على الطريقة الإيرانية.. «حزب الله» و«أمل» يحاولان قمع متظاهري لبنان
الثلاثاء 22/أكتوبر/2019 - 09:36 م
طباعة
نورا بنداري
على الطريقة الإيرانية، توجهت ميليشيا «حزب الله» و«حركة أمل» لقمع الاحتجاجات التي يشهدها لبنان؛ باستخدام الدراجات النارية لقمع المتظاهرين اللبنانيين، وذلك جاء في الفيديوهات التي نشرها النشطاء في لبنان على موقع «توتير» في 21 أكتوبر الجاري، موضحة مواكب لدراجات نارية ترفع أعلام «حزب الله» و«حركة أمل» المناصرة لها، وقال النشطاء: إنها كانت تجوب شوارع العاصمة بيروت ومناطق أخرى في البلاد، لاسيما الجنوب لتفريق المحتجين، كما أن بعض راكبيها كانون يحملون أسلحة نارية؛ الأمر الذي أثار بلبلة بين المتظاهرين في بيروت وبعض المناطق الجنوبية التي يعتبرها «حزب الله» و«حركة أمل» معقلًا لهما.
وقد فرق الجيش اللبناني المنتشر على مداخل وسط بيروت نحو 200 دراجة نارية لعناصر من حركة أمل، التي يتزعمها رئيس مجلس النواب «نبيه بري، وعناصر ميليشيا «حزب الله»، وطلب المتظاهرون من وسائل الإعلام المساهمة بحماية أرواح المتظاهرين، بعد ظهور هذه المشاهد على الهواء، وذلك قبل أن تنسحب هذه الدراجات.
وسيلة إيرانية
وتظهر دراجات حزب الله النارية في المناسبات الخاصة بالحزب أو المناهضة له كما حدث في التظاهرات اللبنانية، ومما يؤكد كذب «حزب الله» الذي نفي علاقته بهذه الدراجات التي تحمل علمه، نجد أن هذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها أنصار الحزب هذه الوسيلة لفض المظاهرات أو إحداث شغب، فهو تكنيك تبناه الحزب من الحرس الثوري الإيراني منذ أكثر من عقد سواء داخليا لمضايقة التظاهرات المناهضة أو خارجيًّا في العمليات العسكرية.
وفي مايو 2018، شهدت العاصمة اللبنانية بيروت حادث شغب، بعدما قام عدد من عناصر حزب الله وحركة أمل، بتسيير مواكب على دراجات نارية في الأحياء السكنية، مطلقين شعارات استفزازية، وقد قام بعض عناصر الحزب بإطلاق الرصاص الحي في عدد من المناطق (بيروت، البقاع).
وأشار مركز «مئير عميت» لدراسة الاستخبارات والإرهاب في تقرير له نشر في يوليو الماضي، أن الدراجات النارية وسيلة غير شائعة بين الجيوش النظامية، في حين أن العديد من الميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني في منطقة الشرق الأوسط قد استخدمتها؛ حيث تلقي نشطاء تابعين لـ«حزب الله وحماس وجيش المهدي بالعراق»، تدريبات على يد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، على استخدام الدراجات النارية لمهام القوات الخاصة.
قمع الاحتجاجات
إضافة إلى استخدام «حزب الله» الدراجات النارية في أعمال الشغب وتخويف وإرهاب بقية التيارات السياسية الأخرى المعادية له، فإنه يقوم باستخدامها للدعاية السياسية وتجميل صور قادته، وهذا ما أوضحته الوكالة الوطنية اللبنانية في أبريل الماضي؛ حيث أطلقت عناصر تابعة للحزب في مختلف القرى والبلدات الجنوبية مسيرات بالدراجات النارية مرددين شعارات وهتافات مؤيدة للأمين العام للحزب «حسن نصرالله».
وفي سبتمبر الماضي، قام قائد الحرس الثوري الإيراني «حسين سلامي» قائد الباسيج السابق حسين غيب بارفار نائبًا له، ووفقًا لوكالة الأنباء الإيرانية شبه الرسمية «فارس»، فإن قائد الحرس الثوري كلف «بارفار» بالإشراف على إنشاء وحدات «الدراجات النارية» في جميع المدن الإيرانية لقمع الاحتجاجات الحضرية المحتملة.
بيد أن المحلل السياسي «مراد فيسي» أشار في تقرير له على موقع الإذاعة الأمريكية باللغة الفارسية «اديو فاردا» في سبتمبر 2019، أن تكتيك الحرس الثوري الإيراني في التصدي للانتفاضة الخضراء عام 2009، كان عبر نشر دراجات نارية على متنها مجموعات مكونة من 50 عنصرًا أمنيًّا مُلثمًا، للتصدي للمتظاهرين، وكان السبب الرئيسي وراء هذا التكتيك، إحداث فوضى عارمة وإثارة الرعب والترهيب بين المتظاهرين.
استنساخ التجربة الإيرانية
وفي تصريحاته، أوضح «أحمد قبال» الباحث في الشأن الإيراني بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن هذه الخطوة الهدف منها ردع وتحويل المتظاهرين، وقياس مدى قدرة «حزب الله» و«حركة أمل» للسيطرة على المتظاهرين؛ لكن لا يمكنها بأي حال الاستمرار في تبني هذا النهج أو تطويره لإحداث فزاعة أمنية على نطاق واسع، خاصة وأن الإيرانيين يدركون جيدًا تركيبة المجتمع اللبناني وخطورة التصعيد على مكانة ودور إيران.
وأكد «قبال» أن المظاهرات في لبنان تعدت نطاق الاعتراض على السياسات الحكومية، وقد وصل الفساد بأغلبية الشعب اللبناني إلى حافة الانفجار ليخرج ليس فقط المعارضة الحكومة أو الرئاسة أو البرلمان وإنما للمطالبة بإنهاء نظام المحاصصة الطائفية وتشكيل نظام وطني قومي جديد قادر على مواجهة الفساد، وهو المطلب الذي يتعارض بشكل كبير مع الوجود الإيراني وذراعه العسكري والسياسي «حزب الله».
وأضاف أنه من المنطقي اتباع أساليب قمعية من جانب الحزب بالتزامن مع خطاب التهدئة السياسية واتهامات العمالة، وللنظام الإيراني سجل حافل وخبرات واسعة في كيفية التعامل مع الاحتجاجات من خلال مليشيات الباسيج في الداخل الإيراني أو في خارج إيران.
ولفت الباحث في الشأن الإيراني أن ما يماثل الباسيج في العراق وسوريا ولبنان ونشر مجموعات من جانب «حركة أمل» و«حزب الله»؛ يمثل استنساخا واضحا وصريحا للتجربة الإيرانية في الانتفاضة الخضراء التي انتهت بقمع غير مسبوق أودى بحياة أعداد كبيرة من الإيرانيين بينما اكتظت المعتقلات بالآلاف وتم سحق قادة ورموز التيار الاصلاحي، لكن لبنان لن تجدي معه تلك السياسات القمعية إذا أخذنا في الاعتبار أن إيران ليست بمفردها في الساحة اللبنانية، وأي انتهاكات ستواجه إجراءات وتدخلات دولية.