لماذا تترك أمريكا الباب مفتوحًا أمام عودة قواتها لسوريا؟
الخميس 24/أكتوبر/2019 - 07:30 م
طباعة
سارة رشاد
يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية، مازالت تواجه أزمة داخلية تجاه قرار سحب القوات العسكربة من سوريا؛ تنفيذًا لقرار الرئيس دونالد ترامب، فبرغم من سحب واشنطن لقواتها، بداية الشهر الجاري، وبدء تسييرهم إلى العراق؛ للتصدى لتنظيم داعش هناك، على حد قول مسؤولين أمريكيين، إلا أن أصوات أمريكية مازالت تتحدث عن عدم تحديد الشكل النهائي للحضور الأمريكي في سوريا.
وأكدت الخارجية الأمريكية، أن الولايات المتحدة لم تتخذ بعد قرارًا نهائيًّا، حول وجودها العسكري شمال شرق سوريا، وشكل دعمها للمقاتلين الأكراد المتحالفين مع واشنطن في الحرب على «داعش».
وقال المبعوث الأمريكي الخاص المعني بالقضية السورية، جيمس جيفري، في تصريحات الأربعاء 23 أكتوبر 2019، خلال جلسة استماع للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب في الكونجرس الأمريكي: «ما نقوم به الآن، هو التحديد العاجل لصورة سياستنا اللاحقة الهادفة إلى ضمان دحر داعش، وندرس كل الخيارات الخاصة بوجود قواتنا العسكرية».
وأضاف جيفري، أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب: «أعطى أمرًا بسحب كل القوات الموجودة على الأرض من شمال شرق سوريا، بصورة منتظمة ومدروسة، الأمر الذي سيتطلب وقتًا معينًا».
وتابع المسؤول الأمريكي: «ندرس الآن خيارات الدعم، بما في ذلك العسكري وأنواعه الأخرى، الذي يمكننا تقديمه لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)؛ لمواصلة الحرب على داعش وضمان الاستقرار في شمال شرق البلاد، وفي هذا السياق أيضا، لم يتم اتخاذ أي حلول نهائية، ويجري حاليًّا النظر في الموضوع».
وأشار جيفري، إلى أن الولايات المتحدة، ستواصل العمل مع كل من تركيا وروسيا؛ لمحاربة «داعش»، لافتًا إلى أن بلاده تمكنت سابقًا من تحقيق بعض النجاحات في سوريا بالتعاون مع الجانب الروسي.
وتكشف التصريحات الأمريكية، عن غموض في الموقف الأمريكي، لا يعرف إن كان مقصودًا منه تضليل الرأي العام الدولي أم خطاب تهدئة، موجه للداخل الأمريكي تحديدًا المعترض على قرار سحب القوات.
وكان القرار الأمريكي، قد اثار موجة غضب واسعة بالداخل، حتى أن البعض في الإدارة الأمريكية، قد حذّر من عودة داعش كرد فعل لسحب القوات الأمريكية.
ويقول الدكتور محمد فراج أبو النور، الكاتب والمحلل السياسي: إن خطاب المبعوث الأمريكي، يحمل رسالتين للداخل والخارج، وفيما يخص الداخل أوضح، أن الإدارة الأمريكية مستمرة في سياسة سحبها للقوات، ولكنها تعمل على تهدئة الرأي العام، عبر تصريحات تلمح إلى احتمالية العودة في قرار سحب القوات.
ولفت إلى، أن الهدف الثاني والأبرز من هذه التصريحات هو التنافس مع روسيا، مشيرًا إلى أن توقيت الإعلان عن هذه التصريحات، وتحديدًا عقب يومين فقط من الاجتماع الروسي التركي بمنتجع سوتشي، يشير إلى تخوف أمريكي من اتساع نفوذ روسيا في سوريا.
وبدت روسيا بحسب أبو النور، من خلال اجتماعها بالرئيس التركي أردوغان، قبل يومين، للاتفاق على الشكل النهائي لمنطقة شرق الفرات، وكأنها الطرف الأكثر نفوذًا والقادر على تسوية المشكلات.
ويبدو أن ذلك أزعج أمريكا؛ إذ تخشى أن تحل روسيا نيابة عنها في سوريا، فألمحت إلى أن الشكل النهائي لحضورها في سوريا، غير محدد حتى اليوم.
وتطرق إلى نقطة ثالثة، مشيرًا إلى أن أمريكا أرادت أن ترسل رسالة للأكراد في سوريا، الحلفاء التقليديين لها؛ لتوهمهم أنها مازالت عند دعمها لهم.
واعتبر أن الحديث عن عدم تحديد الشكل النهائي للحضور الأمريكي، يجعل الطرف الكردي لاهثًا وراء واشنطن؛ ظنًا منه لإمكانية إقناعها بالإبقاء على قواتها.
وتعتبر مواجهات شرق الفرات، هي الملف الأبرز المطروح على الساحة السورية الآن؛ إذ تتداخل الأطراف الفاعلة؛ لتقاسم دورًا يضمن مصالح كل طرف.
وفي عصر التاسع من أكتوبر الجاري، بدأت تركيا عملية عسكرية، أطلقت عليها اسم «نبع السلام»، بمنطقة شرق الفرات؛ للقضاء على الوجود الكردي هناك وزعزعة الحلم الكردي في الانفصال، وعلى مدار خمسة أيام، واصلت تركيا الهجمات العسكرية البرية والجوية؛ لتتدخل أمريكا بإرسالها لوفد إلى أنقرة، نجح في إقناع تركيا بتعليق إطلاق النار لمدة 120 ساعةً، أي خمسة أيام.
وفي اليوم الخامس، وقبل انتهاء المدة بساعات، تدخلت روسيا في المشهد بلقاء جمع الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان، اللذين اتفقا على إقامة منطقة آمنة وتسيير دوريات روسية وتركية بعمق 10 كيلو مترًا، باستثناء القامشلي المسيطر عليها الجيش السوري.