التي راحت تتحوط وتحترز من امتداد الإرهاب من ليبيا أي أراضيها؛ ما دفعها لاتخاذ العديد من الإجراءات الوقائية، أهمها توقيع اتفاقية تعاون مشترك مع الجمهورية الفرنسية وذلك بتاريخ الإثنين 7 أكتوبر 2019، والتفاقية الفرنسة التاشدية تتكون من 6 اتفاقيات فرعية للتعاون عسكري، تنص على دعم قوات حرس الحدود المتنقل على مستوى المنطقة الصحراوية الشاسعة على حدود ليبيا والسودان؛ بهدف مطاردة الجماعات المتمردة وعصابات التنقيب عن الذهب، وعصابات الاتجار بالبشر.

وتنص الاتفاقية، على تقديم الدعم اللازم لقوات حرس الحدود، المسؤول عن ضمان أمن المنطقة الصحراوية الشاسعة على حدود ليبيا والسودان، التي تشهد نشاطًا للجماعات التشادية المتمردة وعمال المناجم غير القانونيين، كما تهدف الاتفاقيات الموقعة إلى تحديث وتدريب قوات الأمن التشادية خلال السنوات الثلاث القادمة، إلى جانب تقديم مساعدة مباشرة إلى إنجامينا، إضافةً إلى دعم فرنسا لقوات الساحل الخمس المشتركة المعروفة بـ«G5»، والتي تعد تشاد هي واحدة من أعضائها الرئيسيين، و كما سيتم تخصيص 2.7 مليون يورو لعام 2019 لمجالات تتراوح من تنظيم قوات الأمن التشادية إلى هيكلة المخابرات العسكرية، من خلال الخدمات اللوجستية والصيانة أو التدريب.

ووفقًا لبوابة الوسط الليبية، قالت أن رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب صرح خلال جلسة بالجمعية الوطنية، إن الحكومة الفرنسية قررتإشراك قواتنا المسلحة في تشاد ضد الجماعات المسلحة من ليبيا، وذلك ردًا على طلب المساعدة من قبل السلطات التشادية ممثلة في إدريس ديبي، رئيس البلاد.

وأوضحت الصحيفة الليبية، نقلًا عن مصدر دبلوماسي فرنسي، أن تشاد حليف استراتيجي في المعركة التي تخوضها القوات الفرنسية في منطقة الساحل والصحراء ضد التنظيمات الإرهابية، مشيرًا إلي أن باريس تسعي لإقامة إصلاحات في تلك المنطقة تحديدًا لحمايتها من خطر الإرهاب المستمر .

يذكر أنه في سبتمبر 2019، أمنت تشاد نفسها من امتداد خطر الإرهاب من حدودها مع ليببا إلى الداخل التشادي؛ حيث صدق البرلمان التشادي، على تمديد حالة الطوارئ في 3 محافظات شرق وشمال البلاد، لمدة 4 أشهر.

وفي أغسطس الماضي، أعلن الرئيس التشادي إدريس ديبي، حالة الطوارئ بـ3 محافظات بشرق وشمال البلاد، ودعا لنزع سلاح المدنيين، وذلك بعد أعمال عنف بين مزارعين ورعاة، خلفت عشرات القتلى.

و في سبتمبر 2019، قال الرئيس التشادي، إدريس ديبي: إن سبب الاشتباكات القبلية الموجودة حاليًا في البلاد، هو عمليات تهريب السلاح من ليبيا عبر بوابة بلاده ودول الساحل الإفريقي، متوعدًا بخوض حرب شاملة ضد عصابات السلاح والمسؤولين عن مقتل هؤلاء الأشخاص، مضيفًا أننا في صدد إطلاق حوار اجتماعي شامل؛ من أجل وضع حد للاشتباكات القبلية التي شهدت انتشارًا متزايدًا خلال الآونة الأخيرة، مشيرًا إلى أن المنطقة لن تنعم باستقرار والهدوء في ظل الأحداث الجارية بليبيا .

وعلى إثر ذلك،  نشرت قوات الجيش التشادي  15 ألف جندي على حدوده مع ليبيا الممتدة لأكثر من 1200 كيلومترًا؛  بسبب انعدام الأمن في هذه المنطقة، وانتشار التنظيمات الإرهابية في تلك المنطقة تحديدًا.

وتشهد المنطقة الحدودية بين ليبيا وتشاد، بروز نجم بعض التنظيمات المسلحة، لعل أبرزها تنظيم داعش الإرهابي والمعارضة التشادية، والذي يستخدم تلك المنطقة منصة تلاقي للتنظيمات الإرهابية المتنقلة، عبر الحدود من إفريقيا جنوب الصحراء أو الشرق الأوسط، واستغلت هذه التنظيمات حالة انعدام الأمن، إبان انفجار الأوضاع في ليبيا، في الدخول إلى البلاد عام 2012، وشكلت تلك الميليشيات باستقرارها في منطقة الجنوب الليبي القريبة من منطقة الساحل والصحراء، أزمة أمنية كبيرة للحكومة التشادية؛ حيث شنت عملياتها الإرهابية ضد الجيش في الجنوب من جهة، وضد قوات الجمهورية التشادية من جهة أخرى، وضد المدنيين في منطقة الساحل الإفريقي.

كما تتعاون المعارضة التشادية وتنظيم داعش الإرهابي، مع عصابات الاتجار بالمخدرات، والاتجار بالبشر؛ ما جعلها تمثل خطرًا كبيرًا على المدنيين في منطقة الساحل والصحراء الإفريقية.

يرى ناصر مأمون عيسى، الباحث في الشأن الإفريقي، أن الاتفاقية التشادية الفرنسية تأتي في إطار حماية المصالح الفرنسية في العمق الأفريقي، بجانب حماية تشاد حليف فرنسا في تلك المنطقة، موضحًا أن منطقة الساحل والصحراء أصبحت بؤرة إرهاب كبيرة للتنظيمات المتطرفة.

وأكد ناصر، أن هناك صراع قبلي في تلك المنطقة تحديدًا، فهناك قبائل تنتمي إلى العرب، وهناك قبائل تنتمي إلى الهوية الإفريقية، مثل قبائل التبو وقبائل الطوارق كلهم ينشطوا في منطقة أقصى شمال تشاد، حول حدود ليبيا والنيجر وفي جبال تبستي، ما يعطي حرية للتنظيمات المسلحة مستغلة سوء الأوضاع بين بعض القبائل؛ للوجود ومن ثم تحقيق الأمنية الكبرى بالسيطرة المكانية لها.

وأوضح الباحث في الشأن الإفريقي، أن تشاد تحاط بعدد من الأزمات الأمنية؛ ما جعلها تقوم في الفترة الأخيرة إلي اللجوء بالتنديد من تمدد التنظيمات المسلحة، ومن أبرز تلك الأزمات الصراع القبلي في منطقة الشرق، وفي الغرب توجد جماعة بوكوحرام المتمركزة في محيط بحيرة تشاد، كل هذه الصراعات حولت تشاد إلي منطقة بؤرة إرهاب كبيرة .

شارك