ملالي القمع والتنكيل.. الحرس الثوري يعتقل المعارض الإيراني «روح الله زم»

الثلاثاء 15/أكتوبر/2019 - 07:08 م
طباعة ملالي القمع والتنكيل.. نورا بنداري
 
تواصل دولة الملالي الإيرانية انتهاكاتها وأساليبها القمعية بحق معارضيها، سواءً في الداخل أو الخارج، حتى تستطيع أن تحكم القبضة الأمنية على جميع هياكل الدولة الشيعية، بإخراس كافة الأصوات التي تكشف عن أساليب طهران الإجرامية، ولا تتوانى الدولة الإيرانية باختطاف بل وقتل أي معارض لها؛ كي تحجم أي منفذ يوضح للعالم أفعالها القمعية والتعسفية بحق فئات الشعب الإيراني.

قمع الملالي
في إطار القمع والتنكيل، أعلن الحرس الثوري الإيراني، في بيان له الإثنين 14 أكتوبر الجاري، نشره موقع «سباه نيوز» التابع للحرس، أنه تم اختطاف «روح الله زم»، مدير موقع «آمد نيوز» المعارض، وذلك بعدما خدعت استخبارات الحرس، أجهزة الأمن الأجنبية، من خلال أساليب استخباراتية حديثة وطرق ابتكارية واستدرجت «زم» إلى داخل إيران، وجاء في البيان، أن المعارض الإيراني اعتقل في إطار عملية معقدة واحترافية نفذها جهاز استخبارات الحرس، وذكر أحد مسؤولي الأمن الداخلي الإيراني، أن بلاده قد تواصلت في مطلع أكتوبر الجاري، مع الشرطة الدولية؛ لتسليم «زم» إلى السلطات الإيرانية.
وأشار البيان أن المعارض الإيراني، كان تحت إدارة أجهزة استخبارات فرنسا وحماية وإسناد أجهزة استخبارات الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني، مؤكدًا أن هذه الأجهزة كانت توفر له الحماية الأمنية على مدار الساعة، معتبرًا أن اعتقال «زم» يعد هزيمة لأجهزة استخبارات الأعداء في مواجهة قدرات الحرس الاستخباراتية.
ورغم أن بيان الحرس الثوري لم يوضح مكان أو تاريخ توقيف المعارض الإيراني، منوهًا أنه سيتم نشر كافة التفاصيل لاحقًا، إلا أن تقارير إعلامية، أعلنت أن المعارض الإيراني «زم» كان يعيش في المنفى في باريس.
وبعدما تم اعتقال المعارض الإيراني، نشرت قناة «آمد نيوز» نص بيان الحرس الثوري حول ذلك، في إشارة إلى أنها باتت تحت سيطرة هذه المؤسسة، وخرجت عن سيطرة «زم» والمجموعة العاملة معه.

«روح الله زم».. مؤسس آمد نيوز
و«روح الله زم»، هو صحفي وناشط إيراني مؤسس موقع «آمد نيوز» عام 2015، وعرف عنه نشره فضائح متعددة من داخل النظام، ولديه قناة على تطبيق «تيليجرام» تحمل اسم «صداي آمد نيوز»، يصل عدد أعضائها إلى أكثر من مليون شخص، دأبت على مدى السنوات الماضية على نشر أخبار وتقارير مناهضة لنظام الحكم في إيران، وقد لعب دورًا بارزًا في الاحتجاجات الإيرانية عام 2017. 
وينتمي «روح الله» الى التيار الإصلاحي، وشغل مناصب حكومية عليا في الثمانينيات والتسعينيات، وانقلب «زم» على النظام بعد احتجاجات الانتخابات الرئاسية الإيرانية عام 2009، وحين تم سجنه في سجن «إيفين» لبعض الوقت، فر من إيران ليقيم في فرنسا.
وفي 23 سبتمبر 2017، أعلن مصدر مطلع لقناة «كلمة الفضائية»، أن السلطات الأمنية في طهران أرسلت فريقًا إلى فرنسا؛ لتنفيذ عملية اغتيال «روح الله زم»، وأضاف أن «أبوالحسن بني صدر» الرئيس الإيراني الأسبق علم عبر مصادره عن هذا الموضوع و اخبر بدوره «زم»، وللضغط عليه  اعتقلت السلطات الإيرانية شقيقه، وذلك بعدما بث التليفزيون الحكومي الإيراني العام الماضي، تقرير وثائقيًّا عن «زم» ونشاطه في موقع «آمد نيوز» واتهمه بالعمالة للخارج ونشر تقارير مفبركة.

أساليب معتادة
وفي تصريح له، أوضح «أسامة الهتيمي» الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الإيراني، أن ارتكاب الحرس الثوري مثل هذه النوع من الجرائم، ليس بجديد على دولة القمع والتنكيل في طهران، فقد اعتاد الحرس الثوري وطيلة أربعة عقود مضت على ممارسة كل أشكال الأساليب القمعية فيما فيها التصفية الجسدية بحق المعارضين الإيرانيين، سواءً بالداخل الإيراني أو على أراضي أي دولة دون احترام لسيادة أو لقوانين، وهو ما يفسر اغتيال العشرات من المعارضين الإيرانيين طيلة السنوات الماضية في دول مختلفة تأتي في مقدمتها الدول الأوروبية ومن أمثال هؤلاء «شاهبور بختيار» و«عبد الرحمن قاسملو» و«عبد الرحمن شرفكندي» و«أحمد مولى» وغيرهم الكثير .
وأشار «الهتيمي»، أن الإجراءات الإيرانية بحق المعارضين، لم تلق بكل أسف ردًا حاسمًا من الدول التي وقعت على أراضيها، مثل هذه الانتهاكات الحقوقية والقانونية والإنسانية، الأمر الذي شجع إيران وأعطاها الجرأة على مواصلة مثل هذه السلوكيات، لدرجة أنها فكرت في تنفيذ عملية تفجير في مؤتمر كبير للمعارضة بإحدى المدن الفرنسية العام الماضي، وهو ما كان سيتسبب في كارثة ضخمة لولا أنه تم الكشف عن العملية وإحباطها قبل التنفيذ.

استعراض للقوة
وأكد «الهتيمي»، أن الإعلان عن مثل هذه العملية في هذا الوقت هو من باب الاستعراض لقوة إيران، وخاصة الحرس الثوري المعني أولا بحماية النظام ورجالاته، ومن ثم التأكيد على أن الحرس الثوري له يد طولى تستطيع فعل ما يريد في الوقت الذي يريد، خاصة وأن ثمة تقارير تؤكد أن المعارض الإيراني كان يقيم في باريس.
ولفت أن هناك ثلاثة احتمالات؛ أولها أن يكون المعارض قد تعرض لعلمية اختطاف دون علم من السلطات الفرنسية، وبالتالي فهو إما أن يكون محتجزًا في السفارة الإيرانية أو تم ترحيله بطريقة أو بأخرى، وأما الاحتمال الثاني أن تكون قد قامت فرنسا بتسليم الرجل في إطار صفقة من الصفقات بين البلدين، وكلا الاحتمالين ليس مستبعدًا؛ إذ إن إيران قد نجحت مرارًا في أن تمارس ضغطًا على الدول الأوروبية، بشأن عمليات إرهابية ألقي القبض خلالها على عناصر اعترفت بعلاقتها بإيران وبالحرس الثوري، ومع ذلك تم إطلاق سراحها والسماح لها بالسفر إلى إيران.
وبخصوص الاحتمال الثالث، إذا تم الافتراض صحة أن «زم» كان يوجد في العراق أثناء اعتقاله، فإن هذا يعني أيضًا أن الحرس الثوري تمكن عبر نفوذه من اعتقاله، وهو تجاوز صريح للأعراف والقوانين الدولية، الأمر يعين أن إيران لا تحترم هذه القوانين بالمرة.
وأضاف الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الإيراني، أن إيران حاولت أن تفصل للمعارض الإيراني «زم» تهمةً؛ تمهيدًا لمحاكمته بأقصى عقوبة؛ حيث نسبت له قيامه بتحريك الشعب وانتفاضته في نهاية عام 2017، وهي التهمة التي ربما تصل عقوبتها إلى الإعدام ومن ثم التخلص من الرجل، غير أن ذلك دلالة أخرى؛ حيث تسعى إيران جاهدة إلى التقليل من الزخم الشعبي الذي حدث نهاية 2017 وطيلة عام 2018، والترويج باعتبارها مؤامرة خارجية كان تنفذها أطراف إيرانية بينها «زم»، وهو بالطبع تجاهلًا للمطالب الإيرانية التي أعلنها الإيرانيون، ولا يزالون حتى اللحظة.

شارك