«جوبالاند».. استمرار العبث القطري في أمن الصومال
الثلاثاء 15/أكتوبر/2019 - 10:06 م
طباعة
نورا بنداري
تواصل قطر ممارسة سياسة العبث بأمن واستقرار الولايات الفيدرالية التي تتمتع بحكم ذاتي في الصومال، والتي من أهمها: «صومالي لاند»، و«بونت لاند» في الشمال، و«جوبالاند» في أقصى الجنوب، حتي تستطيع إيجاد موطئ قدم لها، ما يمكنها من فرض سيطرتها في أفريقيا من خلال البوابة الصومالية، الأمر الذي دفع بالعديد من الصوماليين لاتهام الدوحة بأن لها أيادي خفية تستثمر وتتلاعب بالأزمات في بلادهم.
من بين هؤلاء، «حسن كنان» المسؤول سابق في الأمم المتحدة، إذ بعث برسالة مفتوحة إلى أمير قطر «تميم بن حمد»، نشرت على الموقع الإخباري الصومالي المستقل «caasimada»، اتهم فيها «كنان» حكومة الصومال بمحاصرة شعب جمهورية "جوبالاند" بموافقة قطرية، معتبرًا أن تلك الحكومة تسيطر على «جوبالاند» بدعم الدوحة.
وطالب «كنان» أمير قطر بوقف تمويل الحرب القذرة التي تشنها ضد شعب جوبالاند والصومال ككل، وذلك بإبعاد البنادق والأموال ومروجي الإرهاب المدعومين من الدوحة عن الصومال، وحث الدوحة على استغلال أموالها لدعم التعليم والبنية التحتية والاحتياجات الإنسانية في البلاد، بدلًا من دعم آلية التخويف والإرهاب والقمع التي تنشرها حكومة الصومال بشكل روتيني ضد شعبها، حسب قوله.
محاولات صومالية بدعم قطري
سعت الدوحة من خلال رجلها فى الصومال «فهد ياسين»، والذي يشغل منصب نائب رئيس جهاز الاستخبارات، إلى تنفيذ مخططاتها الرامية لإحكام سيطرتها على مقاليد الأمور في الصومال، ففي مارس الماضي، رصدت وسائل إعلام صومالية، قيام «ياسين» بجولات تفاوض غير معلنة مع «أحمد مدوبي» حاكم إقليم جوبالاند، وتنسيقه لزيارة رئيس الوزراء «حسن علي خيري» للإقليم الذي تشهد علاقته توترًا متصاعدًا مع الحكومة المركزية في مقديشو بسبب تدخلات حكومة الرئيس الصومالي «محمد عبدالله فرماجو» في شؤون الولاية الداخلية.
دفع هذا بتحذير بعض وسائل الإعلام الصومالية من خطورة تحركات «ياسين» ومحاولاته لإقصاء حاكم ولاية جوبالاند «مدوبي» من رئاسة الولاية، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية للولاية المقرر لها في أغسطس الماضي، وتعيين حاكم تابع لحكومة «فرماجو»، بيد أن الرئيس الصومالي المدعوم من تنظيم الحمدين؛ حاول إفشال انتخابات ولاية «جوبالاند» التي تتمتع بالحكم الذاتي، بهدف إعادة نظام الحكم المركزي الموحد، رغم أن الدستور الصومالي ينص صراحة على أن الحكم في البلاد يكون بالنظام الفيدرالي الذي يحد من السلطات المركزية للرئيس ويعطي استقلالية نسبية للأقاليم.
وأدي ذلك لقيام ولاية جوبالاند الصومالية بإغلاق حدود مدينة كسمايو، متهمة الحكومة الفيدرالية في مقديشو بالسعي إلى تخريب الانتخابات.
ووفقًا لموقع «صومالي أفيرز» في أواخر أغسطس الماضي؛ دعمت الدوحة «عبدالنصير سرار»، أحد مرشحي الانتخابات الرئاسية لولاية «جوبالاند»، من أجل افتعال أزمة في المنطقة وتعطيل الانتخابات في الإقليم الصومالي، إذا أن «سرار» هو عضو سابق في جماعة «رأس كامبوني» وهي - من أقدم الجماعات الصومالية المسلحة - ويتلقى الدعم المالي من الحكومة القطرية عبر «فهد ياسين»، كما وفرت الحكومة القطرية الأموال لبعض وسائل الإعلام الكينية لنشر الدعاية حول انتخابات «جوبالاند» لدعم مرشحها «سرار».
إلا أن محاولات كل من قطر والرئيس الصومالي فشلت، وفاز «مدوبي» بولاية أخرى كرئيس لجوبالاند، ما دفع «فرماجو» لرفض هذه النتيجة وحاول إلغاء نتيجة الانتخابات، لأنه وبعد هذه النتيجة أصبح «فرماجو» في ورطة، خاصة أنه يسعى لإعادة انتخابه في عام 2020، حيث إن رئاسته لدولة مجزأة بسبب التنافس على السلطة، يقلل فرص نجاحه، وبالتالي يهدد مصالح قطر التي تتنامى في البلد الأفريقي.
لماذا «جوبالاند»؟
تضع قطر ولاية «جوبالاند» نصب أعينها، نظرًا لما تتمتع به من أهمية خاصة بسبب موقعها الجيو ستراتيجي المطل على المحيط الهندي والواقع على خط الاستواء، وما تتمتع به من ثروات طبيعية هائلة، إذ اكتشفت فيها كميات كبيرة من البترول والغاز الطبيعي في الحدود البحرية المتنازع عليها بين الصومال وكينيا، ولها أهمية اقتصادية بسبب ثروتها السمكية والحيوانية وخصوبة أراضيها حيث تشكل الأراضي الصالحة للزراعة في منطقة جوبالاند غالبية مساحة الإقليم، وبها إحدى كبريات المدن الصومالية وهي مدينة «كسمايو»، التي تعد البوابة البحرية الجنوبية للصومال، ويحتل ميناء كسمايو أهمية رمزية ليس في الولاية فحسب بل في الصومال ككل، كونه الميناء التجاري المخصص لتجارة رؤوس الماشية مع العالم الخارجي (النشاط الاقتصادي الأول للصومال).
مساعي قطرية
وفي تصريح لـه، أوضح «هشام النجار» الباحث المختص في شؤون الحركات الإسلامية، أن هناك مساعي قطرية لزعزعة استقرار الصومال وتهديد أمنه وصولًا لاكتساب النفوذ عبر كيانات انفصالية، ما يمهد للسيطرة على ثروات البلد وقرارها السياسي على المدى المنظور، ولذلك تدعم قطر بالأموال فريقًا بعينه في ولاية «جوبالاند» يتبنى الحكم الذاتي وعلى علاقة بكيانات وتنظيمات إرهابية لخلق مكونات متكتلة تحت إشراف قطر من منطلق الخضوع لسلطانها المالي.
وأضاف «النجار» أن رسالة المسؤول الأممي «كنان» تكشف وعيًا صوماليًّا بمخاطر الممارسات القطرية، وهذا الوعي المتعاظم كفيل بردع قطر ومن تمولهم علاوة على أن كشف المخططات يضعف من نفوذها في هذه المناطق، ويمنح الأطراف الوطنية القدرة على تقويضها.