«جمعة»: التلاعب والتخبط شاب ممارسات الجماعات المتشددة في قضايا الخلاف
الثلاثاء 15/أكتوبر/2019 - 06:50 م
طباعة
دعاء إمام
قال الأستاذ الدكتور علي جمعة ، مفتي الديار المصرية السابق إن الاهتمام بوضع نظرية كلية لإدارة الخلاف الفقهي، يعد نمطًا جديدًا من أنماط التجديد الذي نسعى له جميعًا، مؤكدا أنه على الرغم من توجه الفقه المعاصر توجهًا حسنًا نحو صياغة نظريات فقهية حديثة فإن قضايا الخلاف الفقهي لم تحظ حتى الآن بنظرية كلية عامة.
وأضاف في كلمته بالمؤتمر العالمي للإفتاء الذي بدأت فعالياته الثلاثاء 15 أكتوبر بالقاهرة، وألقاها نيابة عنه العالم أشرف سعد الأزهري: "أننا نحتاج إلى صياغة هذه النظرية؛ نظرًا لكثرة التلاعب والتخبط الذي شاب ممارسات الجماعات المتشددة المعاصرة في قضايا الخلاف، لأنهم لم يتربوا في بيئة علمية محترمة كالأزهر الشريف ولم يتلقوا العلم على أيدي العلماء الربانين، ولم يتبركوا بحديث الرحمة المسلسل بالأولية، فقست قلوبهم وحولوا الخلاف الذي هو في حقيقته مظهر من مظاهر الرحمة الإلهية بالأمة المحمدية، وسبب من أسباب السعة والمرونة، إلى سبب من أسباب الشقاق وسوء الأخلاق".
وحدد عدة ضوابط للتجديد الفقهي منها الالتزام بالأدلة القطعية، والالتزام باللغة العربية، والالتزام بالإجماع، ومراعاة المآلات واعتبارها، ومراعاة المصالح والمقاصد، لافتًا النظر إلى أن الخلاف من الأحكام الكونية، فلا يزال الخلاف بين بني آدم من زمن نوح عليه السلام لم تسلم منه أمَّة من الأمم.
وأردف قائلًا: إنه ينبغي أن نقرر أنَّ الاختلاف منحصر في الفروع الفقهية وبعض مسائل أصول الدين، مع الاتفاق الكامل على الأصول الدينية التي تمثل هوية الإسلام، وهو من حفظ الله تعالى وكفالته لهذا الدين إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها، ولذا لم يقع اختلاف فيما هو قطعي الثبوت والدلالة؛ إذ إن أمر قبوله ضروري، كما أنَّ الخلاف في الفروع سعة، فلا تضيق الأمة بمذهب، فإن صَعُبَ عليها أحدها أو أوقعها في حرج لجأت إلى غيره.
وشدد على أن خلاف العلماء لم يكن مظهرًا من مظاهر الهوى والعناد، كما أن إقرار فكرة التوسعة بتعدد الآراء والاجتهادات من قِبَل الأئمة سلفًا وخلفًا، أمر لا يحتاج إلى دليل ولا برهان، فلسان حالهم أصرح من مقالهم، ومن ذلك ما قام به الإمام عمر بن عبدالعزيز إزاء تيار توحيد المذاهب وحمل الناس على اجتهاد واحد.
وأشار إلى أن العلماء قد وضعوا ضوابط للخلاف المعتبر، وعنى كثير منهم بذكر هذه الضوابط، وعنى غيرهم بالوقوف على أسباب خلافهم، وما كان لهذه الأسباب أن تفضي إلى نزاع بين أطرافها، أو تورث تعصبًا مذهبيًّا مفرِّقًا، فإن ذلك مظهر من مظاهر الجهل بالشريعة وقواعدها، وبسيرة الأئمة وأقوالهم، وما كان اختلافهم أيضًا ليخرجهم عن التزام الأدب في تناول تلك المسائل الخلافية.
واختتم كلمته قائلًا بأن كل مسائل علم العقيدة لا تعد أصولًا، ونؤكد أن الحديث عن الخلاف مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالحديث عن القطعية والظنية في النصوص التي تثبت بها الأحكام، لا فرق إذن بين الخلاف في مسائل فرعية تنتمي لعلم الفقه، أو تنتمي لعلم العقائد، أو تنتمي لعلم الأخلاق ما دام أن مسوغات الخلاف قد وجدت.