دوافع العملية العسكرية التركية في الشمال السوري

الجمعة 11/أكتوبر/2019 - 02:17 م
طباعة دوافع العملية العسكرية أحمد سامي عبدالفتاح
 
لا يزال الجدل قائمًا داخل تركيا حول جدوي العملية العسكرية في الشمال السوري، والتي تهدف بالأساس إلى توسيع النفوذ التركي في الشمال السوري على حساب وحدات حماية الشعب الكردية الممولة أمريكيا.

ورغم التضارب في المواقف والمصالح، فإن بعض المراقبين يرون أن تركيا تمتلك عددًا من الدوافع للقيام بتلك العملية بشكل عاجل.


أولا دفع اللاجئين نحو العودة: فترغب تركيا في إقامة منطقة آمنة بهدف تشجيع اللاجئين على العودة مرة أخرى إلى بلادهم، وفي حالة تحقق هذا الأمر، فإن الضغط على الاقتصاد التركي سيقل، خاصة أن وزارة الخارجية التركية أعلنت أن أنقرة صرفت ما قيمته 35 مليار ليرة على أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري، كما أعلن وزير الداخلية أن أنقرة لن تقوم بترحيل اللاجئين السوريين الذين لا يمتلكون بطاقة الحماية المؤقتة، بل ستقوم بتصحيح أوضاعهم القانونية وتوزيعهم على المدن التركية.

كما يرغب النظام التركي بقدر الإمكان في التخلص من عبء اللاجئين، خاصة بعد توحد خطاب المعارضة في هذه القضية، وهو الأمر الذي دفع شعبية الحزب الحاكم إلى التدهور مؤخرًا.

ثانيا، تعميق النفوذ التركي في الشمال السوري: لاشك أن إقامة منطقة آمنة بطول 32 كيلومترًا، كما ترغب تركيا، سيعمق نفوذها في الشمال السوري على حساب كل من الأكراد والنظام السوري؛ لأن أي عملية عسكرية سوف يتكون قوام قواتها البرية الرئيسية من الفصائل المسلحة التي تتخذ من إدلب مقرًّا لها، على أن توفر تركيا دعمًا بريًّا وجويًّا لمثل هذه العمليات.

وفي الوقت ذاته، يثار عدد من التساؤلات حول مدة بقاء الأتراك في الشمال السوري، خاصة أن روسيا وايران ستعملان على تقويض الدور التركي باعتباره تهديدًا لمصالحهما، وتعمد تركيا من العملية العسكرية إلى تقوية دورها في أي عملية عسكرية مقبلة، من خلال انتهاج سياسة الأمر الواقع.

ثالثا، تأمين حدود تركيا الجنوبية: يدور الهدف الرئيسي لأي عملية عسكرية تركية في الشمال السوري حول إضعاف وحدات حماية الشعب الكردية التي تتلقي دعمًا أمريكيًّا، والتي تعتبر أداة الولايات المتحدة للتأثير في مخرجات الصراع في سوريا، وتقول تركيا كما جاء على لسان وزير خارجيتها بأنها لن تسمح بإنشاء حزام أمني كردي على حدودها الجنوبية.

رابعًا، زيادة شعبية الحزب الحاكم: فمن المؤكد أن حزب العدالة والتنمية يدفع بعملية عسكرية من أجل التغطية على فشل الحزب الداخلي، والذي تبلور في خسارة الانتخابات البلدية في ولاية إسطنبول، علاوة على ذلك، يرغب الحزب في تعبئة النزعة القومية لدي المواطنين من خلال الاندماج العسكري المباشر في النزاع السوري ضد وحدات حماية الشعب.

خامسًا، تعميق التحالف مع حزب الحركة القومية: يعمل حزب العدالة والتنمية على شن العملية العسكرية، من أجل تعميق تحالفه الإستراتيجي مع الحركة القومية، وبدون هذا التحالف، من الممكن أن تقود المعارضة حملة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وهو الأمر الذي يرفضه الحزب الحاكم تمامًا، رغم معارضة العديد من كوادر الحزب للتحالف مع حزب الحركة القومية، ومثل هذا الأمر دفع العدالة والتنمية إلى فقدان أصوات الأكراد، وقد كان ذلك في حد ذاته، سببًا محوريًّا في خسارة العدالة والتنمية للانتخابات البلدية في إسطنبول.

وجدير بالذكر أن جدلًا كبيرًا دار داخل أورقة صنع القرار في الولايات المتحدة، لأن التخلى عن الأكراد يضرب مصداقية الولايات المتحدة عرض الحائط، ويدفع حلفاءها في الشرق الأوسط للتوجه نحو قوي أخري مثل الصين وروسيا. 

من جانبه، أكد محمد حامد الباحث المختص في الشأن التركي، أن أنقرة لم يكن لديها رغبة في القيام بعمل عسكري أحادي الجانب بسبب خوفها من الاستنزاف على أيدي وحدات حماية الشعب بالكردية، خاصة أن الأخيرة تلقت دعمًا أمريكيًّا كبيرًا تضمن مساعدات مالية ضخمة وأسلحة. 

وأكد في تصريح لـه أن خطوط العملية العسكرية التركية سوف تتم بالتوافق مع الولايات المتحدة، ولن تجرؤ تركيا على تجاوز الخطوط العريضة المرسومة لها، تحت أي ظرف. 

وقال الباحث المختص في الشأن التركي إن تركيا لن تتمكن من تحقيق أهدافها في فترة قصيرة، ولذلك فمن المرجح أن تتم العملية على عدة مراحل.

شارك