هجوم سوريا.. هل يُعطي «أردوغان» قبلة الحياة لـ«داعش»؟
الخميس 10/أكتوبر/2019 - 11:44 ص
طباعة
شيماء حفظي
حذرت ألمانيا ودول أوروبية، من أن يتسبب الهجوم التركي على شمال سوريا، في زعزعة الاستقرار بالمنطقة، وأن يعطي الفرصة لإعادة ترتيب صفوف تنظيم «داعش» الإرهابي.
وكان الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، أعلن الأربعاء 9 أكتوبر 2019، بدء العملية العسكرية شمال شرقي سوريا، مستهدفًا ما قال إنها "تنظيمات إرهابية"، على حد تعبيره.
وقال أردوغان، الذي أطلق على العملية اسم "نبع السلام"، إن "الجيش أطلق العملية العسكرية ضد تنظيمي (بي كا كا) و(داعش) الإرهابيين"، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا، فيما أوضح مسؤول أمني تركي أن العملية العسكرية في سوريا بدأت بضربات جوية وتدعمها نيران المدفعية ومدافع الهاوتزر.
وتلوح تركيا منذ أشهر بشن هجوم على مناطق في شرق الفرات تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية المعروفة بـ«قسد» - الشريك الرئيسي للتحالف الدولي بقيادة واشنطن في مواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي.
وشكل المقاتلون الأكراد رأس حربة الهجوم الدولي على «داعش»، إذ نجحوا في طرده من مناطق واسعة في شمال شرق سوريا، وحصلوا على دعم الدول الغربية، كما يتولون الآن الإشراف على مخيمات احتجاز مقاتليه.
لكن وعلى جانب آخر تعتبر "أنقرة" المقاتلين الأكراد "إرهابيين" تمامًا مثل تنظيم "داعش"، وتراهم امتدادًا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردًا مستمرًا ضدها منذ عام 1984.
وتعتزم أنقرة إقامة "منطقة آمنة" في شمال سوريا، والهدف عمليًّا هو إقامة شريط بعمق 30 كيلو مترًا وبطول نحو 500 كلم، يمتد من الفرات إلى الحدود العراقية، ويفصل بين الحدود التركية ومواقع قوات سوريا الديمقراطية.
وفي حين كانت أعداد كبيرة من المقاتلين الأكراد مكلفين بحراسة عناصر من "داعش"، فإن الوضع الآن سيختلف، حيث سيتوجه هؤلاء لصد الهجوم التركي، دفاعًا عن معركتهم الخاصة.
وما يقرب من 12 ألف إرهابي ممن كانوا تحت حراسة القوات الكردية، قد باتوا يمثلون الآن "أولوية ثانية" بالنسبة لهم، عقب الهجوم التركي.
قبلة حياة
يرى مراقبون أن ما يجري من "توغل تركي" و"انسحاب أمريكي" يعد بمثابة "قبلة الحياة" للجماعات الإرهابية، التي يزدهر نشاطها وتعود للظهور في حالات الفراغ، كتلك الموجودة حاليًا في شمال سوريا.
وقال فواز جرجس أستاذ سياسات الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، إن "المستفيد الأكبر من الانسحاب الأمريكي من الشمال السوري هو تنظيم «داعش».
وأضاف في تصريحات لموقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي": "سيرى الجميع، وأتمنى أن أكون مخطئًا، ظهور الخلايا النائمة للتنظيم الإرهابي، مستغلة العنف الدائر في شمال سوريا والهجوم التركي".
وقالت مديرة معهد الخدمات الملكية المتحدة كارين فون هيبل، إن انسحاب الأكراد من شمال سوريا وتركهم لمعسكرات الاعتقال الخاصة بمقاتلي «داعش» سيجعل المنطقة نواة لظهور نسخ جديدة من التنظيم الإرهابي.
وأصبح الأكراد الآن مجبرين على قتال تركيا مثلما كانوا مجبرين على القتال ضد «داعش»، وإن كانوا سيستخدمون الخبرة التي اكتسبوها في الحرب والتسليح والأعمال العسكرية، بما يمكنهم من مواجهة الهجوم التركي.
وقال تقرير صادر عن "مركز دراسات الحرب"، وهو مؤسسة أبحاث غير حكومية مقرها واشنطن: إن «داعش» يجمع الأموال لتحرير مقاتليه، الذين يقدر عددهم بنحو 2000 مقاتل أجنبي مسجونين في العراق وسوريا.
كما نقلت صحيفة "صن" البريطانية، عن مصادر لم تسمها، أن هناك محاولات لتهريب عدد من الدواعش المحتجزين في المخيمات، خاصة المجندين الأجانب.
وذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية أيضًا أن خبراء أمن يرون أن الوقت ينفد أمام الدول في إعادة مواطنيها المحتجزين في المخيمات، قبل أن يتمكنوا من الهرب.
واضافة إلى محتجزي المخيمات، فإن تقريرًا أمريكيًّا، كشف أن تنظيم "داعش" الإرهابي يحاول التحرك، لأجل فك أسر الآلاف من عناصره الذين اعتقلوا في سوريا والعراق، في مسعى إلى استعادة "الخلافة المزعومة".
وبحسب ما نقلت "الصن" البريطانية، فإن «داعش» يحرك لإخراج متطرفيه من السجون، بعدما قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إن بلاده ستنقل متشددي «داعش» المعتقلين إلى حدود أوروبا، إذا لم تبادر فرنسا وألمانيا ودول أوروبية أخرى إلى استعادة رعاياها من بينهم.
وتشير التقديرات إلى وجود ما بين 8 آلاف و10 آلاف معتقل من التنظيم في كل من العراق وسوريا، فيما تحتجز قوات سوريا الديمقراطية المعروفة بــ"قسد" نحو ألفي معتقل.
وتعتبر الإدارة الأمريكية المحتجزين الدواعش في سوريا والعراق، قنابل موقوتة تهدد بعودة التنظيم في أي وقت، وهو ما دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى مخاطبة الدول الأوروبية بتسلم مواطنيها الذين انضموا للتنظيم من بين المحتجزين.
ويرى المحلل السياسي خالد الزعتر، في تغريدات على حسابه على موقع التواصل "تويتر" أن الأكراد قوة فاعلة ومؤثرة في الأرض السورية، وأن محاولات تركيا لإضعافهم، الهدف منها تقوية التنظيمات الإرهابية مثال "داعش" الذي تصدت له القوات الكردية، مضيفًا أن منع عودة داعش من جديد يتطلب تكثيف الدعم لأكراد سوريا لأنهم هم القوة التي يعول عليها في التصدي لإرهابه.