بين عملية تركيا وتظاهرات العراق.. ما وراء مناورات إيران العسكرية
السبت 12/أكتوبر/2019 - 09:53 ص
طباعة
علي رجب
مشهد معقد ومرتبك تعيشه منطقة المشرق العربي التي تشهد تطورات بالغة الخطورة، مع بدء عمليات عسكرية تركية ضد الأكراد في شمالي سوريا، والتظاهرات العراقية، والتوترات في الخليج العربي، إضافةً إلى التظاهرات داخل الشارع الإيراني، شواهد حركت مناورات عسكرية مفاجئة للجيش الإيراني على الحدود مع تركيا وكردستان العراق.
وأعلن الجيش الإيراني، انطلاق المناورات بحضور القائد العام للجيش الإيراني اللواء عبد الرحيم موسوي، وبمشاركة وحدات التدخل السريع والوحدات المتحركة الهجومية، بدعم من مروحيات طيران الجيش في المنطقة العامة لمدينة أرومية، مركز محافظة أذربيجان الغربية الواقعة شمال غربي إيران.
تجدر الإشارة إلى أن أذربيجان الغربية، هي إحدى محافظات إيران الإحدی والثلاثين، ومركزها مدينة أرومية، وکان سکانها الأتراك والأكراد يشكلون أكثر سکان المحافظة، بينما الآشوريون والأرمن يشكّلون البقية من السكان.
قومية الآذر
وتشكل أذربيجان الغربية امتدادًا لجغرافية قومية الآذر، إحدى القوميات التركية؛ حيث تحدها من الشمال دولة أذربيجان، وتركيا، ومن الغرب كل من تركيا والعراق، وتشترك إيران وأذربيجان في حدود مباشرة يزيد طولها على 760 كيلومترًا، إضافةً إلى إطلالهما على بحر قزوين الذي يعتبر مخزنًا غنيًّا بالنفط والغاز.
وأشارت وكالة «أنباء فارس» المقربة من الحرس الثوري، إلى أن أحد أهداف هذه المناورات، هو تقييم الجهوزية القتالية، وسرعة المبادرة والتحرك، وتنقل الوحدات تحت شعار «هدف واحد رصاصة واحدة».
وأوضح القائد العام للجيش الإيراني عبد الرحيم موسوي، أسباب إقامة المناورات المفاجئة للقوة البرية في شمال غرب البلاد.
وقال اللواء موسوي بهذا الخصوص: بعد تغيير طبيعة وحدات القوة البرية للجيش إلى وحدات هجومية متحركة، وتشكيل وحدات الرد السريع، بدأ تنظيم وتجهيز وتدريب هذه الوحدات على أساس هذه الأهداف الجديدة، وكان لا بد من إجراء اختبار بطريقة مفاجئة وغير متوقعة؛ لنرى مدى قدرة هذه الوحدات على الاستعداد القتالي والتحرك.
وأضاف: ما زالت مراحل هذه المناورات جارية حاليًّا، ولحسن الحظ فإن هذا الاختبار كان جيدًا للغاية حتى الآن، وحققت هذه الوحدات نتائج جيدة، من حيث السرعة والحركة والهجوم نحو الأهداف المرسومة ، وهو ما يبعث على الأمل.
تنشط في محافظات أذربيجان الغربية والشرقية وزنجان أو ما يسمى بأذربيجان الجنوبية، جماعات مسلحة تدعو للانفصال عن طهران، والانضمام إلى جمهورية أذربيجان، أو أذربيجان الشمالية؛ لتكون دولة قوية للآذر في وسط آسيا.
وأشهر الحركات الأذرية هي حركة التحرير الوطنية الآذرية، وتسعى للاتحاد مع جمهورية أذربيجان، وتنشط أعمال هذه الحركة في أقاليم همدان وقزوين والكرج ومناطق الغرب الإيراني، وتحاول جمع شتات العرق الإيراني ذي الأصول التركية في إيران تحت لواء واحد؛ حيث يعانون من التحقير بأساليب متنوعة يمارسها النظام الإيراني من خلال الإعلام والفن، ودائمًا ما يتم تصوير الآذريين من أنهم من الطبقة الدنيا في المجتمع الإيراني.
كذلك يتركز الأكراد في ثلاث محافظات غرب إيران: كرمنشاه، وأذربيجان الغربية، وكردستان الإيرانية، وكلها محافظات قريبة من الحدود مع إقليم كردستان العراق، ويقدر عددهم في إيران بنحو 10 ملايين نسمة، أغلبهم من السنة، وربما يفسر هذا رد الفعل العنيف من الدولة الشيعية على استفتاء كردستان.
الفصل المستحيل
من جانبه، قال الكاتب والباحث المصري المتخصص في الشؤون الإيرانية، أسامة الهتيمي: إنه لا يمكن الفصل ما بين تحركات القوات الإيرانية التي جرت مؤخرًا على الحدود التركية، سواء كان ذلك في إطار تدريبات أو مناورة عسكرية وبين ما يحدث في الشمال السوري؛ حيث العملية العسكرية التي تعتزم القوات التركية القيام بها.
وأضاف الهيتمي قائلًا: «ومن ثم فإن ثمة أسباب عملية تدفع إيران للقيام بمثل هذه التحركات، ومنها مثلًا أنها محاولة استباقية لعملية تأمين الحدود؛ خشية أن تحدث تحركات من قبل بعض الأحزاب الكردية الإيرانية، خاصة المسلحة منها كلون من ألوان التضامن مع إخوانهم الأكراد في الشمال السوري، والذين سيكونون الهدف الأول للقوات التركية في عمليتها العسكرية المفترضة، وهو الأمر الذي في حال حدوثه سيكون كفيلًا بتعقيد المشهد لأقصى درجة؛ إذ يفتح ذلك الباب على مصراعيه؛ لتوسيع حدود هذه المعركة؛ حيث لن يتردد الكثير من الأكراد القوميين في كل من إيران والعراق أيضًا، على أن يستغلوها فرصة لإحداث حالة فوضى، وتفجير الأوضاع في تلك المنطقة كخطوة للفت أنظار العالم لتحقيق حلم الدولة الكردية».
وتابع الخبير في الشأن الإيراني، أن «الحقيقة أن هذا ليس مستبعدًا؛ إذ يمكن للأكراد المتضامنون مع أبناء قوميتهم من أبناء قوات سوريا الديمقراطية أن يخترقوا الحدود إلى تركيا؛ لتنفيذ عمليات مسلحة للضغط على الأتراك؛ من أجل وقف عمليتهم في الشمال السوري أو تهديد الحدود التركية مع العراق بالتعاون مع أكراد العراق، وهو ما سيضع إيران في موقف حرج مع تركيا التي تشهد العلاقة بينهما في الوقت الحالي حالة تنسيق غير مسبوقة بعد أن أعلنت تركيا بوضوح شديد تضامنها مع إيران، ورفضها للعقوبات الأمريكية على إيران، ومن ثم فإن إيران لست راغبةً فضلًا عن أنها ليست قادرة على توتير العلاقة مع تركيا في الوقت الحال».
واختتم الهتيمي قائلًا: «كذلك تحرص إيران ومن خلال هذه التحركات أن تبعث لأمريكا، ولكل دول الإقليم، أن قواتها العسكرية على أهبة الاستعداد دائمًا، خاصةً أن هذه التحركات تأتي بعد أسابيع قليلة من العديد من المناورات العسكرية في مناطق مختلفة من أنحاء إيران، وهي إشارة إلى أن إيران في يقظة دائمًا، وأنها على استعداد تام للتعامل مع أي ضربات عسكرية من هنا أو هناك».