الحرب المحتملة ستظل معلقة.. واشنطن وطهران تمارسان لعبة الألسنة الطويلة
السبت 26/أكتوبر/2019 - 10:04 ص
طباعة
نورا بنداري
على مدار عام مضى، ترواحت الأزمة بين واشنطن وطهران، بين الصعود والهبوط، لكنها وصلت إلى ذروة التصعيد الأشهر الماضية؛ما دفع الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» في تصريح أدلى به للصحفيين في البيت الأبيض 21 أكتوبر 2019، إلى تهديد إيران بتوجيه ضربة غير مسبوقة، في حال قامت بإجراءات معينة «لم يذكرها»، مضيفًا أن واشنطن لا تريد أن تخوض أي حرب، لكن الأوضاع يمكن أن تتطور بصورة تجبر النظام الأمريكي على اتخاذ قرار المحاربة، ليس ذلك فقط، بل أكد «ترامب» أن الولايات المتحدة تتمتع بقدرات كبيرة على ممارسة الضغط على الدول الأخرى، دون استخدام السلاح، خاصة عبر الإجراءات الاقتصادية.
تصاعد اللهجة الأمريكية
تصاعدت اللهجة الأمريكية تجاه طهران، بعد أن أتهمت السلطات الدولية والعربية؛ النظام الإيراني بالمسؤولية عن شن هجوم استهداف المنشآت النفطية لشركة «أرمكوا» السعودية، في 14 سبتمبر الماضي، الأمر الذي أدى إلى تأثر الشركة السعودية التي تعد من أكبر الشركات إنتاجًا للنفط؛ حيث تسبب الهجوم الإيراني في حينه، عن وقف المملكة أكثر من 50% من إنتاجها النفطي؛ ما دفع الرئيس الأمريكي مجددًا لتهديد إيران بتوجيه ضربة لها، وذلك إذا استمر نظام الملالي في اتباع نفس النهج القائم على تهديد أمن واستقرار دول منطقة الشرق الأوسط، بل ودول العالم، من خلال دعم الإرهاب في العديد من المناطق والدول.
رد إيراني
وردت إيران على تصريح «ترامب»- الخاص بـ«توجيه ضربة غير مسبوقة لطهران في حال قامت بإجراءات معينة»- من خلال رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية «محمد علي باقري»، الذي أشار في تصريح نقلته وكالات الأنباء الإيرانية في 22 أكتوبر الجاري، أنه في «حال مهاجمة أمريكا لإيران، فإن واشنطن ستتكبد خسائر فادحة» على حد قوله، مضيفًا، أن القوات الإيرانية تواجه الضغوط والتهديدات التي تتعرض لها طهران، وتقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في الحفاظ على الأمن الدائم، وإنشاء وتعزيز الردع الفعال.
تداعيات محتملة
ولمعرفة ما هي الإجراءات التي أشار إليها الرئيس الأمريكي، والإجابة عن التساؤل بشأن مدي احتمالية حدوث حرب، خلال الفترة القادمة بين أمريكا وإيران، أوضح «أحمد قبال» الباحث في الشأن الإيراني بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن تهديد الرئيس الأمريكي «ترامب»، بـتوجيه ضربة غير مسبوقة إلى إيران، ليس التهديد الأول الصادر عنه في هذا الشأن، والهدف من هذا التهديد أمرين؛ الأول هو الضغط على النظام الإيراني؛ لعدم اتخاذ مزيد من الإجراءات الأحادية التدريجية للانسحاب من الاتفاق النووي والالتزام بالاتفاق، رغم الضغوط الاقتصادية، وهو ما يسعى إليه أطراف اتفاق 5+1.
وأضاف «قبال» في تصريح له، أن الأمر الثاني، هو الحفاظ على حالة التخوف الإقليمي السائدة حيال النظام الإيراني، ومن ثم مزيد من الصفقات مع دول الخليج، لكن تلك السياسة قد تفضي في النهاية إلى مزيد من الصمود الإيراني، أو الانخراط في عمل استفزازي، ربما يخرج الأوضاع عن السيطرة، وصولًا إلى مواجهة عسكرية حقيقية.
ولفت الباحث في الشأن الإيراني، أن تهديد «ترامب» يظهر في الوقت ذاته، سعيه للتفاوض من خلال لقاء الرئيس الإيراني «حسن روحاني»، ولذلك على الرئيس الأمريكي أن يدرك جيدًا، أن إيران بخلاف كوريا الشمالية ليست دولة نووية، وأن الهدف ليس تخفيف التوتر في العلاقة بين إيران والولايات المتحدة، وإنما التفاوض على أفضل اتفاقية نووية، وأن على المفاوض الأمريكي إمعان النظر جيدًا في الاستراتيجيات الإيرانية، وتكتيكاتها التفاوضية، التي ترجع إلى عام 2003.
وأكد «قبال»، أنه يبدو أن النظام الإيراني، بات أكثر ثقة وقناعة باستبعاد الخيار العسكري من جانب الولايات المتحدة، فكلما مر الوقت، زاد الإيرانيون يقينًا بقدرتهم على المناورة واقترابهم من ساحة التفاوض والمكاسب على الصعيد السياسي والاقتصادي، لكن تاريخيًّا وبالنظر إلى معطيات، أسفرت في اندلاع حروب كبرى في الماضي، يبقى خيار المواجهة العسكرية مفتوحًا على خلفية احتمالات توجيه ضربة أمريكية استباقية؛ لتدمير قدرات إيران العسكرية والنووية.