بعد نبذها سياسيًّا.. النهضة تفشل في تشكيل حكومة ائتلافية
السبت 26/أكتوبر/2019 - 10:07 ص
طباعة
محمد عبد الغفار
بخسارة نائب رئيس مجلس نواب الشعب (والقيادي البارز بحركة النهضة ذراع الإخوان في تونس) عبد الفتاح مورو للسباق الرئاسي منذ جولة الانتخابات الأولى، ودخلت النهضة دوامة السقوط التي ما زالت تتهاوى بها حتى الآن، ورغم ذلك فإن الحركة حصلت على أغلبية الأصوات في النتائج الأولية للانتخابات التشريعية التونسية (52 مقعدًا) وكان لها الحق في تشكيل الحكومة التونسية المقبلة، وهو ما أكد عليه رئيس مجلس شورى الحركة عبد الكريم هاروني خلال فعاليات الدورة الـ32 لمجلس شورى النهضة المنعقد بمدينة الحمامات التونسية، السبت 19 أكتوبر 2019؛ حيث أشار إلى أنهم سوف ينفردون بتشكيل الحكومة برئاسة حزبية.
النهضة المنبوذة سياسيًّا
لكي تشكل حركة النهضة الحكومة التونسية، فإنها بحاجة إلى التواصل مع الأحزاب المختلفة والتشاور معهم، بعد أن يتم تكليفها بصورة رسمية من الرئيس التونسي قيس بن سعيد بصفتها الأغلبية في مجلس نواب الشعب التونسي، وهنا أصبحت الحركة أمام امتحانها الثالث.
حيث رفضت كافة الأحزاب التجاوب مع الاتصالات الأولية من حركة النهضة، ورفضوا مشاركتهم معها في الحكومة المقبلة، وأصدر حزب قلب تونس والحزب الدستوري الحر بيانات مبكرة تعلن رفضهما المشاركة في الحكومة الجديدة، وحصل حزب قلب تونس على 38 مقعدًا، والحزب الدستوري الحر على 17 مقعدًا.
واعتبر الحزبان أنهما يرفضان بصورة قاطعة أي اتصالات مع حركة النهضة لتشكيل الحكومة بسبب «ارتباط الحركة عضويًّا بتنظيمات وشخصيات ذات علاقة مع الجرائم الإرهابية عبر العالم»، مشيرًا إلى أنهما «تقدما ببلاغات ضد حركة الإخوان إلى القضاء، بسبب شبهة ضلوعها في تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر»، مطالبين كافة الأحزاب بضرورة النضال لكشف ملف الاغتيالات السياسية وذبح الجنود خلال فترة حكم الترويكا وما بعدها.
بينما أشار القيادي في حزب قلب تونس حاتم المليكي، في تصريحات صحفية، الأربعاء 23 أكتوبر 2019، إلى أن حزبه لن يتحالف مع حركة النهضة، ولكنه سوف يدعم مؤسسة رئاسة الجمهورية، وسوف يحتفظ بحقه في المعارضة والطعن على الحكومة الإخوانية الجديدة.
بينما طالب رئيس حركة الشعب زهير المغزاوي في تصريحات صحفية، الخميس 24 أكتوبر، إلى ضرورة أن تكون الحكومة من اقتراح الرئيس الجديد قيس بن سعيد، ولا ينتمي رئيسها إلى حركة الإخوان، مستغلًا في ذلك امتلاكه رصيدًا شعبيًا يملك 3 ملايين صوت، وهو ما يخول له حسم قرار تشكيل الحكومة.
ورفض رئيس حركة الشعب، صاحب 16 مقعدًا، أن ينضم حزبه إلى أي حكومة تشكلها حركة النهضة، بسبب الخلاف الواضح سياسيًّا واقتصاديًّا ما بين الحزب والنهضة، التي تدعم الإرهاب بصورة واضحة.
وهو ما أكده حزب التيار الديمقراطي، 14 مقعدًا ؛ حيث رفض الدخول في أي حكومة تشكلها النهضة، وذلك بسبب اتهام الإخوان في تونس لرئيس الحزب محمد عبو بالكفر، والتشكيك في انتمائه للهوية الإسلامية عبر حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.
فشل ذريع
وأمام رفض الأحزاب والحركات التونسية ذات الأغلبية في البرلمان التعاون مع حركة النهضة في تشكيل الحكومة، حاولت الحركة أن تهرب بنفسها من الفشل الذريع الذي تواجهه شعبيًّا ورسميًّا.
وأعلنت الحركة في بيان رسمي، الخميس 24 أكتوبر 2019، أنها ورغم إجرائها اتصالات مع أحزاب ومنظمات وشخصيات وطنية، بهدف التشاور حول المبادئ والأسس التي يقوم عليها التشكيل الحكومي الجديد، فإنها لم تلق تجاوبًا من كافة الأحزاب خاصة الفائزة بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان.
بينما هدد مجلس شورى الحركة ناجي الجمل في تصريحات له عبر صفحته الرسمية عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بإعادة الانتخابات، قائلًا: «إعادة الانتخابات أقل كلفة على تونس من خمس سنوات عجاف»، بينما اعتبر القيادي فتحي العيادي بأنهم لا يخشون إعادة الانتخابات إذا اقتضى الأمر ذلك، معتبرًا أن ذلك سوف يمنحهم شرعية أكبر.
ويرى المحلل السياسي عبد الرحمن زغلامي في تصريحات صحفية أن حركة النهضة تواجه متاعب كبيرة خصوصًا بعد رفض كافة الأطراف التعاون معها، مع مواجهتها ضغوطات من منظمات وطنية مثل الاتحاد الوطني للشغل، التي ترغب في إنهاء تشكيل الحكومة بصورة سريعة.
مشيرًا إلى أن التهديد بإعادة الانتخابات يهدف إلى إرهاب الأحزاب التي حصلت على مقاعد في البرلمان، ودفعها إلى المشاركة في الحكومة خشية خسارة مقاعدها، وفقدانهم للمكاسب السياسية التي حصلوا عليها خلال الانتخابات التشريعية المقبلة.