ملامح التحول التكتيكي لانسحاب القوات الأمريكية من سوريا إلى العراق
الإثنين 21/أكتوبر/2019 - 01:58 م
طباعة
فاطمة عبدالغني
تستمر القوات الأمريكية المنسحبة من شمال سوريا في محاربة داعش ولكن من موقع آخر، ففي تحول تكتيكي للانسحاب أعلن وزير الدفاع الأمريكي مارك اسبر أن الخطة الحالية هي إعادة تمركز تلك القوات البالغ عددها 1000 جندي أمريكي في غرب العراق، للمساعدة في الدفاع عنه وقتال تنظيم داعش الإرهابي مؤكدًا أن عملية الانسحاب ستستغرق عدة أسابيع.
وقال إسبر لصحفيين مرافقين له على طائرة عسكرية في طريقها إلى أفغانستان إن الجيش سيستمر في عملياته لمكافحة تنظيم داعش لمنع عودته إلى المنطقة ، وفقا لما ذكرته وكالة أنباء بلومبرج نقلا عن وسائل إعلام أمريكية.
وأضاف إسبر "أن الولايات المتحدة لا تستبعد فكرة تنفيذ عمليات لمكافحة الإرهاب في سوريا من داخل العراق، وسيتم العمل على التفاصيل بمرور الوقت".
وقال اسبر "ما من شك في أننا سنناقش المرحلة التالية من الحملات ضد داعش على المستوى العسكري كما علينا التشديد على تفاصيل خروج قواتنا من سوريا وتأمين الحماية لها، ولهذه الأسباب سأعقد اجتماعًا مع حلفاءنا وشركائنا خلال هذا الأسبوع".
وأشار إسبر إلى أن إبقاء بعض القوات الأمريكية في أجزاء من شمال شرق سوريا قرب حقول النفط مع قوات سوريا الديمقراطية، لضمان عدم سيطرة تنظيم داعش أو جهات أخرى على النفط، من بين الخيارات التي تجري مناقشتها.
وقال إسبر بينما يجري سحب القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا، فإن بعض القوات ما زالت تتعاون مع قوات شريكة قرب حقول النفط وإن المناقشات جارية بشأن إبقاء بعض القوات هناك. وأضاف أنه لم يقدم هذا الاقتراح بعد لكن مهمة وزارة الدفاع هي بحث كافة الخيارات، بحسب رويترز.
القوات الأمريكية المنسحبة ستضاف إلى أكثر من 5000 جندي أمريكي موجودين بالفعل في العراق لتدريب القوات العراقية والمساعدة في ضمان عدم استئناف مقاتلي تنظيم داعش نشاطهم.
إسبر الذي أشار إلى أن وقف إطلاق النار في شمال سوريا بين الأتراك والأكراد متماسك بشكل عام أكد أن الجنود الأمريكيين لن يساعدوا في إقامة المنطقة الآمنة بين الطرفين.
كما ستظل القوات الأمريكية وفق تصريحات اسبر على اتصال بأنقرة وقوات سوريا الديمقراطية التي دعمتها واشنطن في وقت سابق.
بالمقابل أوضح مسئول كبير في البنتاجون أن الولايات المتحدة ستواصل مراقبة المنطقة من الجو، للتأكد من أمن السجون التي تضم معتقلين من التنظيم الإرهابي.
ومن جانبها كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، الاثنين 21 أكتوبر، عن أن الرئيس دونالد ترامب، يميل إلى إبقاء قوة صغيرة قوامها 200 جندي أمريكي في شرق سوريا، وفقا لمسؤولين بارزين في الإدارة ووزارة الدفاع (بنتاجون).
ونقلت الصحيفة عن مسؤول بارز في الإدارة (لم تحدد هويته)، أن الرئيس ترامب يميل إلى خطة البنتاجون الجديدة للإبقاء على وحدة صغيرة من الجنود الأمريكيين شرقي سوريا، قد يصل عددها إلى 200 عنصر، لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي.
وأشارت إلى أنه في حال وافق ترامب على اقتراح ترك بضع مئات من جنود العمليات الخاصة شرقي سوريا، فستكون تلك المرة الثانية خلال 10 أشهر التي يتراجع فيها عن قراره بسحب جميع القوات الأمريكية من البلاد.
وفي تطور متزامن أشارت وكالة الأنباء السورية "سانا"، إلى انسحاب رتل عسكري للجيش الأمريكي صباح اليوم الاثنين، مؤلف من عدة عربات عسكرية من ريف حلب والرقة مرورا بمحافظة الحسكة باتجاه العراق.
ونشرت الوكالة مقطعين فيديو قالت إنهما يوثقان عملية انسحاب القوات الأمريكية من قواعدها في ريفي حلب والرقة عبر طريق تل تمر.
وأوضحت الوكالة أن "الجيش الأمريكي أدخل خلال ساعات الصباح الأولى قافلة مؤلفة من أكثر من100 شاحنة فارغة ترافقها آليات عسكرية من شمال العراق إلى الأراضي السورية باتجاه مدينة القامشلي غرباً يعتقد أنها بغرض استكمال عملية إخلاء قواعد القوات الأمريكية المنسحبة"
ونقلت الوكالة عن مصادر محلية قولها إن "الآليات التي أدخلتها القوات الأمريكية إلى الأراضي السورية صباح اليوم اتجهت إلى جبل عبد العزيز جنوب غرب الحسكة 45 كم لإخلاء المستودعات من النقاط والمراكز الأمريكية".
التطورات السابقة تزامنت مع تهديد السلطات التركية باستئناف عملياتها العسكرية ضد القوات الكردية في سوريا الثلاث المقبل، إذا لم تنسحب من المناطق الحدودية، فيما يتهم الأكراد أنقرة بانتهاك وقف إطلاق النار إثر قصفها مواقع للمقاتلين وتجمعات مدنية.
وكان قرار الانسحاب الأمريكي من الشمال السوري وظرفيته قد وجه بانتقادات واسعة من داخل الولايات المتحدة وخارجها، حيث وصف زعيم كتلة الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأمريكي ميتش ماكونيل قرار سحب قوات بلاده من سوريا بالكابوس الاستراتيجي مشيرًا إلى أن سحب القوات الأمريكية من سوريا خطأ استراتيجي فادح وأن ذلك سيجعل الشعب الأمريكي وأرضه أقل أمانًا وسيشجع الأعداء ويضعف تحالفات مهمة.
وأضاف ماكونيل في مقال في صحيفة "واشنطن بوست" أنه على الرغم من صمود وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه الخميس لخمسة أيام، أدت حوادث الأسبوع المنصرم إلى تراجع حملة الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش وإرهابيين آخرين.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دافع بشدة عن قرار سحب القوات الأمريكية من الشمال السوري، معتبرا أنه "خطوة ذكية من وجهة النظر الاستراتيجية".
وعلى الرغم من أن ماكونيل لم يذكر ترامب في مقاله، إلا أنه شبه الانسحاب من سوريا بالسياسة الخارجية للرئيس السابق باراك أوباما، وكتب قائلا: "راينا الدولة الإسلامية تزدهر في العراق بعد انسحاب الرئيس باراك أوباما. سنرى هذا يحدث مجددا في سوريا وافغانستان، إذا تخلينا عن شركائنا وانسحبنا من هذه النزاعات قبل أن نكسب فيها".
وتابع ماكونيل القول أن حروب أمريكا لن تصبح بلا نهاية إلا إذا رفضت أميركا كسبها، ملمحا بذلك إلى الحجة التي ذكرها ترامب دفاعا عن الانسحاب، من أجل الخروج من "حروب لا تنتهي".