عداء أردوغان للأكراد... يفضح عقود من التوغل التركي في سوريا والعراق
الإثنين 14/أكتوبر/2019 - 01:20 م
طباعة
فاطمة عبدالغني
على مدى عقود وتحت مسميات مختلفة شنت تركيا عمليات عسكرية واسعة النطاق داخل أراضي جارتيها العراق وسوريا مستهدفة الأكراد.
ففي الفترة ما بين 20 مارس/ 4 مايو عام 1995 أطلقت تركيا عملية عسكرية شمالي العراق بعنوان "عملية الفولاذ" استهدفت خلالها حزب العمال الكردستاني.
وفي 12 مايو/ 2 يوليو عام 1997، أرسلت تركيا نحو 30 ألف تركي للشمال العراقي لقتال وحدات حزب العمال الكردستاني في عملية باسم "المطرقة".
وفي 25 سبتمبر/ 15 أكتوبر من العام ذاته، بدأت القوات التركية عملية "الفجر" التي استهدفت خلالها مرة أخرى معسكرات حزب العمال الكردستاني في الشمال العراقي.
أما في 21 فبراير/ 29 فبراير عام 2008، عبرت القوات التركية الحدود إلى الشمال العراقي لمهاجمة الأكراد في عملية أطلق عليها اسم "الشمس".
وخلال الفترة الممتدة بين 24 أغسطس عام 2006 و31 مارس 2017 وخلال عملية أطلق عليها "درع الفرات" أبعدت القوات التركية وحدات حماية الشعب الكردي السورية من المنطقة الحدودية، كما سيطرة على المنطقة بين عفرين ومنبج.
وبين 20 يناير/ 24 مارس 2018 وخلال عملية "غصن الزيتون" انضم نحو 25 ألف من مسلحي المعارضة السورية إلى القوات التركية للسيطرة على بلدات وقرى خاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية.
وابتداءً من 9 أكتوبر 2019 إلى الآن، وتركيا تشن عمليات عسكرية شمالي سوريا لهدفين معلنين وهما إبعاد الأكراد عن الحدود التركية وإقامة منطقة آمنة.
يذكر أن تركيا وسوريا والعراق تضم أعدادا كبيرة من الأكراد الذين يطالبون بدرجات مختلفة من الحكم الذاتي، وكانت معاهدة "سيفر" الموقعة سنة 1920، وعدت الأكراد بالاستقلال، إلا أن مصطفى كمال أتاتورك مزّق هذه الاتفاقية بعد 3 سنوات، لتقسم معاهدة "لوزان" في عام 1923، الأكراد على الدول الجديدة في الشرق الأوسط.
ويمثل الأكراد في سوريا ما يقارب 28% من السكان، وقد استغل المقاتلون الأكراد المواجهات المسلحة التي اندلعت في البلاد سنة 2011، لينتزعوا الحكم الذاتي في شمال وشرق البلاد، مسيطرين على نحو ربع المساحة العامة لسوريا.
وفي العراق، يشكل الأكراد ما بين 15 و20% من السكان، يعيش أغلبهم في محافظات إقليم كردستان العراق، شمالي البلاد، والتي حصلت على حكم ذاتي منذ عام 1991، لكنها لا تزال تعتمد في الميزانية على الحكومة المركزية في بغداد.
أما الأكراد في تركيا، فيمثلون نحو 20% من السكان، وقد رسخت أنقرة على مدى عقود فكرة "العداء للأكراد"، وذلك من خلال عدد كبير من الادعاءات التي ساهمت في خلق فجوة بينهم ومحيطهم، على أمل الحيلولة دون بلوغهم لحلمهم ببناء دولتهم القومية.
وردا على تلك الإجراءات، حمل حزب العمال الكردستاني السلاح ضد الدولة عام 1984، ساعيا وراء تحقيق الحكم الذاتي في الجنوب الشرقي من البلاد، الأمر الذي ردت عليه تركيا بتصنيف الحزب كمنظمة إرهابية، وإطلاق عدة عمليات عسكرية شهدت فيها انتهاكات لسيادة العراق خلال فترة الحصار، التي فرضتها الولايات المتحدة على الجمهورية العراقية بعد عام 1991.
وخلال فترة حكم أردوغان للجمهورية التركية تضاعفت الأزمة الكردية بشكل كبير، رغم نجاح تركيا في القبض على عبد الله أوجلان، الذي قاد العمليات العسكرية التركية، في عام 1999، وسجنه بتهمة الخيانة العظمى، حيث ظلت المناوشات مستمرة بين الطرفين.
وفي عام 2013 أعلن أوجلان وقف إطلاق النار واعتبر الحدث تاريخيا، إلا أن تركيا شنت غارات في 2015 على مناطق الأكراد في سوريا ما أسقط الهدنة وفتح الباب لتدخل تركي في الأراضي السورية بحجة ملاحقة الأكراد، رغم أن تقارير كثيرة أكدت غض أنقرة نظرها بعد اندلاع الأزمة السورية سنة 2011، عن دخول أعداد كبيرة من المتطرفين عبر حدودها إلى الداخل السوري.
ومع إعلان تنظيم "داعش" الإرهابي قيام دولته المزعومة سنة 2014 على أجزاء من أراضي العراق وسوريا، تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية عبر تحالف دولي لمواجهة الإرهاب، وقد وجدت أنقرة في هذه الظروف فرصة لإطلاق عملية عسكرية في أغسطس 2016، حيث فرض الجيش التركي سيطرته على المناطق الواقعة غرب الفرات.
وفي مارس 2019 نجحت قوات سوريا الديموقراطية التي تشكل القوات الكردية الدعامة الأساسية لها في طرد تنظيم الدولة الإسلامية من الرقة شرق سوريا ثمّ السيطرة على معقله في الباغوز بسوريا.
وبفضل امتلاك الأكراد لهوية وثقافة أصيلة تعزز من وجودهم، يرى مراقبون أنهم قادرون على دعم مطالبهم لتحقيق نزعاتهم بوجودهم السياسي، حتى وإن تمكن أردوغان من إضعافهم سياسيا في العراق، وتوجيه ضربات عسكرية لهم في سوريا، والتحالف مع نظام الملالي ضدهم في إيران، فدوافع تحقيق حلمهم حاضرة وقادرة على تجسيدها متى توفرت الظروف المواتية لبعثها من جديد.