براجماتية الملالي.. وساطة إيرانية مقترحة بين سوريا وتركيا والأكراد
الإثنين 14/أكتوبر/2019 - 01:33 م
طباعة
نورا بنداري
في محاولة للظهور بشكل جديد تعمل دولة الملالي على إيجاد دور لها فيما يحدث داخل الأراضي السورية، من خلال طرح وساطة تهدف إلى إشراك الأكراد السوريين والحكومة السورية وتركيا في محادثات لإقامة الأمن على طول الحدود «التركية - السورية» في أعقاب التوغل العسكري التركي.
عرض هذه الوساطة وزير الخارجية الإيراني «محمد جواد ظريف» خلال لقائه مع القناة التركية «TRT» في 11 أكتوبر الجاري، إذ أوضح أنه يمكن لإيران المساعدة في جمع الكرد السوريين والحكومة السورية وتركيا حتى يتسنى للجيش السوري وتركيا حراسة الحدود معًا، بيد أن «ظريف» أشار في حديثه إلى اتفاق «أضنة الأمني» الذي جرى التوقيع عليه قبل 21 عامًا، ويلزم سوريا بالتوقف عن إيواء متشددي حزب العمال الكردستاني (PKK)، إذ قالت تركيا إن الاتفاق لم ينفذ أبدًا، فيما تقول دمشق إنها ملتزمة بهذا الاتفاق، ولذلك أكد الوزير الإيراني أن هذا الاتفاق لا يزال ساريًا بين تركيا وسوريا، وأنه يمكن أن يشكل سبيلاً أفضل لتحقيق الأمن.
من الجدير بالذكر أن الوساطة الإيرانية جاءت في اليوم الرابع من الهجوم التركي على ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية السورية، والتي تعتبرها أنقرة جماعة إرهابية لها صلات بحزب العمال الكردستاني، إضافة إلى أن إيران تشاطر تركيا القلق والمخاوف إزاء الأكراد، لهذا تحاول طهران أن تلعب دورًا يحافظ على علاقته بشريكها التركي، وأيضًا يخلصها من الأكراد.
تناقض
جاء الموقف الإيراني متناقضًا جراء العملية التركية في شمال شرق سوريا، إذ أعربت وزارة الخارجية الإيرانية عن قلقها إزاء تداعيات هذه العملية على الصعيد الإنساني، مشددة على ضرورة الوقف الفوري للهجمات، وانسحاب الوحدات العسكرية التركية من الأراضي السورية، كما ألغى رئيس مجلس الشورى الإيراني «علي لاريجاني»، زيارة كانت مرتقبة إلى تركيا عقب الهجوم على شمال شرق سوريا.
ورغم ذلك أكد الرئيس الإيراني «حسن روحاني» خلال جلسة حكومية في 9 أكتوبر الجاري؛ أن مخاوف تركيا بشأن حدودها الجنوبية مشروعة، ورأى أن الحل هو أن توقف تركيا عملياتها، وأن ينضم الأكراد إلى جيش النظام السوري.
مصالح إيرانية
من جانبه أشار «أحمد قبال» الباحث المختص في الشأن الإيراني بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى أن العملية العسكرية التركية الأخيرة ربما يتم استكمالها بعمليات أخرى تخشى طهران من تداعياتها، لكن من خلال الوساطة الإيرانية ومقترح وزير خارجيتها «ظريف»، ربما تقنع طهران النظام السوري بتقديم ضمانات بشأن عدم دعم وإيواء مسلحي حزب العمال الكردستاني، والعمل على تفكيك الكيان الكردي في الشمال السوري.
وأوضح «قبال» في تصريح لـه، أن مشكلة الأكراد تمثل أيضًا قضية أمن قومي بالنسبة لإيران، وحل مشكلتهم في الشمال السوري وفق اتفاق شامل لحسم الصراع السوري برمته، ومن خلال دور محوري للنظام السوري حليف طهران في هذا الاتفاق؛ سيضيف مكاسب جديدة للنظام الإيراني، كما سيمكن النظام السوري من استعادة السيطرة على الأراضي في الشمال، وسيؤثر على بداية النهاية لحرب استمرت لثماني سنوات، وسينزع الشرعية عن أي طرف غربي يسعى لتثبيت وجوده بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية أكبر أعداء الوجود الإيراني في سوريا والمنطقة.
وأضاف أن العملية التركية في شمال سوريا، لا يمكنها بأي حال من الأحوال تحقيق منطقة آمنة بشكل كامل، كما أن الوجود التركي، ينذر بحقبة جديدة من الصراع، فبينما يعيد تنظيم «داعش» ترتيب أوراقه عبر الحدود العراقية السورية، ستتوالى التدخلات في المنطقة، وهو ما تخشاه إيران.
وعن احتمالية قبول تركيا للوساطة الإيرانية، لفت الباحث الإيراني إلى أن أنقرة دعت قبل بداية العملية للالتزام باتفاق «أضنة» وهو الاتفاق الذي تعتمد عليه طهران كمرجعية لوساطتها، لذا تتزايد احتمالات الرضوخ التركي لوساطة إيران التي تمثل حليفًا للنظام السوري، وتحظى بعلاقات جيدة مع الأكراد، خاصة أن المواجهات في الشمال السوري قد تكلف تركيا المزيد من الخسائر على الصعيد العسكري والسياسي.