«الآن جاء القتال».. كان هذا الشعار الذي رفعه تنظيم داعش عقب سقوط قرية الباغوز فوقاني آخر معاقله في سوريا، وانهيار ما عُرف بالخلافة المكانية في مارس 2019، وعقب الهزيمة، أعلن التنظيم بدء مرحلة جديدة من العمل الإرهابي باسم «حرب الاستنزاف»، بدأت بغزوة الاستنزاف الأولى التي شملت نحو 9 دول، من بينها سيريلانكا التي لم يكن للتنظيم فيها أي نشاط، يذكر قبل هجمات الفصح الدامية في أبريل الماضي.

وبعد انتهاء ما سُمي بـ«غزوة الاستنزاف الأولى»، أطلق تنظيم داعش «غزوة الاستنزاف الثانية»، والتي شملت دولًا جديدة في مناطق وسط غرب أفريقيا.

وبين الغزوتين، ظهر زعيم التنظيم الإرهابي أبو بكر البغدادي في لقاء مرئي بثته مؤسسة الفرقان (أحد أذرع داعش الإعلامية)، ودعا فيه لمواصلة «حرب الاستنزاف»، وتحويلها إلى حرب طويلة وممتدة تستنزف أعداء التنظيم عسكريًّا، وماليًّا، ولوجيستيًّا.

إسقاط المدن مؤقتًا وحلم العودة للسيطرة

اتبع التنظيم الإرهابي عددًا من التكتيكات خلال مرحلة «الحرب الاستنزافية»، كان أبرزها «إسقاط المدن مؤقتًا»، فعبر 3 أعداد متواصلة، أفردت صحيفة «النبأ الداعشية» مساحة واسعة من صفحاتها لتقديم النصح للإرهابيين حول طريقة «إسقاط المدن مؤقتًا» الذي وصفته بأنه أسلوب يعتمد على الهجوم المباغت في مناطق تحظى بوجود عسكري وأمني ضعيف، في مقابل قوة التنظيم، بما يمكن الإرهابيين من تنفيذ ضربتهم ومن ثم الانسحاب سريعًا قبل وصول قوات الدعم.

وتعتمد الطريقة، على الضربات الخاطفة والانسحاب السريع، إذ لجأ التنظيم خلال هجومه على منطقة سبها العسكرية، وعلى بعض المناطق في حديثة العراقية، في مايو الماضي.

وبالرغم من فشل التنظيم في تحقيق أية أهداف استراتيجية خلال مرحلة الحرب الاستنزافية، إلا أنه عاد من جديد ليطلق مرحلة جديدة من العمل الإرهابي تحت مسمى «الحرب اللامتناهية»، وهي امتداد لطريقة «الحرب الاستنزافية».

«البغدادي» يعطي إشارة البدء

في سبتمبر الماضي، بثت مؤسسة الفرقان الداعشية، كلمة صوتية للبغدادي بعنوان «وقل اعملوا»، بلغت مدتها 31 دقيقة و15 ثانية.

وأشاد البغدادي، في كلمته، بما وصفه «الغزوات المنسقة» التي أطلقها عناصر التنظيم في خلال مرحلة «حرب الاستنزاف»، معتبرًا أنها المرة الأولى في تاريخ الجماعات الإرهابية التي يتم فيها تنفيذ عمليات إرهابية منسقة في عدد من الدول في وقت واحد.

ودعا زعيم داعش لمواصلة العمليات الإرهابية، وتطوير الأساليب والوسائل التي يتبعها عناصر التنظيم.

وبعد نحو شهرين على «كلمة البغدادي»، دعت صحيفة النبأ الداعشية (العدد 205)، عناصر التنظيم إلى البدء في مرحلة «الحرب اللامتناهية».

ملامح أساسية للحرب اللامتناهية

تعتمد الحرب المتناهية، على مواصلة العمليات الإرهابية، وفتح جبهات جديدة لاستنزاف الدول المحاربة للتنظيم، وشغل القوى الدولية عن المعاقل الأساسية لداعش في سوريا والعراق.

ولجأ التنظيم لفتح جبهات في موزمبيق، والكونغو، وبوركينا فاسو، وبنجلادش، والهند، وباكستان، لتشتيت الجهود الدولية ضده، وإعطاء فرصة لمقاتليه في سوريا والعراق للاستعداد من جديد لمهاجمة السجون، وتحرير رفاقهم المعتقلين، ومن ثم العودة من جديد لـ«مسك الأرض»، وإعادة الخلافة المكانية من جديد.

معهد دراسات الحرب: داعش مازال قادرًا على شن هجمات منسقة

من جانبه، قال معهد دراسات الحرب (مركز بحثي أمريكي): إن تنظيم داعش لم تتم هزيمته في سوريا والعراق، مضيفًا أن التنظيم في المرحلة الحالية أقوى من فترات سابقة، ويستعد للعودة من جديد.

وتوقعت مديرة المعهد أن يعود تنظيم داعش بصورة أسرع بعد الانسحاب الأمريكي من سوريا والعراق؛ للسيطرة على الأرض من جديد، مضيفةً أن تمدد داعش الجديد سيبدأ من العراق، وسيصل إلى سوريا.

وأكد معهد دراسات الحرب أن التنظيم ما زال قادرًا على شن هجمات، وحملات عسكرية منسقة في عدد من البلدان، كما فعل عقب هزيمته في سوريا بإطلاق حملة الحرب الاستنزافية، وهو ما يشكل خطرًا على الأمن الإقليمي والعالمي.