القارة السمراء.. ساحة جديدة للصراع «الأمريكي ــ الإيراني»
الخميس 24/أكتوبر/2019 - 07:19 م
طباعة
علي رجب
في إطار التعاون الإستراتيجي بين الرباط وواشنطن، بحث وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، ونظيره الأمريكي مايك بومبيو، جهود التعاون الرامية إلى التصدي لمحاولات تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة، بما في ذلك شمال وغرب أفريقيا، وكذلك مواجهة الإرهاب.
وعقب ختام الدورة الرابعة للحوار الإستراتيجي المغرب- الولايات المتحدة، التي ترأسها ناصر بوريطة، الثلاثاء 22 أكتوبر، اتفق "بوريطة" و"بومبيو" على مواصلة تعاونهما لتعزيز المصالح المشتركة المرتبطة بالاستقرار الإقليمي، ودحر الجماعات الإرهابية، لاسيما القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وتنظيم داعش، إذ تتوافق مواقف المغرب تُجاه إيران مع مواقف البيت الأبيض.
القارة السمراء..
وكانت وزارة الخارجية المغربية أعلنت بداية مايو 2018 عن قطع علاقات الرباط الدبلوماسية مع طهران؛ بسبب اتهامات بدعم طهران جبهة البوليساريو، عن طريق «حزب الله»، وهو الأمر الذي نفاه الأخير جملةً وتفصيلًا، معتبرًا أن القرار تحكمه ضغوط «أمريكية وإسرائيلية».
وقال وزير الخارجية المغربي في مقابلة مع موقع "بريتبار" الأمريكي، سبتمبر 2018، إن إيران تدعم جبهة "البوليساريو" من أجل توسيع هيمنتها في منطقة شمال وغرب أفريقيا، لاسيما البلدان الواقعة على الواجهة الأطلسية.
وأضاف أن المغرب كان قد راسل وزارة الخارجية الإيرانية للاستفسار حول الواقعة، وقوبل بالتجاهل من قبلها، ما دفع الرباط إلى اتخاد هذا القرار، مضيفًا أن إيران ترغب في استخدام دعمها للبوليساريو لتحويل النزاع الإقليمي بين الجزائر والجبهة الانفصالية من جهة، والمغرب من جهة ثانية، إلى وسيلة تمكنها من توسيع هيمنتها في شمال وغرب أفريقيا، وخاصة الدول الواقعة بالساحل الأطلسي.
أيضًا بات المغرب والولايات المتحدة قلقين من نشاط إيران في منطقة الساحل والصحراء والشمال الأفريقي وغرب أفريقيا، لما تشكل الثلاث مناطق من أهمية للأمن القومي المغربي.
وذكر تقرير لوزارة الخزانة الأمريكية في 2018، تفاصيل شبكة التمويل الأولى لإيران في أفريقيا جنوب الصحراء، والتي أطلق عليها شبكة "تاجكو"، التي نجحت في تأسيس شركات تعمل في مجال الاستثمارات العقارية في عدد من الدول الأفريقية.
كذلك تتغلغل إيران في الجزائر وتونس، وخاصة بعد 2011، إذ وقعت تونس مع إيران مجموعة اتفاقيات لتطوير العلاقات في مجال السياحة والصناعات التقليدية ديسمبر 2015 خلال اجتماع الدورة الخامسة للجنة المشتركة التونسية-الإيرانية الذي حضره مسعود سلطاني نائب الرئيس الإيرانى برفقة ممثلي قطاع السياحة في بلاده، كذلك نشط أمير موسوي، الملحق الثقافي الإيرانى السابق في السفارة الجزائرية، ما أدى إلى مخاوف شعبية من نفوذ إيران داخل الجزائر.
كذلك تنشط إيران في دول غرب أفريقيا، والتي تتمتع المغرب بعلاقات قوية معها، حيث توجد إيران بصورة قوية في نيجيريا وتشكل الحركة الإسلامية بقيادة إبراهيم الزكزاكي أبرز أذرعها، وكذلك هناك "جامعة المصطفى" التي تعد الذراع التعليمية لإيران وتنشط في 17 دولة أفريقية تحت شعارات تدريب الأئمة وغيرها من الأنشطة الفكرية والدينية.
ساحة جديدة
من جانبه يرى محمد بناية، الخبير في الشؤون الإيرانية، أن التعاون الأمريكي المغربي في مجال مكافحة الإرهاب وتقويض تهديدات إيران للمغرب وتحجيم نفوذها في قارة أفريقيا، يشكل تحديًا جديدًا لإيران في الخارج.
وأضاف "بناية" أنه يبدو أن واشنطن تركز على الرباط في مواجهة التدخلات والنفوذ الإيراني في القارة السمراء، نظرًا لأن الاستخبارات المغربية تعد من أقوى الأجهزة في شمال أفريقيا بالإضافة إلى حالة القطيعة السياسية بين الرباط وطهران.
وتابع، أن الحفاظ على مصالح ونفوذ واشنطن والرباط في أفريقيا يحتم عليهما العمل معًا ضد التغلغل الإيراني في القارة السمراء، في ظل تحول أفريقيا إلى نقطة استقطاب عالمي في مجال الاستثمار، لافتًا إلى أن أفريقيا تشكل أهمية كبيرة لسوق السلاح الإيراني، وأيضًا تهريبه إلى الشرق الأوسط وأوروبا واستهداف المصالح الأمريكية في القارة السمراء.
وشدد الخبير في الشؤون الإيرانية على أن أفريقيا أصبحت الساحة الجديدة في الصراع الأمريكي الإيراني، وأن وشنطن تبحث مع حلفائها في القارة السمراء مواجهة وتقويض النفوذ الإيراني لخنق نظام الملالى وحلفائه وفي مقدمتهم حزب الله اللبنانى.