الغزو التركي ضد أكراد سوريا.. بداية عودة خلايا داعش النائمة

الأربعاء 09/أكتوبر/2019 - 04:48 م
طباعة الغزو التركي ضد أكراد أميرة الشريف
 
شنت القوات التركية هجوما في شمال شرق سوريا، بعد أن بدأت القوات الأمريكية إخلاء المنطقة في تحول مفاجئ في سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي قوبل بانتقاد واسع في واشنطن، ووُصف بأنه غدر بالأكراد حلفاء الولايات المتحدة.
ومن شأن الانسحاب الأميركي أن يضعف وضع القوات التي يقودها الأكراد والتي تعتبر شريكة لواشنطن في سوريا أمام توغل القوات المسلحة التركية التي تعتبرها جماعة إرهابية بسبب صلتها بمتشددين أكراد يشنون تمردا داخل تركيا منذ عقود.
وتزعم أنقرة  بأنها ستقيم منطقة آمنة، من أجل عودة ملايين اللاجئين الذين يقيمون حاليًا على الأراضي التركية، على أن تكون فيما بعد منطقة عازلة، في مواجهة مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية السورية، التي تعتبرها تركيا التهديد الأمني الرئيس في سوريا، وتقول إنهم على صلة بمقاتلين يشنون عليها تمردًا في الداخل.
وتضم تركيا وسوريا والعراق وإيران أعدادًا كبيرة من الأقليات الكردية التي تطالب بدرجات مختلفة من الحكم الذاتي عن الحكومات المركزية بعد عقود القمع.
ولم يتسن لدمشق منع تركيا من السيطرة على مساحة شاسعة من شمال غرب سوريا في وقت مبكر من الحرب.
وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية إن واشنطن تتوقع من تركيا تولي المسؤولية عن سجناء تنظيم داعش إذا سيطرت أنقرة خلال توغلها المرتقب في شمال شرق سوريا على مناطق احتجاز المتشددين.
ويُحتجز الأسرى في منشآت تابعة لقوات سوريا الديمقراطية جنوبي المنطقة الآمنة التي تقترحها تركيا بشكل مبدئي.
وتعدّ أنقرة المقاتلين الأكراد "إرهابيين" وترغب بإبعادهم عن حدودها، وسبق أن نفّذت هجومين في سوريا: الأول ضد تنظيم داعش عام 2016 والثاني ضد الوحدات الكردية عام 2018.
لكن الهجوم الذي تعد له تركيا منذ فترة يعتبر الأخطر ومن المتوقع أن يزيد الوضع المتأزم أصلا تعقيدا، وسط تحذيرات من أن تطلق العملية التركية مارد داعش الذي لايزال يحتفظ بخلايا نائمة خاصة في البادية السورية.
وبالفعل التقط التنظيم المتطرف الإشارة التركية، بأن نفذّ أول عملية انتحارية له في الرقة التي كانت تشكل أبرز معقله في شمال سوريا قبل أن يمنى بهزيمة قاسية في مثل هذا الشهر من عام 2017.
ويأتي هجوم داعش الذي لم يسفر عن سقوط ضحايا وسط مخاوف دولية وتحذيرات كردية من أن يساهم الهجوم التركي المرتقب في عودة التنظيم المتطرف.
من جانبها، دعت الإدارة الذاتية الكردية الأربعاء روسيا للقيام بدور "الضامن" في "الحوار" مع دمشق، في وقت تتحضر تركيا لشن عملية عسكرية ضد المقاتلين الأكراد في شمال سوريا.
وأوردت في بيان: "الحل الأمثل من أجل نهاية الصراع والأزمة في سوريا يكمن في الحوار وحل الأمور ضمن الإطار السوري- السوري"، مضيفة "نتطلع إلى أن يكون لروسيا دور في هذا الجانب داعم وضامن وأن تكون هناك نتائج عملية حقيقية"، وذلك بعد وقت قصير من إعلان دمشق استعدادها "لاحتضان أبنائها الضالين" في إشارة إلى المقاتلين الأكراد الذين تدعمهم واشنطن.

من هم الأكراد

ووفق وكالة رويترز، نشرت في تقرير لها حقائق عن الأكراد في سوريا، حيث أوضحت من هم "الأكراد"، وأوضحت إنها تتحدث الأقلية الكردية، وأغلبها من المسلمين السنة، لغة مرتبطة بالفارسية ويعيش أغلب أفرادها في مناطق جبلية على امتداد الحدود في أرمينيا والعراق وإيران وسوريا وتركيا.
وكانت، أعلنت الإدارة الذاتية الكردية، الأربعاء، "النفير العام" على مدى 3 أيام، في مناطق سيطرتها في شمال وشمال شرقي سوريا، بعد ساعات من تأكيد أنقرة أنها ستبدأ هجومها قريبا، وإرسالها تعزيزات عسكرية إلى الحدود.
وقالت الإدارة الذاتية في بيان: "نعلن حالة النفير العام لمدة 3 أيام على مستوى شمال وشرقي سوريا، ونهيب بكافة إداراتنا ومؤسساتنا وشعبنا بكل مكوناته التوجه إلى المنطقة الحدودية المحاذية لتركيا للقيام بواجبهم الأخلاقي وإبداء المقاومة في هذه اللحظات التاريخية الحساسة".
ويأتي إعلان الإدارة الذاتية الكردية بعد تأكيد أحد مساعدي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن القوات التركية ستعبر مع قوات الجيش السوري الحر الحدود التركية نحو الشمال السوري بعد قليل.
وثارت النزعة القومية الكردية في تسعينيات القرن التاسع عشر، عندما كانت الإمبراطورية العثمانية في أيامها الأخيرة.
وبعد ثلاث سنوات مزق كمال أتاتورك المعاهدة، وقسمت معاهدة لوزان لعام 1924 الأكراد على الدول الجديدة في الشرق الأوسط.
وقال التقرير، إنه قبل الانتفاضة السورية عام 2011 كان الأكراد يمثلون ما بين 8% و10% من السكان.
وحرمت الدولة البعثية، التي تمجد القومية العربية، آلاف الأكراد من حق المواطنة ومنعتهم من استخدام لغتهم وقلصت نشاطهم السياسي.
وتعتبر القوات الكردية من أكبر الفائزين في الحرب فسيطرت على نحو ربع مساحة البلاد، وهي مناطق غنية بالنفط والمياه والأراضي الزراعية، وهي أكبر مساحة في سوريا خارج نطاق سيطرة الدولة، وأصبحت لهم الآن قواتهم وإدارتهم.
وتنامى نفوذ المقاتلين الأكراد بانضمامهم للقوات الأمريكية، في استعادة أراضٍ من تنظيم داعش.
ووفر نشر القوات الأمريكية مظلة أمنية ساعدت في توسيع نطاق النفوذ الكردي، لكن واشنطن تعارض خطط الأكراد للحصول على الحكم الذاتي.
ويقول زعماء أكراد سوريا إنهم لا يسعون للانفصال بل لحكم ذاتي في إطار الدولة السورية، ويخشون كذلك هجوم تركيا التي ترى أن وحدات حماية الشعب الكردية السورية تشكل تهديدًا على امتداد حدودها.
وأعلنت الإدارة الكردية في شمال سوريا حالة ”التعبئة العامة“ في شمال وشرق البلاد.
وتطرق التقرير إلي أن الأكراد يشكلون في تركيا نحو 20% من السكان.
وحمل حزب العمال الكردستاني السلاح ضد الدولة عام 1984، وشن تمردًا للمطالبة بالحكم الذاتي في الجنوب الشرقي الذي تقطنه أغلبية كردية، ومنذ ذلك الحين قتل أكثر من 40 ألف شخص في الصراع.
وألقي القبض على عبد الله أوجلان زعيم الحزب عام 1999، وجرت محاكمته وحكم عليه بالإعدام، وخفف الحكم بعد ذلك إلى السجن مدى الحياة بعد أن ألغت تركيا عقوبة الإعدام.
وألغى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قيودًا على اللغة الكردية، وأجرت الحكومة محادثات مع أوجلان، المسجون في جزيرة قرب إسطنبول عام 2012، لكنها انهارت وتجدد الصراع.
وتصنف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية.
وشن الجيش التركي ضربات متكررة على أهداف في المنطقة الكردية العراقية قرب معقل حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل.
وقال أردوغان إنه سيسحق وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، التي تعتبرها أنقرة فرعًا لحزب العمال الكردستاني وأرسل قوات إلى شمال سوريا لمهاجمة المقاتلين الأكراد وإجبارهم على التقهقر.
ووفق التقرير، يشكل الأكراد في العراق ما بين 15 و20% من السكان يعيش أغلبهم في محافظات إقليم كردستان العراق الثلاث شمال البلاد.
واستهدف حكم صدام حسين أكراد العراق بأسلحة كيماوية في أواخر الثمانينيات، ودمر قرى وأجبر آلافًا منهم على الانتقال إلى مخيمات.
وحصلت المنطقة على حكم ذاتي منذ عام 1991 ولها حكومتها وقواتها المسلحة الخاصة، لكنها لا تزال تعتمد في الميزانية على الحكومة المركزية في بغداد.
وعندما اجتاح تنظيم داعش جزءًا كبيرًا من شمال العراق عام 2014، استغل مقاتلون أكراد انهيار السلطة المركزية وسيطروا على كركوك، المدينة المنتجة للنفط التي يعتبرونها عاصمتهم الإقليمية القديمة، ومنطقة أخرى موضع نزاع بين بغداد والشمال الكردي.
وفي ظل دعم أمريكي، هزمت القوات العراقية ومقاتلو البشمركة الكردية تنظيم داعش.
ونظم أكراد العراق استفتاء على الاستقلال في سبتمبر أيلول 2017، أتى بنتائج عكسية وأثار أزمة إقليمية في ظل معارضة بغداد وقوى أخرى في المنطقة.
وأثار الاستفتاء ردًا عسكريًا واقتصاديًا من بغداد التي استردت منطقة كانت قوات كردية تسيطر عليها منذ عام 2014، وتحسنت العلاقات منذ ذلك الحين، لكن لا تزال هناك توترات بشأن صادرات النفط وتقاسم الإيرادات.
وفي إيران، يشكل الأكراد نحو 10% من السكان، في عام 2011، تعهدت إيران بتكثيف العمل العسكري ضد حزب الحياة الحرة لكردستان، وهو فرع لحزب العمال الكردستاني يسعى لحكم ذاتي أوسع للأكراد في إيران.
وتقول جماعات حقوقية إن الأكراد، وأقليات دينية وعرقية أخرى، يواجهون تمييزًا في ظل المؤسسة الدينية الحاكمة.
وأخمد الحرس الثوري الإيراني الاضطرابات الكردية لعشرات السنين، وأصدر القضاء الإيراني أحكامًا على كثير من النشطاء بالسجن لفترات طويلة أو بالإعدام.
وطالبت القوات المسلحة الإيرانية السلطات العراقية بتسليم معارضين أكراد انفصاليين متمركزين هناك وإغلاق قواعدهم.

شارك