في الأزمة التركية السورية.. «ترامب» يلعب على جميع الأطراف
الثلاثاء 15/أكتوبر/2019 - 12:02 م
طباعة
معاذ محمد
عقب إعلان تركيا عن عملية «نبع السلام» التي تنفذها في الشمال السوري ضد قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، منذ الأربعاء 9 أكتوبر 2019، تعرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للعديد من الانتقادات، خصوصًا بعد تخليه عن الأكراد «حلفاؤه في محاربة تنظيم داعش الإرهابي»، وتصريحاته المتناقضة إزاء الأزمة الحالية.
صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، انتقدت الإثنين 14 أكتوبر 2019، تردد الرئيس دونالد ترامب، حيال الوضع الحالي في سوريا، مؤكدة أن تصريحاته المتناقضة حولت المشهد برمته إلى فوضى.
وقالت الصحفية، إن الغارات التركية في عدة نقاط على طول حدود أنقرة مع سوريا، بدأت الأربعاء 9 أكتوبر 2019، وبحلول نهاية الأسبوع غرقت المنطقة كلها في الفوضى.
وأوضحت «واشنطن بوست»، أن المدفعية التركية قصفت المواقع الكردية السورية، وظهرت لقطات تظهر ميليشيات تنتمي إلى أنقرة تقوم بعمليات إعدام مروعة للمقاتلين الأكراد المتحالفين مع الولايات المتحدة.
وأضافت الصحيفة، أن «ترامب» الذي قضى جزءًا من عطلة نهاية الأسبوع في أحد ملاعب الجولف الخاصة به، أصر من خلال تغريدة له نشرها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، على أنه يتعين على بلاده أن تتخلص من التزاماتها فيما سماه بـ«الرمال المتحركة» في الشرق الأوسط، كما صرح وزير دفاعه مارك إسبر مؤخرًا بأن واشنطن الآن في «وضع لا يمكن الدفاع عنه»، وأنها ستجلي نحو 1000 جندي في شمال شرق سوريا بالكامل.
وأشارت «واشنطن بوست»، إلى أن أمر سحب القوات الأمريكية جاء السبت 12 أكتوبر 2019، في نهاية يوم فوضوي تلاشت فيه جدوى المهمة الأمريكية في سوريا بسرعة، بعد تقدم القوات التركية ووكلائها من المتمردين السوريين في عمق الأراضي السورية، وقطع خطوط الإمداد الأمريكية.
واعتبرت الصحيفة، أن هذا الأمر شكل تحديًا أمام تأكيدات وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» الأسبوع الماضي، بأن الولايات المتحدة لن تتخلى عن شركائها السوريين الأكراد، الذين كانوا في الخطوط الأمامية في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي وتحملوا وطأة الخسائر في الحملة التي قادتها واشنطن ضد التنظيم.
وقالت الصحيفة، إن قوات سوريا الديمقراطية تحولت تلقائيًا إلى الرئيس السوري بشار الأسد لطلب الحماية، وأعلن سياسي كردي سوري بارز أن مسئولي «قسد» التقوا نظراءهم في نظام الأسد داخل قاعدة جوية روسية في سوريا، وبحلول مساء الأحد 13 أكتوبر أكدت القوات أنه من أجل صد أو وقف الغزو التركي، قامت بدعوة النظام لدخول مناطق كانت تسيطر عليها سابقًا بدعم من واشنطن.
ترامب يتهم الأكراد
في السياق ذاته، اعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن القوات الكردية في شمال شرق سوريا ربما تفرج عن الأسرى من تنظيم «داعش» الإرهابي، لدفع واشنطن إلى التدخل في المنطقة في ظل العملية التركية.
وقال «ترامب» عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «إن الأكراد ربما يفرجون عن البعض لحملنا على التدخل.. من السهل للغاية أن تعيد تركيا أو الدول الأوروبية التي ينحدر منها الكثيرون أسرهم، لكن ينبغي لهم التحرك بسرعة».
وشدد الرئيس الأمريكي، على أن هناك «عقوبات كبيرة ضد تركيا تقترب.. هل يعتقد الناس حقًا أن علينا بدء حرب مع تركيا التي تمثل عضوًا في حلف الناتو؟ الحروب التي لا نهاية لها ستنتهي».
وأكد ترامب: «لا ننوي خوض أي حرب أخرى بين شعوب تحارب بعضها منذ 200 سنة... كانت لدى أوروبا فرصة لاستعادة سجنائها من داعش، لكنها لم ترد دفع التكلفة، وقالوا لتدفع الولايات المتحدة».
فشل الاستراتيجية الأمريكية
وفي وقت سابق، اعتبرت صحيفة «واشنطن بوست»، أن تعامل الولايات المتحدة مع الوضع في سوريا، أدى إلى انهيار الاستراتيجية الأمريكية غير المتماسكة، والتي تفتقر إلى أسس واضحة، ما يفتح الباب أمام تبعات كثيرة سيئة في معظمها.
وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أبلغ «ترامب» بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد وضعه في زاوية ليس من السهل الخروج منها، عندما منح الأخير الضوء الأخضر لغزو مناطق الأكراد حلفاء واشنطن في الحرب ضد الإرهاب.
ووفقًا لـ«واشنطن بوست»، فإن الرئيس الأمريكي يتعرض لضغوط متزايدة من داخل إدارته وخارجها، لاتخاذ إجراءات للرد على الهجوم التركي المتصاعد في الشمال السوري، وسط خلافات واضحة في الرأي بين أركان الإدارة حول ما ينبغي القيام به.
ويتعرض الرئيس الأمريكي لانتقادات واسعة، لتخليه عن حلفائه الأكراد في مواجهة القوات التركية، خصوصًا بعد قراره الأحد 13 أكتوبر 2019، بسحب ألف جندي من الشمال السوري.
من جهته، انتقد السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام قرار الرئيس الأمريكي، قائلًا: «هذا القرار بالتخلي عن حلفائنا الأكراد وتسليم سوريا إلى روسيا وإيران وتركيا سيكون بمثابة منح منشطات للمتشددين، وسوف يكون مدمرًا بالفعل للصالحين».
ويبرر وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، ما يفعله «ترامب» بقوله: «إننا لا نرغب في الانخراط في نزاع يعود إلى ما يقرب من 200 عام بين الأتراك والأكراد، والتورط في حرب أخرى في الشرق الأوسط»، متابعًا في تصريحات لشبكة «سي بي إس»: «لا نعرف ما إذا كانت تركيا ستطلق النار عمدًا على القوات الأمريكية أم لا».
تصريحات متناقضة
في 6 أكتوبر 2019، أصدر البيت الأبيض بيانًا أعلن فيه الانسحاب من شمال سوريا، بعد أن تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع التركي رجب طيب أردوغان هاتفيًا.
ومع اليوم التالي، وعقب انتقادات من حزبه، دافع دونالد ترامب عن سحب قواته، في تغريدة على «تويتر» قائلًا: «تركيا وأوروبا وسوريا وإيران والعراق وروسيا والأكراد سوف يضطرون الآن للتعامل مع الوضع»، مهددًا بتدمير ومحو الاقتصاد التركي.
وفي 8 أكتوبر، اعتبر «ترامب» أن تركيا حليف قوي لبلاده وحلف شمال الأطلس، مؤكدًا «ولكن بأي حال من الأحوال لم نتخل عن الأكراد، وهم أشخاص مميزون»، وفي اليوم التالي أعلن وزير خارجيته مايك بومبيو، أن واشنطن «لم تمنح تركيا الضوء الأخضر لشن العملية العسكرية في الشمال السوري».
وأخبر الرئيس الأمريكي، المراسلين في 10 أكتوبر 2019، أن الأكراد «لم يساعدونا في الحرب العالمية الثانية... لم يساعدونا في نورماندي على سبيل المثال»، ثم عاد مرة أخرى بالقول: «آمل أن نتمكن من التوسط بين الأكراد وتركيا».
وسحب «ترامب» ألف جندي من الشمال السوري، الأحد 13 أكتوبر، كما اتهم الأكراد، الإثنين 14 أكتوبر بتهريب مقاتلي داعش من السجون ومقرات الاحتجاز، لدفع بلاده إلى التدخل في المنطقة.