أردوغان يحاكم ضباط شرطة كشفوا خلية لـ«القاعدة» في إسطنبول
الأربعاء 23/أكتوبر/2019 - 05:22 م
طباعة
نهلة عبدالمنعم
في قصة استقصائية جديدة، كشفت الشبكة الإعلامية «نورديك مونيتور»، قيام الحكومة التركية برئاسة رجب طيب أردوغان، بتوفير الحماية لشبكة إجرامية ترتبط بتنظيم «القاعدة»، إلى جانب محاكمة فريق الشرطة الذي كشف عمليات الشبكة بتهم ضعيفة وكاذبة.
وأوردت نورديك صورًا لوثائق سرية حصلت عليها، تشير إلى قيام السلطات التركية عن طريق مسؤولين تابعين لأردوغان، بمحاكمة بعض أفراد الشرطة؛ لإلقائهم القبض على عناصر للقاعدة وداعش.
ادعاءات كاذبة
بدأت القصة من شكوى، قدمها عنصر من شبكة «القاعدة» من داخل محبسه المشدد للسلطات التركية؛ إذ ادعى «يافوز كارا»، أن فريق التحقيقات الذي وصمه بشبهات الإرهاب منذ عقود كان على علاقة بحركة «فتح الله جولن» التي يتهمها أردوغان بتنفيذ الانقلاب العسكري الفاشل في 15 يوليو 2016.
إذ قال كارا: إن أعضاء التحقيق كانوا يسألونه: «لماذا لا تحب جولن؟، ولماذا لا تقرأ مقالاته المعارضة؟، ولماذ لا تتبنى نفس موقفه؟»، وزعم كارا في رسالته للحكومة، أن هذه الأسئلة والاتهامات تم صياغتها ضده؛ بسبب ارتباط زوجته بعلاقة قرابة مع الرئيس «رجب طيب أردوغان»، ورغبة الفريق الشرطي في تشويه الرئيس وعائلته.
وبناءً على هذه الرسالة الغامضة، وصف أردوغان التحقيقات بأنها: «انقلاب قضائي»، ودفع بأن الاتهامات التي ساقتها السلطات، كانت زائفة، ومن ثم قام بعملية ممنهجة لإزالة رؤساء الشرطة وأعضاء النيابة والقضاة الذين شاركوا في العملية القانونية ضد المشتبه بهم، كما تم فيما بعد سجن العديد من المحققين، بناءً على أوامر من أردوغان.
كما أظهرت الوثائق التي نشرتها شبكة «نورديك» توجيه تعليمات سرية من رئيس وحدة مكافحة الإرهاب في إسطنبول، كيهان آي؛ لإجراء تحقيق مع جميع ضباط الشرطة الذين تورطوا في ملاحقة خلية تنظيم القاعدة في الماضي، إلى جانب الحصول على بعض وثائق المحكمة والملفات السرية التي أوضحت لنورديك، أن مزاعم كارا ليس لها أي جدوى، ومع ذلك فقد بدأت عملية مطاردة ساحقة ضد المحققين الذين قاموا بقمع خلية القاعدة في إسطنبول، على الرغم من إظهار لائحة الاتهام الصادرة عام 2009، ضد المتهمين وبالأخص كارا ، فإن الأدلة كانت ساحقة وقائمة على الواقع وتقدم دليلًا دامغًا على أنه كان متشددًا متورطًا في أنشطة مسلحة لجماعات إرهابية.
«كارا» وشبكته الإرهابية
في عام 2007، اعتقل كارا في حملة مداهمة من فرق مكافحة الإرهاب لمقهى يشتبه بتجمع الإرهابيين فيه، ولكن تم إطلاق سراحه لعدم اكتفاء الأدلة، ولكنه عاد في 3 ديسمبر 2008؛ لينفذ حادث سرقة لشاحنة كبرى تتبع إحدى شركات المياة الغازية الشهيرة، ومن ثم قام أحد العناصر الأخرى في الشبكة ببيع المخزون الذي تم الاستحواذ عليه في السوق السوداء الخاصة ببيع البضائع المسروقة، وجمعوا حينها 14400 ليرة تركية، وطبقًا للتحقيقات علمت الشرطة بأن الجماعة اتفقت على إرسال خمس المكاسب لفرق القاعدة في الشيشان.
ومن هنا، تم متابعة الخلية عن كثب، وأوردت التحقيقات، أن الشرطة حصلت على معلومات تفيد بتجهيز الخلية لعمليات سطو على إحدى مكاتب البريد في إسطنبول لتمويل عمليات القاعدة، ومن ثم جهز عناصر الشرطة أنفسهم بملابس مدنية لضبط الكمين على العناصر الإرهابية، ولكن حدث إطلاق نار متبادل، تم على إثره مقتل أحد المتطرفين؛ لتحال القضية إلى المحكمة بعض القبض على باقي المتورطين، وتقديم الأدلة التي حصلت عليها الشرطة جراء تفتيش منازلهم والتي وجد فيها –طبقًا لأوراق القضية التي حصلت عليها الشبكة الاستقصائية- بندقيتين وستة رؤوس صاروخية ورصاصات مختلفة، وأشرطة فيديو لمقاطع لزعيم القاعدة المقتول أسامة بن لادن ومحاضرات لعناصر إرهابية تركية اتهمت لاحقًا بالانتماء لداعش.
وتمت المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الثالثة عشرة في إسطنبول، والمشكلة من ثلاثة قضاة وحكم على كارا حينها بالسجن لمدة خمس سنوات؛ لارتكابه جريمة بالاشتراك مع جماعة إرهابية وهي القاعدة، كما حكم عليه بالسجن سبع سنوات وستة أشهر بتهمة سرقة شاحنة شركة المشروبات الغازية، فيما حصلت باقي العناصر والتي من بينها مشتبه بهم تم اتهامهم في السابق عدة مرات بالإرهاب وتسليمهم مثل المدعو أجاك، الذي تم تسليمه من سوريا في 2006؛ لانضمامه للقاعدة على أحكام مختلفة.
رغم ذلك اطلق سراح «كارا» فهرب إلى سوريا وانضم لداعش هو وزوجته، ولكن عاد من داعش مرة أخرى إلى تركيا بعد 10 أشهر فقط من وصوله للتنظيم، مدعيًا بأن قيادات داعش عاقبته على التدخين ولم يكن عضوًا، ولكن الشرطة تؤكد أنها من ألقت القبض عليه هو وزوجته في يناير 2016، عند عبوره الحدود إلى تركيا بطريقة غير شرعية، ولا تزال قضيته معلقة.
وخلال وجوده في محبسه المشدد، أرسل بخطابه المجهول إلى الحكومة؛ لتبدأ عملية الانتقام من مجموعة شرطية قامت بتنفيذ القانون وأيدتها المحكمة في اتهاماتها مرتين؛ إذ تم ثبوت التهمة في محكمة الاستئناف أيضًا أثناء هروبه؛ ما يعني وفقًا لنورديك أن أردوغان استخدم غطاء سياسي لمحاكمة عدد من المسؤولين؛ لمحاولة إحكامهم السيطرة على ملف الإرهاب في تركيا؛ ما تسبب بعدها في تنفيذ حوادث ضخمة لداعش بداخل البلاد، كما أن بعض هؤلاء الشرطيين تم محاكمتهم أيضًا؛ لرغبة الرئيس في إخفاء قضايا فساد كشفوها في 2013.