بعد «نبع السلام» التركية.. سيناريوهات التعامل مع «داعش»
الإثنين 14/أكتوبر/2019 - 01:36 م
طباعة
محمد عبد الغفار
ظن العالم أنه تخلص من تنظيم داعش الإرهابي بعدما أعلنت قوات سوريا الديمقراطية «قسد» في مؤتمر صحفي، مارس 2019، انتصارها في معركة الباجوز وتحرير آخر المناطق الجغرافية الواقعة تحت سيطرة التنظيم الإرهابي بالتعاون مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وجاء ذلك بعد خمس سنوات من القتال ضد داعش في سوريا.
ولكن يبدو أن تنظيم داعش قد حصل على قبلة الحياة من النظام التركي برئاسة رجب طيب أردوغان، الذي أطلق عملية عسكرية تسمى «نبع السلام»، الأربعاء 9 أكتوبر 2019، بهدف اجتياح الشمال السوري الذي توجد به سجون أعضاء داعش، مما أثار المخاوف حول هروبهم وقدرتهم على إعادة تمركزهم مرة أخرى في الشمال السوري والمناطق المجاورة.
سيناريوهات محتملة
هناك سيناريوهان مختلفان لتأثير عملية نبع السلام التركية على وضع الدواعش في شمالي سوريا، حيث تحرس قوات سوريا الديمقراطية منشآت سجون، تضم داخلها نحو 11 ألف إرهابي، مختلفين في جنسياتهم بينهم 9 آلاف سوري وعراقي، وألفان من 50 دولة أخرى لم توافق حكوماتهم على إعادتهم مرة أخرى إلى بلادهم.
ويكمن السيناريو الأول في هروب عناصر تنظيم داعش من سجون قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، مستغلين في ذلك حالة الهرج التي نتجت عن الحرب التركية الجديدة، وتركيز القوات الكردية في صد الهجوم التركي.
وتحقق هذا السيناريو بالفعل، حيث أعلن مسؤول إعلامي تابع لقوات قسد، الجمعة 11 أكتوبر 2019، عن هروب 5 من أعضاء تنظيم داعش الإرهابي، بعد أن تمكنوا من الفرار من سجن في مدينة القامشلي شمال شرق سوريا، مستغلين قصف القوات الجوية التركية لمواقع قريبة منه.
كما أفاد الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي عبد حامد المهباش، الخميس 10 أكتوبر 2019، بأن تركيا ساهمت في عملية هروب آلاف العناصر الإرهابية الداعشية في شمالي سوريا، بعد أن استهدفت السجن الذي يقبعون به بقصف جوي ومدفعي، مضيفًا أن الهجوم التركي أحدث ثغرة داخل السجن، مما مكن آلاف الدواعش من الهروب خارجه، وجميعهم من جنسيات مختلفة تصل إلى نحو 60 جنسية.
وفي سياق متصل، أكد المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية مصطفى بالي، الجمعة 11 أكتوبر 2019، أن العشرات من سكان مخيم الهول مترامي الأطراف والواقع في شمال شرقي سوريا، والذي يؤوي آلاف الأسر التابعة لتنظيم داعش الإرهابي هاجموا بوابات الخروج، وهدف هؤلاء إلى تهريب أكثر من 70 ألف امرأة وطفل.
وأكد المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية أن أجهزة الأمن أجهضت محاولة الهروب، ولكنه وصف الوضع بـ«الحرج»، وعرضت وسائل إعلام محلية مقطع فيديو يظهر أفراد الأمن داخل المخيم وهم يطاردون النساء، ممن حاولن الهروب عبر الطريق الرئيسي الذي يمر بوسط المخيم.
أما السيناريو الثاني، ويتضمن تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته تجاه الأحداث في الشمال السوري، من خلال تدخله لإنهاء الغزو التركي، أو من خلال نقل الدواعش من سجون قوات سوريا الديمقراطية إلى أماكن أخرى أكثر أمنًا بما يمنع هروبهم منها.
وتم بالفعل نقل بعض العناصر إلى خارج سوريا، وهو ما أكده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث صرح بأن بلاده قامت بنقل عناصر خطيرة تتبع تنظيم داعش الإرهابي، الأربعاء 9 أكتوبر 2019، وذلك على خلفية الغزو التركي للشمال السوري.
وحمل ترامب الدول الأوروبية مسؤولية ما قد يحدث بالمنطقة، خصوصًا بعد أن رفضوا استقبال مقاتلين تابعين للتنظيم الإرهابي، قائلًا «لقد قدمنا خدمات جليلة لكثير من الدول، ولم تكن ترغب تلك الدول في عودة عناصر داعش إليها، إذا أصبح مقاتلو داعش أحرارًا، سوف يفرون إلى أوروبا».
كما أكدت مصادر عسكرية لموقع سبوتنيك، أن العراق استقبل 50 قياديًّا داعشيًّا من مختلف الجنسيات تم نقلهم من سجن في مدينة الحسكة، الواقعة شمال شرقي سوريا، وتم إيداعهم في سجن بمدينة أربيل، مركز إقليم كردستان العراق، وذلك منذ بدء عملية نبع السلام التركية في شمال سوريا.
وكانت العراق قد عرضت على الدول أن تتم عملية محاكمة عناصر «داعش» الموجودين لديها ولدى سوريا، مقابل أن تحصل بغداد على مقابل مادي نظير ذلك، وهو ما رحبت به العديد من الدول، خاصة تلك التي ترفض عودة إرهابيي «داعش» إلى أراضيها.
ويبدو أن السيناريو الأول هو الأقرب للتحقق، خاصة أن العديد من الدول تخشى أن تستقبل الدواعش على أراضيها، لذا فإن هروبهم من السجون الكردية يعد خيارًا أكثر منطقية؛ خصوصًا مع تطور الأحداث على أرض الواقع.