حرب دائرة ونتائج معلقة.. أمريكا تخسر وتركيا تتورط وروسيا وداعش يستفيدان

الأربعاء 16/أكتوبر/2019 - 07:11 م
طباعة حرب دائرة ونتائج معاذ محمد
 
منذ بدء تركيا عدوانها على سوريا؛ لإنشاء ما يسمى بـ«المنطقة الآمنة»، في 9 أكتوبر 2019، ظهر موقف غير مفهوم للولايات المتحدة، قُوبل بالعديد من الانتقادات، خصوصًا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ترك حلفاءه الأكراد بمفردهم في مواجهة التوغل التركي.

تلاعب أمريكي
ويبدو أن هناك تلاعبًا من قبل واشنطن بـ«الأكراد»، خصوصًا أن «ترامب» برر تخليه عنهم وعدم التعاون معهم في مواجهة التوغل التركي، قائلًا: «إنهم لم يساعدونا في الحرب العالمية الثانية... لم يساعدونا في نورماندي على سبيل المثال»، إلا أن مسؤولًا كبيرًا في وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون»، أعلن الأربعاء 16 أكتوبر 2019، أن بلاده تريد مواصلة التعاون مع قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، في الحرب ضد «داعش».
وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، في تقرير لها، أنه بعد إعلان «أردوغان» عن عمليته العسكرية، وقيامه باستهداف مناطق الأكراد، الذين كانوا حلفاء للولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، أُصيب «ترامب» بنوبة غضب جمركية وقرر فرض عقوبات اقتصادية على تركيا، تمثلت في توقيع أمر تنفيذي برفع التعريفة الجمركية على واردات الصلب التركية إلى 50 في المائة، ووقف المفاوضات حول صفقة تجارية بقيمة 100 مليار دولار مع واشنطن.
وشدد التقرير، على أن قرار الرئيس الأمريكي ضد أردوغان، جاء نتيجة لدراسة متأنية، مضيفةً أنه لا جدوى من التظاهر بأن «ترامب» لم يكن على علم بهدف الرئيس من غزو الشمال السوري، لافتةً إلى أن تحدثا هاتفيًا في 6 أكتوبر 2019، قبل أن يأمر «دونالد» بسحب القوات الأمريكية من شمال سوريا.

الضوء الأخضر لداعش
وأكدت «واشنطن بوست»، أن «ترامب» لم يكن ليبرم مثل هذه الصفقة بدون أي شئ في المقابل، مشددةً على أن يديه ملطختان بالدماء، وستؤثر على مكانة الولايات المتحدة لسنوات قادمة، فضلًا عن آثارها التي ستظهر بعد حين على المنطقة.
وأشارت الصحيفة الأمركية، إلى أنه من المحتمل أن تبدأ عناصر تنظيم داعش الإرهابي في إعادة التنظيم من جديد، بفضل الرئيسين «ترامب وأردوغان».
وأوضحت «واشنطن بوست» إلى أنه خلال السنوات الثلاثة الماضية، يقوم «ترامب» بما يريده، مضيفةً أنه وبمجرد إطلاق العنان للخراب، يفوض الآخرين لتحمل عبء عواقبه، كما صرح: «سيتعين على تركيا وأوروبا وسوريا وإيران والعراق وروسيا والأكراد، الآن بحث الموقف»، مشيرةً إلى أنه وعقب الغزو التركي لشمال سوريا، نجح أكثر من 750 شخصًا على صلة بتنظيم داعش الإرهابي في الهروب من معسكرات الاعتقال.
وشددت الصحيفة، على أن الدافع وراء كل هذه الفوضى والمجازر، هو رغبة أردوغان في تخليص نفسه من نحو 3.6 مليون لاجئ سوري يعيشون في تركيا، موضحةً أنه يجد من «ترامب» نفس الشعور.

الوجه الآخر من اللعبة
وأضافت الصحيفة، أنه من الواضح أن ترامب زاد من نفور حلفاء واشنطن، خصوصًا أنه جعلها أقل جدارة بالثقة، ومكنّ ما هو في الأساس حملة للتطهير العرقي للأكراد.
وكشفت تقارير أمريكية، نقلًا عن مسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترامب، أن واشنطن تدرس خططًا لنقل نحو 50 قنبلة نووية خاصة بها، جرى تخزينها في قاعدة «إنجرليك» جنوبي تركيا، والتي تبعد نحو 400 كلم عن الحدود السورية، إبان الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي السابق.
ونقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤول أمريكي، رفض الكشف عن اسمه، قوله: إن الأسلحة النووية باتت عمليًا «رهينة» لدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

روسيا المستفيد الوحيد
واعتبرت صحيفة «التليجراف» البريطانية، في تقرير لها الأربعاء 16 أكتوبر 2019، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو الشخصية الدولية الوحيدة التي استفادت من قرار «ترامب» بالانسحاب من الصراع المشتعل في سوريا.
وأشارت الصحيفة، إلى أن الطبيعة الدقيقة للعلاقة بين الرئيسين الأمريكي والروسي، لا تزال ضمن الأمور المجهولة الكبيرة في إدارة «ترامب» خصوصًا فيما يتعلق بالدور الذي لعبه الكرملين في مساعدته لضمان انتخابه.
وأضافت الصحيفة البريطانية، أنه في حالة ما إذا كان الرئيس الأمريكي يفكر في منح نظيره الروسي هدية مبكرة لعيد الميلاد، فمن الصعب تخيل بادرة أكثر سخاءً من منحه الشرق الأوسط على طبق من فضة.
ولفتت «التليجراف» إلى أن إبعاد روسيا عن نفط الشرق الأوسط باستمرار، كان أحد الاستراتيجيات التي تنتهجهها الولايات المتحدة الرئيسية، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، مشيرةً إلى أنه مع سلوك «ترامب» المتقلب حيال مصير الأكراد في سوريا، فإنه على ما يبدو، منح «بوتين» الفرصة للعب الدور الذي كان حكرًا على واشنطن.
وأكدت الصحيفة، أن الرئيس الروسي من الممكن أن يحصل الآن على مزيد من التغلغل في المنطقة؛ لدوره في التوسط لاتفاق بين النظام السوري والأكراد، مشيرةً إلى أن هذا التحالف قد يؤدي إلى وقف التوغل التركي في الشمال السوري.

موسكو تتحدث
في السياق ذاته، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأربعاء 16 أكتوبر 2019، أن بلاده تدعم تطبيق الاتفاق الأخير بين دمشق والأكراد، مؤكدًا أنها ستعمل على تشجيع التعاون الأمني بين سوريا وتركيا على الحدود المشتركة.
أعلنت وكالة إنترفاكس الروسية، الأربعاء 16 أكتوبر، أن قوات الجيش السوري سيطرت على قواعد عسكرية شمال شرقي البلاد، أخلتها القوات الأمريكية، وأكدت «قسد»، أنها دمرت 4 دبابات تركية على حدود تل أبيض.
وكان الجيش السوري، سيطر الثلاثاء 15 أكتوبر 2019، بشكل كامل على مدينة «منبج» ومحيطها، وأعلن الموفد الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، أن بلاده لن تسمح بمواجهات بين الجيشين التركي والسوري.

ورطة أردوغان
في المقابل، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أنه لا يمكن لأي قوة وقف العملية العسكرية التي تشنها قواته على الأراضي السورية، مطالبًا جميع المسلحين بالانسحاب من «المنطقة الآمنة» بشمال سوريا، الليلة.
وشدد «أردوغان» على أن العملية العسكرية ستنتهي في الشمال السوري، عندما تكمل تركيا إقامة المنطقة الآمنة من منبج حتى الحدود مع العراق، مؤكدًا أن أسرع حل للقضية السورية أن يلقي جميع المسلحين أسلحتهم وينسحبوا خارج المنطقة الآمنة.
واستبعد الرئيس التركي، إجراء أي محادثات مع القوات الكردية السورية، قائلًا في خطاب أمام البرلمان: «هناك بعض القادة الذين يحاولون القيام بوساطة.. لم يحصل إطلاقًا في تاريخ الجمهورية التركية، أن تجلس الدولة على نفس الطاولة مع منظمة إرهابية».
واعتبر «أردوغان»، أن دخول الجيش السوري إلى مدينة منبج في شمال سوريا، تطور «ليس سلبيًّا جدًّا» بالنسبة لبلاده، خصوصًا أن السيطرة عليها لم تعد بأيدي الوحدات الكردية.

شارك