«النهضة في المصيدة».. تراجع الشعبية رغم تصدر المشهد الانتخابي التونسي

الأربعاء 09/أكتوبر/2019 - 01:40 م
طباعة «النهضة في المصيدة».. أسماء البتاكوشي
 
بعد إعلان «حركة النهضة» (ذراع الإخوان في تونس) اقتراب حسمها الانتخابات التشريعية، التي جرت يوم 6 أكتوبر الحالي، لصالحها بحسب تقديرات أولية، ظهر جليًّا التراجع الكبير في شعبية الحركة، وخسارتها مقاعد في البرلمان.

وقال الناطق باسم «النهضة» عماد الخميري، في مؤتمر صحفي: إنه وفق المؤشرات الأولية أعلنت النهضة فوزها في الانتخابات التشريعية.

ونالت الحركة 40 مقعدًا في البرلمان، المكون من أصل 217 مقعدًا، بينما حصل حزب «قلب تونس»، الذي يترأسه نبيل القروي المترشح للرئاسة، على 35 مقعدًا، وفقًا لاستطلاعات رأي أجرتهما مؤسستان تونسيتان.

وعلى الرغم من تصدر «النهضة» للمشهد الانتخابي البرلماني، فإن تراجع شعبيتها يبرز بشكل كبير، منذ أول انتخابات حرة خاضتها البلاد عام 2011.

وكشفت إحصائيات أنه منذ إجراء أول انتخابات في تونس عقب ما عرف بـ«ثورة الياسمين»، فازت حركة النهضة بعدد 1.5 مليون أي 37 % من الأصوات، وفي الانتخابات التالية عام 2014 تراجع نصيب النهضة من الأصوات إلى 28 % بإجمالي نحو 947 ألف صوت، وفي الانتخابات الرئاسية التى جرت سبتمبر الماضي حصل مرشحها «عبد الفتاح مورو» على نسبة 12 % أي مجموع 434 ألف صوت.

تواجه حركة «النهضة» ملفات عدة؛ أدت إلى تراجع شعبيتها؛ إذ أنه خلال الأسابيع القليلة الماضية نشرت هيئة الدفاع عن المعارضين التونسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، اللذين تم اغتيالهما في فترة حكومة الترويكا الأولى والثانية، وثائق تكشف تورط حركة النهضة مع تنظيم الإخوان في مصر في القضية.

وكشفت الوثائق تورط الإخوان في العمل على تصفية الخصوم، فضلًا عن رسائل سرية من الجناح العسكري لإخوان مصر؛ من أجل اختراق جهاز الداخلية في تونس، وإعداد مدربين، وضرب الأحزاب اليسارية في تونس.

ووفق تقارير سابقة لـ«المرجع» كشف المحامي «رضا الرداوي»، عضو لجنة الدفاع عن السياسيين التونسيين تفاصيل جديدة بشأن علاقة الحركة بعمليتي الاغتيال، وقال: إنه عثر على معلومات بشأن التنظيم الخاص لحركة النهضة.

وتعتبر الاتهامات ليست الأولى من نوعها، التي توجه لحركة النهضة؛ إذ أحالت النيابة العامة في تونس إلى القضاء في يونيو 2018، دعوى جزائية قدمتها عبير موسى، رئيسة الحزب الدستوري الحر، ضد رئيس «حركة النهضة» راشد الغنوشي، وعلي العريض، وحمادي الجبالي، والحبيب اللوز؛ للاشتباه بضلوعهم في تسفير شباب تونسيين إلى بؤر الصراع في سوريا وليبيا والعراق؛ ما يعد دعمًا للإرهاب والجماعات المتطرفة، الأمر الذي تنفيه الحركة.

من جانبه قال أبو الفضل الإسناوي الباحث في شؤون الحركات الإسلامية: إن كل تيارات الإسلام السياسي في المنطقة العربية، ومنذ سقوط الإخوان في مصر، ورغم كل الانتخابات التي أجريت، يتراجعون سواء في تونس والجزائر وليبيا والمغرب.

وتابع  «الإسناوي»: إن «النهضة» في أول انتخابات بعد ثورة تونس 2011، احتلت المرتبة الأولى، وفي الانتخابات التي تليها كانت في المرتبة الثانية بعد حزب نداء تونس وبالتالي تحالفت معه في تشكيل حكومة.

وأضاف الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أن النهضة الآن خسرت نحو 25 مقعدًا، لأسباب عدة، أهمها أنها عندما وصلت للحكم بدأ فشل برنامجها الانتخابي والتنفيذي يظهر.

وأشار إلى أن كل الرؤوس الاقتصادية والاجتماعية وغيرها التي تضمنتها برامج الحركة فشلت فيها تمامًا بل تأزمت الحكومة اقتصاديًّا، إضافة إلى وجود العديد من مناطق الفقر، بدليل أنه عندما تدخل نبيل القروي في المناطق الريفية بدأت تتجه إليه الأصوات، في حين أن النهضة فشلت في ذلك.

وقال «الإسناوي» إنه منذ عام 2013 فشلت حركة النهضة في تعاملاتها مع كل القوى السياسية الأخرى، مصطدمة بكل من يقترب منها؛ إذ إصطدمت بنداء تونس وتمكنت من تقسيم هذا الحزب وحصل على مقعد واحد فقط في البرلمان.

وكشف أن «النهضة» وقعت في المصيدة؛ لأنها على الرغم من حصولها على أغلبية الأصوات لن تتمكن من تشكيل حكومة، إلا في حالة تشكيل ائتلاف مع الأحزاب السياسية الأخرى؛ ما يجعل الأمر أكثر صعوبة؛ لرفض كل الأحزاب السياسية التعامل معها، وبالتالي فهناك أزمة حقيقية وقعت وأوقعت فيها الدولة، وهي تعثر إنشاء حكومة بعد تشكيل مجلس النواب؛ ما يشير إلى إمكانية بحثها عن بدائل، وربما تغير استراتيجيتها في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ويرى الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أن حركة النهضة تسرعت في إعلانها دعم المرشح الرئاسي «قيس سعيد»؛ لكن الآن وبعد حصول حزب «قلب تونس» على المرتبة الثانية، بدأت تعطي رسائل مهمة لحزب القروي أنه سيكون هناك تعاونا مشتركا فيما يتعلق بالتركيبة الداخلية لمجلس نواب الشعب، بشرط أن يتم الائتلاف ما بين الحركة والحزب، وبالتالي تشكل الحكومة، ويكون هناك دعم  للقروي في الرئاسية، ودعم للغنوشي في التشريعية، مؤكدًا أن تفاصيل المشهد الانتخابي في تونس أوقعت الحركة في مصيدة.

شارك