كيف التقط ترامب أخطر «الدواعش» من قبضة الأكراد؟
الجمعة 11/أكتوبر/2019 - 11:10 ص
طباعة
نهلة عبدالمنعم
بينما ينتهك الجيش التركي الأراضي السورية لمهاجمة القوات العسكرية للأكراد على الحدود، أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب الأربعاء 9 أكتوبر 2019، احتجاز بلاده لاثنين من أخطر وأهم عناصر «داعش»، قائلاً: إن الولايات المتحدة نقلت بعض عناصر التنظيم العنيفة؛ خوفًا من هروبها خلال المعارك.
ورجحت وسائل الإعلام الأجنبية، ومنها صحيفة «ميرور» البريطانية، أن العناصر التي نقلتها القوات الأمريكية إلى مكان آمن بعيدًا عن القتال هم أعضاء «خلية البيتلز» الداعشية أليكساندا كوتي، وشافعي الشيخ، اللذان احتدما حولهما الجدال في السابق، كونهما بريطانيان تريد دولتهما إعدامهما بالولايات المتحدة.
القصة الكاملة
وخلية البيتلز هي إحدى فرق داعش الأكثر عنفًا وخطورة، وكانت معنية بخطف الرعايا الأجانب بسوريا إبان سيطرة التنظيم على المنطقة، وتم تسميتها بهذا الاسم؛ لأنها تتشكل من أربعة عناصر من البريطانيين، تشبه لكنتهم الفرقة الموسيقية الشهيرة التي تحمل ذات الاسم، وكان يقود المجموعة محمد إموازي الشهير بـ«الجهادي جون» الإرهابي المقتول في 12 نوفمبر 2015 بطائرة أمريكية بدون طيار «درون».
واشتهرت الفرقة بتنفيذ عمليات مروعة ضد الأجانب ممن خطفهم التنظيم، سواء بتعذيبهم بالصعق الكهربائي أو إغراقهم في المياه، أو الذبح مثلما تم فعله مع الصحفي الأمريكي جيمس فولي في أغسطس 2014، والصحفي الياباني كينجي جوتو، والذي قتلوه في 31 يناير عام 2015 بسوريا أمام كاميراتهم الدعائية، وكانت عمليات القتل تتم للضغط على الحكومات لتقديم فدية، وتسهيلات استراتيجية لعدم ذبح رعاياهم.
وفي فبراير 2018 تمكنت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية بإلقاء القبض على أليكساندا كوتي، وشافعي الشيخ، ولكن في يوليو 2018 كشفت الصحف البريطانية عن وثيقة سرية بعث بها وزير الداخلية البريطاني آنذاك، ساجد جافيد إلى مسؤولي الولايات المتحدة، يطلب منهم نقل البريطانيين الخطيرين إلى معتقل جوانتانامو سيئ السمعة، متعهدًا بعدم مطالبة البلاد مستقبلا بأي ضمانات تجاه هذا الأمر، وهو ما أحدث الكثير من الجدال في المجتمع الذي ترفض قيمه وقوانينه أحكام الإعدام.
لماذا الآن؟
لطالما تحدثت الصحف الأجنبية عن معتقلات الدواعش بسوريا، ومدى تفشي التطرف بداخلها، وذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أن عدد المحتجزين من عناصر التنظيم قد بلغ 10000 عنصر، بينهم الآلاف من الأجانب والغربيين، وفي إطار المطالبات المتعددة من قبل وسائل الإعلام والنساء والأطفال المحتجزين للعودة إلى بلادهم، رفضت الكثير من الحكومات الأوروبية هذا الأمر، معللة ذلك بكونهم خطرًا كبيرًا على الأمن القومي للدول.
ولكن بعد الاجتياح العسكري التركي باتت معسكرات الاعتقال في خطر، إذ رجحت «ميرور» أنها ستحصل على درجة تأمين أقل في ظل انشغال القوات الكردية بالدفاع عن أرضها أمام العدوان التركي، وعليه ستنشغل عن فرض السيطرة على أماكن الاحتجاز، ولذلك قرر ترامب نقل العناصر الخطيرة بعيدًا عن مناطق الصراع.
نقاط التعاون والاستعادة
هذا يحيلنا إلى نقطتين في غاية الأهمية أولهما يتمثل في قيام العسكرية الأمريكية بالتقاط العناصر الخطيرة -من وجهة نظرها- من داخل معسكرات الأكراد التي ادعى ترامب إيقاف التعاون معها أو مساندتها عسكريًّا، ولكن يبدو ذلك غير متجانس مع تسلم العناصر، والذي بالتأكيد تم عبر تفاهمات بينهم، فهذه المعسكرات تحت سيطرة تامة للأكراد.
والأمر الثاني يرتكز على احتمالية قيام الدول الغربية حاليًّا بالتقاط عناصرها التي رفضتهم في السابق، فلم يعد الأمر مأمونًا وربما توظفهم تركيا في مهاجمة أهداف استراتيجية تربك بها حسابات الجميع.
كما أن التبرير الذي دأبت الدول الغربية على صياغته للرد على سؤال (لماذا لم تتسلموا رعاياكم؟) ومفاده بأن الجهات الأمنية فقدت مسارهم يبدو الآن فاقدًا للمنطق، فالجميع يعرف مواطنيه، وأماكن احتجازهم بالضبط.