كشفتها ورقة بحثية.. علاقة «الانسحاب الأمريكي من سوريا» بـ«عودة داعش»
الأربعاء 23/أكتوبر/2019 - 05:48 م
طباعة
نهلة عبدالمنعم
ناقشت مؤسسة راند للدراسات السياسية التداعيات المحتملة للانسحاب العسكري الأمريكي من سوريا، وعلاقة ذلك الانسحاب بعناصر داعش المحتجزة تحت سلطة «قوات سوريا الديمقراطية» «قسد»، وذلك من خلال ورقة بحثية، قدمها الباحث في العلوم السياسية كولين كلارك بعنوان «كيف يوفر انسحاب الولايات المتحدة من سوريا دعمًا لداعش؟».
دفعت الدراسة، بأن قرار الرئيس ترامب بمغادرة القوات الأمريكية من سوريا، من المحتمل أن يمنح فرصة لتنظيم داعش لاقتناص التوقيت اللازم والموقع المناسب؛ لإعادة تنظيم صفوفه مرة أخرى في الشرق الأوسط، إلى جانب زيادة التوترات مع الجانب التركي ومعاركه العسكرية ضد الأكراد، وتأثير ذلك على ضعف المواجهة الأمنية التي كانت تقوم بها القوات الكردية ضد داعش والمجموعات الإرهابية في المنطقة.
ضعف القبضة الكردية
طبقًا للورقة البحثية، فإن القلق الأكثر وضوحًا، يأتي من تركيز الأكراد الآن على البقاء على قيد الحياة، وبناءً عليه، فإن الشريك الأكثر قدرةً للولايات المتحدة على الأرض في سوريا – وهو قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب- سيخصص موارد مادية وموارد بشرية أقل لمكافحة مشاكل التنظيمات؛ إذ أوقف المقاتلون الأكراد عمليات مكافحة الإرهاب ضد داعش.
ومع انسحاب الأكراد من معسكرات الحراسة التي تم بها اعتقال سجناء ومتعاطفي داعش ودعوتهم إلى الخطوط الأمامية للقتال ضد القوات التركية ومليشياتها بالمنطقة، ستصبح مراكز الاحتجاز والسجون أكثر عرضةً للخطر، مع احتمال أن تكون هناك آثار وخيمة على المنطقة بأكملها.
تقارير الهروب
كانت هناك بالفعل تقارير، تشير إلى عودة نشاط داعش في المنطقة؛ إذ أعلنت الوكالة الإعلامية التابعة للتنظيم أعماق عن هجوم مسلح على مقر «حزب العمال الكردستاني» في غرب الرقة، كما تم الإبلاغ عن حوادث أخرى مماثلة، بما في ذلك التقارير الإعلامية التي تشير إلى أن أكثر من 700 شخص ممن يشتبه بصلتهم بتنظيم داعش، قد فروا من معسكر في شمال شرق سوريا، بعد قصف الجيش التركي في المنطقة- على الأرجح مخيم عين عيسى- ولذلك، فإن الحكومة العراقية، قد أعربت في منتصف أكتوبر 2019 عن قلقها، من أن المسلحين الذين فروا من الاحتجاز في سوريا، من المحتمل أن يعبروا الحدود إلى العراق.
استعدادات دولية
فيما يبدو أن دول جنوب شرق آسيا، بما في ذلك إندونيسيا، في حالة تأهب الآن؛ حيث فر مواطنوها الأجانب المحتجزون في هذه المعسكرات، وقد يعودون إلى بلدانهم الأصلية؛ للتخطيط لهجمات في المستقبل، كما أوردت الدراسة، أن هناك شائعات تتردد بشأن دواعش فرنسا، وأنهم بين الهاربين الأكثر؛ ما زاد المخاوف في باريس من احتمال وجود خطط لشن هجمات إرهابية وشيكة، وعليه عقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اجتماعًا مع أعضاء مجلس الدفاع والأمن الوطني في 14 أكتوبر 2019؛ لتحديد خطورة الوضع بسوريا، وتأثير ذلك على إمكانية تسلل الدواعش إلى البلاد.
وتأتي إمكانية ظهور داعش في وقت حرج بالنسبة للجماعة الإرهابية، فعلى الرغم من أنها فقدت معظم الأراضي التي كانت تسيطر عليها من قبل، إلا أنها تعمل بثبات؛ لنشر نفوذها في العراق وسوريا، وقد تنتهز الجماعات المعارك المحتدمة واضطراب الوضع الأمني؛ لإعادة التموضع داخل المنطقة.
إشكالية الشراكة المستقبلية
إذ يبدو أنه من المستحيل تقريبًا بالنسبة للولايات المتحدة، إعادة نشر القوات العسكرية في شمال سوريا؛ إذ استولت بعض الجهات على القواعد الأمريكية، أو تم تفكيكها من قبل القوات الأمريكية ذاتها؛ لجعلها غير قابلة لأي قوات أخرى.
وعلاوةً على ذلك، فإذا أرادت واشنطن إعادة وجود قواتها في المنطقة مستقبلًا؛ للتعامل مع التهديدات المحتملة للجماعات الإرهابية، فستجد معوقات أكبر للعثور على داعم شرعي للتعاون معه، وذلك بعد تخليها عن الأكراد، الذين دعموا حربها على التنظيمات الإرهابية من البداية.
الفرص الدولية
في حين، أن الانتكاسات التكتيكية الناتجة عن انسحاب القوات الأمريكية في سوريا، قد تنعكس على المكاسب التي تحققت بصعوبة في المدى القريب، فإن الآثار الإستراتيجية بعيدة المدى لمثل هذا القرار، الذي تم تنفيذه على عجل، يمكن أن يتردد صداه في المنطقة لسنوات قادمة، بينما يشجع القرار الخاطئ من وجهة نظر الباحث، في إتاحة فرصة أكبر لداعش وتركيا وإيران؛ لتوسيع نفوذهم مقابل تراجع نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وفي خضم الحديث عن فرص الدول المتربصة للانقضاض على سوريا، في الوقت الذي انسحبت فيه واشنطن من المشهد على الأرض، أشارت مؤسسة راند إلى أن طهران بالأخص، سيتزايد نفوذها وحجم تعاملاتها مع وكلائها الإرهابيين في المنطقة، وستستعيد جسور تواصلها بشكل أقوى مع حزب الله وغيره من عملائها العسكريين.