«شفرة الإلهام».. نساء أفغانستان يتحدين «طالبان» بالألعاب الإلكترونية

الإثنين 28/أكتوبر/2019 - 06:52 م
طباعة «شفرة الإلهام».. نهلة عبدالمنعم
 
حاولت مجموعة من النساء الأفغانيات التغلب على معايير قهر المرأة، وسلب حقوقها، والتي ترسخت بفعل انتشار الجماعات الإرهابية في البلاد؛ ففي مدينة هيرات بغرب البلاد أسست إحداهن مركزًا تعليميًّا للفتيات أطلقت عليه «Code to Inspire» أو شفرة الإلهام.
ويهتم «Code to Inspire» بتدريب الفتيات بعد حصولهن على شهادة المدرسة على تعلم المهارات التقنية، وإنشاء الألعاب والتطبيقات الإلكترونية؛ لمنح البنات قدرة على كسب الدخل بمفردهن، وتحقيق أحلامهن في العمل والإبداع، ولو من خلال شبكة الإنترنت دون الحاجة للعمل في مؤسسات تحمل فكرًا متطرفًا ضد الجنس الآخر أو التعرض لمضايقات المتطرفين في الشوارع.
ولسحق العقبات المجتمعية، نجحت النساء في إطلاق تطبيق عبر الهاتف باسم «البطلة الأفغانية» تم تدشينه في ستة أشهر من قبل 12 شابة، وهو لعبة إلكترونية تقوم على وجود امرأة محجبة تصارع مجموعة من السحرة والأشرار، وتعتبر هذه واحدة من إنجازات المركز لتعليم الفتيات حرفة تمكنهم من مواجهة الرجعية والتطرف باستخدام التكنولوجيا الحديثة.

المؤسسة والمعاناة من طالبان
جاءت فكرة هذا المشروع من خلال رغبة مؤسسة المركز فريتشه فوروغ «Fereshteh Forough» في عدم مواجهة الفتيات لما تعرضت له هي وأسرتها من معاناة على يد جماعة طالبان، فعندما وصلت الجماعة للحكم في التسعينيات واضطربت أحوال البلاد؛ نتيجة المعارك المحتدمة بين التيارات المختلفة والاتحاد السوفيتي ثم التحكم في البلاد بأفكار متشددة اضطرت للهروب خارج البلاد مع أسرتها.
وبعد عام من إزاحة طالبان من الحكم عادت مرة أخرى للبلاد، ولكنها استطاعت السفر إلى ألمانيا، وحصلت من هناك على درجة البكالوريوس في علوم الكمبيوتر، وبعد ذلك حصلت على درجة الماجستير من جامعة برلين التقنية في ألمانيا، وذلك بسبب محاربة الجماعات الإرهابية لاستكمال الفتيات تعليمهن.
ثم عادت مرة أخرى لهيرات لتؤسس في يناير 2015 أول مدرسة لتعليم البنات فنون الكمبيوتر وأدوات التعامل الإلكتروني كبديل عن حرمانهن من التعليم الجامعي، ليبلغ عدد المتعلمات حاليًّا في المركز إلى حوالي 150 فتاة.

بديل للرجعية
في بلد لا تتاح فيه للفتيات في كثير من الأحيان سوى فرص تعليمية محدودة، صرحت فريتشه لصحيفة «Out Look» بأن النساء تواجه تمييزًا عميقًا في كل منعطف من منعطفات الحياة، ولذلك فإن المهارات التقنية لها إمكانات تحويلية لحياة النساء.
كما عبرت فريتشه عن مخاوفها من عودة طالبان إلى الحكم مرة أخرى أو تقلدها أي سلطة؛ إذ حظرت خلال فترة حكمها القمعي الوحشي في التسعينيات على النساء العمل أو الخروج من المنزل، قائلة: إنه من خلال تعلم كيفية عمل الأكواد الإلكترونية ستتمكن النساء من القيام بأعمالهن عن بُعد عبر الإنترنت في منازلهن بأمان، وتجاوز مخاطر أي سلطة مهما كانت.
وأضافت أن العمل الذي تقوم به مع مجموعة النساء الأخريات يتعلق بالمساواة والتمكين والتغيير؛ حتى تستطيع هؤلاء الشابات إضافة قيمة لمجتمعاتهن، والكفاح من أجل حقوقهن، لافتة إلى أن بعض الألعاب الإلكترونية التي أسستها الفتيات اعتمدت على قصصهن المأساوية مع الجماعات الإرهابية، فإحداهن صممت لعبة بمسمى «الكفاح ضد الأفيون»، وتعتمد اللعبة على محاربة العصابات التي تزرع وتتربح من تجارة المخدرات.

أوضاع نسائية متراجعة
منذ سقوط نظام طالبان وعلى مدار عقدين من الزمن، حققت المرأة الأفغانية مكاسب كبيرة على مستوى الحقوق والتعليم والنشاط المجتمعي، ولكن لا تزال هناك تحديات؛ حيث يهاجم المتطرفون مدارس الفتيات بشكل متكرر، ويهددون الطالبات.
وقالت اليونيسف إن الحرب المستمرة في أفغانستان، والتي دخلت عامها التاسع عشر الآن، أسفرت عن إغلاق أكثر من 1000 مدرسة بحلول نهاية عام 2018؛ ما أدى إلى حرمان حوالي 500000 طفل من حقهم في التعلم، بينهم 60% من البنات.
وكانت الأمم المتحدة قد طالبت بضرورة إشراك النساء في عملية السلام الأفغانية؛ لأنهم عنصر مهم في استدامة السلام والتقدم في البلاد، محذرة من الانقضاض على حقوقهن في الحياة والثقافة والتعليم.

شارك