«الغنوشي» يبحث عن الدعم من رفيق الفكر «أردوغان»
الثلاثاء 22/أكتوبر/2019 - 08:15 م
طباعة
محمد عبد الغفار
رغم زخم الأجندة التونسية الداخلية بالعديد من الأحداث، خصوصًا المرتبطة بحركة النهضة «ذراع الاخوان»، مثل ملف رئاسة الجمهورية، ورئاسة مجلس نواب الشعب، وغيرهما من الملفات الشائكة والمهمة، فإن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وجد لنفسه وقتًا وسط كل هذا الزخم، كي يشارك في فعاليات المنتدى الفكري الذي تنظمة قناة TRT World في نسخته الثالثة بتركيا، تحت شعار «أزمة العولمة: الفرص والمخاطر».
وشهد المنتدى الذي انطلق الإثنين 21 أكتوبر حضورًا مكثفًا لقيادات وممثلين لجميع أذرع جماعة الإخوان حول العالم، بالإضافة إلى حضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكانت كلمة البداية من نصيب وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو.
حضور بارز
بعد حضور راشد الغنوشي، فعاليات الدورة الـ32 لمجلس شورى حركة النهضة، السبت 19 أكتوبر، في مدينة الحمامات التونسية، واتفاقه على انفراد الحركة بتشكيل الحكومة برئاسة شخصية حزبية، وفقًا لما صرح به رئيس مجلس شورى الحركة عبدالكريم هاروني، سافر الغنوشي مسرعًا إلى تركيا، يرافقه الدكتور رفيق عبدالسلام، رئيس مكتب العلاقات الخارجية بالحركة، والتقى هناك الرئيس التركي، ورئيس حزب عدالة الشعب الماليزي أنور إبراهيم، بالإضافة إلى إبراهيم أران المدير العام لشبكة قنوات TRT التركية.
وشهدت فعاليات اليوم الثاني من أعمال المنتدى كلمة خاصة برئيس حركة النهضة تحت عنوان «تونس: الطريق الوعر إلى الديمقراطية»، كما شارك راشد الغنوشي في مجموعة من الجلسات العامة والخاصة، ناقشت التحديات التي واجهت التجربة التونسية.
أهداف متناقضة
خرج القيادي الأبرز في حركة النهضة مسرعًا إلى خارج البلاد، بحثًا عن دعم أبرز حلفاء جماعة الإخوان في تنظيمها الدولي ممثلة في الدولة التركية، والتي استقبلته بصورة لافتة، حيث عقد لقاءً مع رئيسها وعقيلته، وكذلك لقاءً مع المدير العام لواحدة من أبرز الشبكات التلفزيونية بالبلاد، وهو أمر اعتاد عليه رئيس حركة النهضة خلال السنوات الماضية، حيث زار إيطاليا وعدة دول خارجية أكثر من مرة، وكان الهدف المعلن لكل نشاطاته هو «مناقشة التحول الديمقراطي للدولة التونسية».
كان ذلك هو العنوان الأساسي لزيارته الحالية إلى تركيا، كما كان هدف زيارة من وفد برلماني إيطالي إلى حزب النهضة في مارس 2015، بحضور رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الإيطالي فايزيو تشيكيتو، وكذلك هدف زيارة أخرى لرئيس كتلة الحزب الديمقراطي بالبرلمان الإيطالي إيتوري روزاطو ومسؤول العلاقات الخارجية في الحزب الديمقراطي ليا كوارتابالي، أبريل 2016.
ورغم تعدد الزيارات الخارجية لرئيس حزب النهضة ووحدة هدفها المعلن، فإن تصريحاته كافة كانت تصب في مصلحة حركة النهضة، كما هو الحال في كلمته خلال منتدى حوار المتوسط، ديسمبر 2016، وبدلًا من الحديث عن التحول الديمقراطي في تونس، روج الغنوشي لحركته قائلًا «نسعى لنشر الإسلام الديمقراطي لمواجهة الأفكار المتطرفة في حربنا ضد الإرهاب، لا وجود لناطق باسم الله على الأرض، ولا وجود لسلطة دينية رسمية للإسلام».
وكذلك كان الأمر خلال كلمته أمام مجلس الشيوخ الإيطالي، 22 أغسطس 2019، وبدلًا من الحديث عن تونس، قال الغنوشي: «لقد أنجز حزبنا انتقالًا نوعيًّا على مستوى بنيته ومضامينه وأهدافه اقتناعًا بروح العصر، وبالدور الخلاق الذي تلعبه الديمقراطية في النهوض بالمجتمعات، إننا كأول حزب يصف نفسه بـ "الديمقراطيين المسلمين" شبيها في التوجّه وفي الأهداف، وعلى مستوى الممارسة بالأحزاب الديمقراطية المسيحية الناشطة منذ عقود طويلة في أوروبا التي حاولت المواءمة بين القيم المسيحية والأسس الديمقراطية»، واصفًا النهضة بأنها «حزب الديمقراطيين المسلمين».
النهضة العقبة الأولى
يتضح أن راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة يريد أن يخفي حقيقة واضحة، وهي أن حركته، العقبة الأولى في سبيل التحول الديمقراطي داخل تونس، خصوصًا أنها لا تؤمن بالعمل السياسي السلمي البعيد عن استخدام العنف، وهو ما اتضح في لجوء الحركة إلى العنف وتشكيل جهاز سري لاغتيال خصومها في التيار اليساري، مثل شكري بلعيد، في فبراير 2013، ومحمد البراهمي، يوليو من العام نفسه، وهما من أبرز منافسي الحركة بعد الثورة التونسية، إذ نجحت هيئة الدفاع عنهما في تقديم إثباتات واضحة للنيابة العامة والرأي العام التونسي، تثبت تورط الحركة بالتعاون مع التنظيم الأم في مصر، في تنفيذ عمليات الاغتيال والتنصت على المعارضين السياسيين، بهدف السيطرة على مقاليد الحكم داخل البلاد.
ويتضح أن الشعب التونسي أمامه مهمة أخرى في إبطال مفعول السيطرة الإخوانية المنتظرة على مجلس نواب الشعب عبر نواب حركة النهضة، الذراع الإخوانية في تونس، والذي من المتوقع أن يستغله التنظيم الدولي في إحياء نفسه مرة أخرى داخل المنطقة العربية.