«نصرة الإسلام».. إرهاب «القاعدة» يجتاح مالي
السبت 12/أكتوبر/2019 - 02:03 م
طباعة
آية عز
شهدت مالي -مؤخرًا- تزايد عمليات العنف؛ حيث أعلنت ما تُعرف بـ«جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة للقاعدة، مسؤوليتها عن جميع الأعمال الإرهابية التي حدثت في مالي على مدار شهر سبتمبر 2019، وذلك من خلال بيان نشرته عبر أحد المنابر الإعلامية التابعة لها في موقع التواصل الاجتماعي «تيليجرام».
ويتعامل «القاعدة» مع مالي على أنها أهم معاقله الإرهابية في أفريقيا؛ حيث ينشط بشكل كبير في تلك الدولة، وعلى وجه التحديد في باماكو؛ وذلك بسبب موقع مالي الجغرافي المتميز، الذي يتيح لعناصر التنظيم الإرهابي -من خلال الصحراء- التنقل إلى كلٍ من الجزائر وتونس والمغرب وبعض البلدان الأفريقية الأخرى.
حضور قاعدي
بتأكيد الحضور القاعدي في مالي، هرع سلاح الجو الفرنسي إلى إنقاذ مصالح باريس في باماكو تحديدا، وفي دول جوار مالي بصفة عامة، فقصف المقاتلات الفرنسية عام 2013 عدة أوكار للقاعدة في شمال مالي؛ للحيلولة دون قيام إمارة للتنظيم في مالي.
تقارير أمنية
يتضح من خلال تقارير أمنية أصدرتها مالي، أن جميع العناصر التي يعتمد عليها القاعدة في مالي من الشباب، ومعظمهم غير معروفين ولديهم مهارة قتالية عالية، لذلك يصعب السيطرة عليهم أو الإمساك بهم؛ خاصة أن معظمهم من قاطني الجبال في الصحراء المالية.
وأشارت التقارير، إلى أن هؤلاء الشباب يعملون كالذئاب المنفردة، ويقومون بأعمال إرهابية كبرى ضد جنود الجيش، والدول العربية المجاورة، ثم يفرون دون أن يستطيع أن يمسك بهم أحد.
وأوضحت التقارير أن الجهات الأمنية المحلية عجزت عن السيطرة عليهم، بسبب سرعتهم في الهرب، وتنفيذ العمليات بسرعة رهيبة، وذلك لأنهم يتلقون تمويلات أجنبية كثيرة، ويحصلون على الأسلحة من التنظيمات الإرهابية الموجودة في ليبيا، ويستعينون بالجماعات المتطرفة الموجودة في الجزائر وتونس والمغرب؛ خاصة التنظيمات التابعة للقاعدة، وكل هذه الأسباب جعلت التنظيم أكثر قوة في مالي.
نصرة الإسلام والمسلمين.. قاعدة الدم
بمقطع فيديو رديء التصوير أعلن تنظيم القاعدة عام 2017 تدشين فرع إرهابي له في مالي تحت اسم نصرة الإسلام والمسلمين، وظهر في المقطع عدد من قيادات الجماعات الإرهابية في المنطقة، مثل: إياد غاري، أمير جماعة أنصار الدين، وجمال عكاشة من ما يسمى تنظيم جبهة الصحراء التابعة لتنظيم «القاعدة» في بلاد المغرب الإسلامي، الذي مثله أيضًا أبو عبد الرحمن الصنهاجي، وعبد المالك درودكال الملقب بأبي مصعب أبو داوود، وأمير جبهة تحرير ماسينا محمد كوفا، والحسن الأنصاري، القيادي بتنظيم «المرابطون» التابع الذي يقوده مختار بلمختار.
وتأسست «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، بعد أقل من شهر على اشتراك 5 دول بالمنطقة: (مالي وموريتانيا والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو) فى تأسيس قوة عسكرية مشتركة لمحاربة الإرهاب في المنطقة، كما تزامن تأسيسها مع مساعي فرنسا لتعزيز وجودها على الحدود بين مالي والنيجر، بعد تنامي العمليات التي شهدتها تلك المنطقة، والتي كان آخرها الاعتداء على دورية عسكرية قتل خلاله 15 جنديًّا في 24 فبراير 2017.
وبعد يومين من الإعلان عن تأسيس تلك الجماعة، نفذت هجوم على صفوف الجيش المالي أوقع 11 قتيلًا و5 جرحى، بتاريخ 5 مارس 2017، وفي 29 من الشهر نفسه تبنت الجماعة هجومًا آخر، وفي 5 أبريل قتلت الجماعة جنديًّا فرنسيًّا في غابة «ههيرو»، وفي 18 من الشهر التالي خاضت الجماعة معركة مع الجيش المالي خلفت 16 قتيلًا و4 أسرى بين صفوف التنظيم، وعلى الجانب الآخر سقط 5 قتلى وحوالي 20 جريحًا بين صفوف الجيش المالي، وفي 18 يوليو من العام نفسه تبنى التنظيم هجومًا على مدينة باماكو الذي أسفر عن مقتل 8 بينهم 4 مدنيين.
وعلى الرغم من قلة عدد أفراد هذه الجماعة الجديدة؛ حيث تقدرها المخابرات الفرنسية بنحو 500 عنصر، فإن خطورتها تكمن في تبعيتها لتنظيم «القاعدة»؛ حيث يشكل ذلك دافعًا لانتشارها على أوسع نطاق وتنفيذ عملياتها خارج حدود مالي، وهو ما نلاحظه في الهجوم الذي شنه التنظيم في 2 مارس 2017 على مقر رئاسة أركان الجيش والسفارة الفرنسية في أوغادوغو عاصمة بوركينا فاسو؛ ما أسفر عن مقتل 8 وإصابة 12 بجروح بالغة، بحسب التقارير الرسمية.
من جانبه، قال محمد عز الدين، الباحث المتخصص في الشؤون الأفريقية: إن دولة مالي من أكبر وأهم البلدان في القارة السمراء التي وضع تنظيم القاعدة منذ قديم الأزل موطئ قدم فيها، وذلك لعدة أسباب، أولها أن تلك الجماعة تنظر لفرنسا نظرة المستعمر، الأمر الثاني هو أن مالي تعتبر من دول المغرب الإسلامي القريبة للغاية من المغرب وتونس والجزائر، والقاعدة تحضر في هذا المحيط بشكل مكثف في صحراء تلك الدول، وخلال الآونة الأخيرة رغب التنظيم في أن تكون مالي ضمن هذا المثلث.
وأكد عز الدين في تصريح خاص لـه، أن القاعدة في مالي صعب القضاء عليها؛ لأن أغلب عناصرها يتخذون من الجبال والصحاري ملاذًا آمنًا لهم، والأجهزة الأمنية لا تستطيع الإمساك بهم؛ خاصة أنهم يفرون منهم بمنتهى السهولة في تلك المناطق الوعرة