تونس تختار رئيسها و«النهضة» مشغولة بتشكيل الحكومة
الأحد 13/أكتوبر/2019 - 08:55 م
طباعة
دعاء إمام
دُعي أكثر من سبعة ملايين ناخب تونسي، إلى الإدلاء بأصواتهم في جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية، التي يتنافس فيها رجل الأعمال نبيل القروي، وأستاذ القانون الدستوري قيس سعيد، المدعوم من حركة النهضة، المحسوبة على جماعة الإخوان.
وتأتي انتخابات الإعادة في وقت تنشغل فيه «النهضة» -التي حلت بالمركز الأول في الانتخابات التشريعية الأخيرة- بمفاوضات لتشكيل حكومة جديدة، وسط حالة من الانقسام بينها وبين الأحزاب، لا سيما «قلب تونس» الذي حصل على الكتلة الثانية، وهو الحزب الذي ينتمي إليه المرشح نبيل القروي.
وقالت أنجيلا كونتولي، الخبيرة في العلوم السياسية، إن الناخبين التونسيين يختارون رئيسًا جديدًا من بين اثنين كلاهما مستبعد؛ موضحة أن ترشح 26 شخصًا للمنصب حال دون نجاح أي من المرشحين في ضمان الأكثرية المطلقة في الجولة الأولى، ما استدعى هذه الجولة الثانية.
وأكدت في مقال نشره «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى»، أن الانتخابات النيابية في تونس أدت إلى انقسام الأصوات بين المرشحين، مرجحة أن يواجه الرئيس التونسي سلسلةً من التحديات المعقدة، بيد أن إطلاق سراح نبيل القروي من السجن، قبل أربعة أيام فقط من التصويت، يعني أن الانتخابات، من المرجح أن تمضي قدمًا، ولا تزال هناك أسئلة معلقة حول أثر اعتقال «القروي» واحتجازه على العملية الانتخابية.
وتابعت: «المرشح قيس سعيد يحظى علنًا بتأييد حزب النهضة الإسلامي، وهو شخص حازمٌ في معارضته للنظام وللدولة، حتى إنه طالب بحل البرلمان واستبداله بممثلين محليين، ومن المرجح أن «سعيد» تأثر بالاحتجاجات الاجتماعية التي اندلعت في فرنسا، والتي تجسد حالة عدم الاستقرار العام، وتدهور سبل العيش بين ملايين الفرنسيين، ومن ثم فإن حالة المظاهرات، والتجمعات الشعبية، واستطلاع مبادرات المواطنين، وتشكيل مؤسسات بلدية موازية، أو ما يعادلها من مؤسسات الحديثة، هو ما يتطلع إليه، فتونس ليست دولة محصنة ضد المواجهة الدولية الدائرة حاليا بين مبادئ الوطنية والليبرالية الجديدة، والمنافسة الحرة وغير المشبوهة التي تدور بينهما».
وفيما يتعلق بـ«القروي»، أشارت «أنجيلا» إلى أن له مواقف متناقضة مع الكثير من هذه المواقف الاجتماعية، ويعدّ أحد أبرز المرشحين العلمانيين للرئاسة في الانتخابات الأولى بالرغم من اعتقاله بعد فترة وجيزة على بدء حملته السياسية بتهم التهرب الضريبي، وتبييض الأموال، ولكن، حتى من وراء القضبان، يمثّل القروي بالنسبة لناخبين كثر مثالاً عن الحداثة، وحرية التجارة، وحرية التعبير والانفتاح على الأحزاب المعتدلة والديمقراطية، وهذا ما يفسر استمراره في جذب الناخبين إليه.
وبحسب العدد الأخير من جريدة «الاتحاد العام» التونسي للشغل، قال رئيس التحرير: إنه عندما طلب راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، زيارة «القروي» في السجن، رفض الأخير وقال: «لا مفاوضات قبل أن أغادر السجن»؛ ما يؤكد أن خروج المرشح السجين يفتح الباب للتفاوض أو التحالف مع النهضة.
وأضافت الخبيرة السياسية بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، أنه وبغياب محكمة دستورية في تونس، تبقى قدرة «القروي» على المشاركة في الانتخابات كمرشح رئاسي فعلي مسألةً عالقةً، وفي حال خسارته في السباق الرئاسي، قد يصبح لديه آنذاك المسوغات اللازمة للطعن في نتائج الانتخابات، وبذلك تستمر مسألة المرشح الرئاسي المقبل في تونس لفترة أطول بعد، وفي هذا الحالة، لا يعرف أحد ما إذا كانت الانتخابات ستحدث مجددًا أو يستطيع التنبؤ بالظروف التي ستجري فيها.
ويتمتع منصب الرئيس في تونس بدرجة من التحكم المباشر في السياسات، تقل عن تلك الممنوحة لرئيس الوزراء، وأسفرت انتخابات تشريعية جرت الأسبوع الماضي عن برلمان منقسم بشدة دون مسار واضح لتشكيل حكومة ائتلافية جديدة.