بالاعتقال وقنابل الغاز.. الأمن الإيراني يتفاهم مع المحتجين في طهران
الثلاثاء 22/أكتوبر/2019 - 05:57 م
طباعة
نورا بنداري
في إطار قمع ملالي، إيران لأي صوت معارض، تصدت قوات الأمن الإيرانيةالإثنين 21 أكتوبر 2019، للاحتجاجات التي قام بها العمال في مدن عدة بطهران؛ بسبب عدم دفع رواتبهم لثلاثة أشهر، وكان من بينهم عمال شركات «آذر آب» الواقعة في مدينة أراك قرب طهران؛حيث هاجمت قوات الأمن- خلال الأيام الماضية- العمال المحتجين، وفقًا لوكالة «إيسنا» للطلبة الإيرانيين.
بلغ عدد العمال االمعتقلين 40 شخصًا، علاوةً على الضرب المبرح بالهراوات الذي تلقاه عمال مجتمع شركات «آذر آب» على يد قوات الأمن، فقط لانضمامهم للمحتجين، الذين كانوا يواصلون احتجاجهم لليوم الثالث عشر على التوالي؛ بسبب عدم دفع رواتبهم المتأخرة ومستحقاتهم الأخرى؛ ما أدى إلى وقوع إصابات، ونتيجة لذلك نقل بعض العمال المصابين إلى مستشفى في أراك، لكن قوات الأمن تبعتهم واعتقلت عددًا منهم، وفقًا للوكالة الإيرانية، ولم تكتف القوات بذلك فقط، بل أطلقت الغاز المسيل للدموع.
احتجاجات متوالية
وأوضحت وكالة «هرانا»، التابعة لمجموعة ناشطي حقوق الإنسان الإيرانيين، أن الأيام القليلة الماضية، شهدت عدة مظاهرات وإضرابات واحتجاجات عمالية في عدة محافظات، منها تجمع للمتقاعدين من مصانع الصلب في أصفهان، كما تظاهر عدد من المستثمرين في سوق البورصة في طهران، أمام مبنى وزارة الاقتصاد في العاصمة الإيرانية؛ للاحتجاج على نهب أموالهم.
أما في الجنوب، واصل عمال شركة «هفت تبه » لمصانع قصب السكر، شمال إقليم الأهواز في 21 أكتوبر 2019، مظاهراتهم لليوم الثامن والعشرين؛ احتجاجًا على استمرار اعتقال النشطاء النقابيين، وكذلك على فصل العديد من زملاء العمل، والتأخر في دفع الرواتب، فضلًا عن المخاوف إزاء المستقبل الوظيفي، وفي مدينة الأهواز، أعلنت بلدية منطقة «كوت عبد الله» 20 أكتوبر الجاري، اعتقال 13 عاملاً من عمالها، الذين يعملون في قسم المساحات الخضراء، وذلك خلال احتجاج 120 عاملًا.
وتصاعدت الإضرابات العمالية بشكل كبير في مختلف أنحاء إيران، في القطاعات الصناعية والزراعية والإنتاجية والخدمية؛ نتيجة عدم دفع الرواتب وارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية والتضخم؛ بسبب العقوبات الأمريكية، وتجاهل الحكومة الإيرانية لمعضلة تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية.
تعويل إيراني
في تصريحاته، أكد «أسامة الهتيمي»، الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الإيراني، أن الأنباء التي يتم تداولها بشأن الاحتجاجات والتظاهرات العمالية في أنحاء متفرقة من إيران، باتت أنباء عادية؛ إذ تشهد إيران يوميًّا عشرات الاحتجاجات، والتي لم تتوقف على مدار سنوات، حتى وصلت حدتها منذ شهر ديسمبر من عام 2017، وطوال العام الماضي بأكمله.
وأكد «الهتيمي»، أنه على الرغم من أن عدد الفاعليات والتظاهرات والاحتجاجات تراجع بنسبة نحو 38%، بحسب وزير الداخلية الإيرانية، إلا أن ذلك لم يكن نتيجة قدرة النظام الإيراني على حل المشكلات وتنفيذ مطالب المحتجين، وإنما لأسباب عديدة، يأتي في مقدمتها، الممارسات الأمنية الإيرانية واعتقال الآلاف من المحتجين وتقديمهم لمحاكمات غير نزيهة، الأمر الذي جعل من هذه الاحتجاجات، أحد أهم التحديات التي تواجه النظام الإيراني، ذلك أنه يدرك جيدًا، أن كل التحديات الخارجية لا يمكن أن تكون معول هدم له، فالخطر الأكبر هو الداخل الإيراني؛ حيث استطاع النظام طيلة العقود الماضية، أن يصدر مشكلاته دائمًا للخارج، والترويج إلى أن ما يعانيه هو جراء العقوبات، والحصار الأمريكي المفروض عليه.
وأضاف، أنه ليس من المرجح على الإطلاق، أن تراعي السلطات الإيرانية أي معايير أخلاقية أو حقوقية في التعاطي مع هذه الاحتجاجات، وهو ما يعني استمرارها وانتشارها؛ لافتقاد هذا النظام القدرة على الاستجابة لمطالب المشاركين فيها، بل على العكس، فإن الزمن يعمل على تفاقمها وتصاعدها، فيما سيواصل النظام أيضًا سياسات القمع والاعتقال؛ مظنة أن ذلك سيجهض هذه الاحتجاجات ويحجمها.