متظاهرون وقناصة.. احتجاجات العراق بين الأيادي الإيرانية ورصاص الحشد الشعبي

الجمعة 25/أكتوبر/2019 - 12:06 م
طباعة متظاهرون وقناصة.. شيماء حفظي
 
أعلنت وزارة الداخلية العراقية، حالة الإنذار القصوى استعدادًا لتظاهرات الجمعة 25 أكتوبر 2019، وتلخص الإنذار في ضرورة حماية المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة في  محيط التظاهرات؛ المزمع انطلاقها في العاصمة وعدد من المحافظات العراقية.
وقالت وزارة الداخلية العراقية- في بيان لها- الخميس 24 أكتوبر: إن «رئيس الوزراء ووزير الداخلية وجها القوات الأمنية بالتعامل المسئول مع المتظاهرين وفق مبادئ حقوق الإنسان والالتزام بالتوجيهات لحماية التظاهر السلمي».
تأتي تظاهرات الجمعة بعد ثلاثة أيام من تقرير حكومي أكد مقتل 157 شخصًا معظمهم في بغداد، خلال أسبوع من الاحتجاجات.
وكان تقرير لجنة التحقيق حول الاضطرابات، قال: إن ما يقرب من 70‎% من الإصابات استهدفت الرأس والصدر، سادت حالة من الاستياء وخيبة الأمل بين الأحزاب السياسية المختلفة والنشطاء السياسيين لعدم تطرق التقرير إلى ذكر المسؤولين عن عمليات القتل الممنهجة، محذرين من تحركات مضاعفة لما شهدته البلاد بداية اكتوبر 2019.
وأحصت اللجنة الحكومية العراقية المكلفة بالتحقيق في هذه الاضطرابات مقتل 149 مدنيًّا و8 من عناصر الأمن وإصابة 4207 متظاهرين، و1287 منتسبًا أمنيًّا، وخلصت اللجنة إلى أن قوات الأمن استخدمت «القوة المفرطة والرصاص الحي» لقمع المتظاهرين ما تسبب في وقوع عدد كبير من الضحايا المدنيين في محافظة بغداد والمحافظات الأخرى.
لكن أكد التقرير عدم ضبط جناة بأعينهم في حالات إطلاق النار التي تسببت في مقتل عدد من المتظاهرين،  إلا أن ذلك لم ينف «ضعف القيادة والسيطرة لبعض القادة والآمرين أدى إلى حدوث فوضى وإرباك حقيقي وعدم السيطرة على إطلاق النار العشوائي الذي جوبه به المتظاهرون» بحسب التقرير.

أياد إيرانية
وعلى الرغم من محاولات تحسين الأوضاع الأمنية في العراق، كشف هذا الحادث، أن هناك جهات أخرى تلعب دورًا في تحريك الوضع الداخلي وسيادة الحالة الفوضوية التي سادت الساحة السياسية في العراق.
وكان مسؤولان أمنيان عراقيان، قالا لوكالة "رويترز": إن فصائل مدعومة من إيران نشرت قناصة على أسطح البنايات في بغداد خلال أكثر الاحتجاجات المناهضة للحكومة دموية منذ سنوات.
وأصبحت هذه الفصائل عنصرًا ثابتًا في المشهد الأمني العراقي مع تزايد النفوذ الإيراني في البلاد، وأحيانًا تعمل هذه القوات بالاشتراك مع قوات الأمن العراقية لكنها تحتفظ بهياكل القيادة الخاصة بها.
وقال المصدران الأمنيان لرويترز: إن قادة فصائل متحالفة مع إيران قرروا من تلقاء أنفسهم المساعدة في إخماد الاحتجاجات الشعبية على حكومة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي الذي تحظى إدارته منذ تولت السلطة قبل عام واحد بدعم من جماعات مسلحة قوية مدعومة من إيران ومن فصائل سياسية.
وقال أحد المصدرين الأمنيين: «لدينا أدلة مؤكدة بأن القناصين كانوا عناصر من المجاميع المسلحة والذين يتلقون الأوامر من قادتهم بدلا من القائد العام للقوات المسلحة.. إنهم ينتمون إلى فصيل مقرب جدا من إيران».
وقال مصدر أمني عراقي آخر يحضر اجتماعات يومية لإطلاع الحكومة على الوضع الأمني: إن رجالًا يرتدون ملابس سوداء أطلقوا النار على المحتجين في اليوم الثالث من الاضطرابات الذي ارتفع فيه عدد القتلى من نحو ستة إلى أكثر من 50 قتيلًا.

الحشد الشعبي وقناصة اللامي
وأضاف المصدر الثاني أن هؤلاء القناصة يقودهم أبو زينب اللامي مسؤول أمن الحشد الشعبي، وهو تجمع معظمه من قوات شيعية شبه عسكرية مدعومة من إيران.
ونفى أحمد الأسدي المتحدث باسم الحشد ذلك الاتهام، وقال في بيان لرويترز: «لم يشارك أي من عناصر الحشد الشعبي في التصدي للمتظاهرين. لم يكن هناك أي عنصر متواجد في مناطق بغداد أثناء التظاهرات».
والحشد الشعبي، هي ميليشيا شيعية، تحولت لقوة نظامية؛ حيث أصدر البرلمان العراقي في نوفمبر 2016 مرسومًا لتقنين وضع قوات «الحشد الشعبي»، بعدما ظهرت بشكل كبير بسبب دورها في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي في العراق.
وبعد هذا القانون باتت «فصائل وتشكيلات الحشد الشعبي كيانات قانونية تتمتع بالحقوق وتلتزم بالواجبات باعتبارها قوة رديفة وساندة للقوات الأمنية العراقية ولها الحق في الحفاظ على هويتها وخصوصيتها ما دام لا يشكل ذلك تهديدًا للأمن الوطني العراقي».
كان المرجع الديني الشيعي في العراق آية الله علي السيستاني أصدر فتوى في أوائل يونيو 2014، تدعو كل من يستطيع حمل السلاح إلى التطوع في القوات الأمنية لقتال إرهابيي داعش وتجيز التعبئة الشعبية.
وبناء على تلك الفتوى تم تأسيس «وحدات الحشد الشعبي» التي انبثقت عن مكتب رئيس الوزراء لإضفاء الطابع المؤسساتي على التعبئة الشعبية ومنحها صفة رسمية مقبولة كظهير للقوات الأمنية العراقية.
وفي شهر أكتوبر 2016، بدأت الحكومة العراقية حملة عسكرية لاستعادة الموصل من قبضة داعش، وهي الحملة التي شاركت بها قوات الحشد الشعبي.
وتضم قوات الحشد الشعبي عدة فصائل مسلحة أغلبها شيعية ومن بينها فصائل سنية وأخرى مسيحية، كما تضم قادة سياسيين بارزين من بينهم هادي العامري، وهو وزير عراقي سابق وعضو برلمان حالي ويشغل منصب الأمين العام لمنظمة "بدر"، و"أبو مهدي المهندس" ويشغل منصب نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي؛ بالإضافة إلى فالح فياض الذي يشغل منصب رئيس هيئة الحشد الشعبي ومستشار الأمن الوطني العراقي.
ويبلغ عدد قوات الحشد الشعبي حوالي 130 ألف مقاتل، يشكلون 45 فصيلًا.

شارك