تظاهرات العراق.. ثورة أفشلت المشروع الفارسي في بلاد الرافدين

الإثنين 28/أكتوبر/2019 - 01:44 م
طباعة تظاهرات العراق.. إسلام محمد
 
كان لافتًا في الاحتجاجات التي اندلعت في العراق- وما تزال مستعرة- أنّها لم تتجاوز العاصمة والمحافظات الشيعيّة في الجنوب فقط، دون باقي المناطق، رغم وجود نفس مسببات الاحتجاج في جميع الأنحاء، بل وربما بدرجة أكبر من انتشار الفساد وتردي الخدمات وتحكم طهران في القرار العراقي.

نبذ الطائفية.. مجرد شعار

وبالرغم من أن المتظاهرين رفعوا خلال الاحتجاجات شعارات نبذ الطائفية وإعلاء قيم المواطنة، إلا أن ذلك لم يقنع أبناء طائفة السنة بالمشاركة في التظاهرات، فالموصل والأنبار مثلًا اللتان كانتا من أبرز ساحات الاحتجاج ضد الحكومة فيما مضى، لم يتجاوب سكانهما مع التظاهرات وكأنها تحدث في بلد آخر، وكذلك أهالي إقليم كردستان في الشمال.



وقد برّر الشباب السنّة عدم مشاركتهم في التظاهرات بالقول: إن العامل الطائفي ما زال حاضرًا، ينتظر من يستدعيه بمنتهى السرعة فإيران ووكلائها يودون لو استطاعوا حرف المظاهرات عن سيرها تحت ذرائع طائفية؛ ما عزز المخاوف لدى المحافظات السنيّة بأن دخولهم على الخطّ سوف يفشل أيّ حراك جماهيريّ؛ بسبب تلك العوامل الطائفيّة؛ لذا قرر رؤساء الكتل السنيّة ومعظم السياسيّين السنّة، أن التزام الصمت هو اكثر إيجابيّة



ويرد السنة على اتهامات مواطنيهم الشيعة بالتخاذل والخنوع بالقول: إنهم رغم أن حالهم، أكثر سوءًا، إلا أنهم لا بواكي لهم، في ظل تحكم أذرع إيران في كافة مفاصل السلطة سواء التنفيذية أو التشريعية أو القضائية، وفي حال مشاركتهم في التظاهرات، فإن التّهم ستكون جاهزة كاتّهامهم بأنهم أزلام النظام السابق أو حزب البعث وأتباع صدام، وستكون المجازر الطائفية في انتظارهم، كما حدث مرارًا على العكس تمامًا؛ ما حصل مع أتباع المرجع الشيعي الصدر مؤخرًا، عند دخولهم المنطقة الخضراء، إذ انسحبوا من دون أيّ محاسبة، واكتفت القوات الأمنية بمنعهم من الدخول.



إيران والمظاهرات

أما عن مناطق إقليم كردستان التي لم تشهد أيّ مشاركة في الاحتجاجات، فقدم للسلطات المحليّة طلبًا، تقدّم به ناشطون لتنظيم وقفة تضامنيّة مع متظاهري ساحة التحرير ببغداد، إذ تسود  مشاعر في الإقليم بأنهم ليسوا أصلًا جزءًا من العراق الذي تتحكم فيه إيران ويسعى أغلبية سكانه للانفصال.



لذا بدأت الاحتجاجات في المحافظات الشيعية جنوب العراق؛ بسبب انفجار الغضب الشعبي من نقص الوظائف والكهرباء ومياه الشرب، ووقع عشرات القتلى واعتقال وجرح المئات والمئات.



ولم يتراجع المتظاهرون، رغم إعلان طهران عن إرسال قوات خاصة للعراق؛ لقمع المظاهرات بزعم تأمين فعاليات أربعينية الحسين.



وانتشرت مقاطع فيديو كثيرة ومتنوعة في مدن عدة، وهم يرددون هتافات؛ رفضًا للتغلغل الإيراني وتدخلهم الصارخ في شؤون بلادهم الداخلية وفرضهم الوصاية على القرار العراقي، ومن بين هذه الهتافات «بغداد حرة حرة إيران برا برا»، و«والبصرة حرة حرة وإيران تطلع برا».



وبحسب مصادر اقتصادية، فإن 22.5% من الشعب العراقي يعيشون بأقل من 2 دولار يوميًّا، حتى في المدن الغنية بالنفط، كما أن البطالة بين القادرين على العمل وصلت إلى أكثر من 17 %.



انهيار المشروع الفارسي

من جانبه، قال الباحث في الشأن الإيراني محمد عبادي: إن انتفاضة المواطنين العراقيين الذين لم يعودوا يطيقون دفع ثمن فاتورة السياسات الايرانية، تكشف عن قرب انهيار المشروع الفارسي الطائفي في المنطقة، فالمفارقة أن مناطق الشيعة اليوم هي من انتفضت، وليس العكس وهذا يوقع الملالي في ورطة كبيرة أمام أتباعهم



وأضاف، أن إيران حاولت استغلال الورقة الطائفية في العراق لأقصى درجة، ولكن هذه المرة، فإن الحواضن الشيعية في الجنوب ثارت ضدها، وهي رسالة مفادها، أنها خسرت الشعوب، وأن ألعابها انكشفت ولم تعد تنطلي عليهم

شارك