بعد مقتل البغدادي.. هل تستعيد الدول الأوروبية سرًا العرائس الداعشيات وأطفالهن؟
الأربعاء 30/أكتوبر/2019 - 02:36 م
طباعة
نهلة عبدالمنعم
في ظل الأوضاع المضطربة بالشمال السوري، تعود إشكالية الدواعش الأجانب بالشرق الأوسط سواء الفارين من معسكرات الاعتقال أو الهاربين تحت الملاجئ السرية إلى الساحة السياسية مرة أخرى، وبالأخص بعد تأكيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقتل الزعيم الداعشي «أبوبكر البغدادي».
إذ اتجهت أغلب تحليلات الصحف الأجنبية، إلى أن الاجتياح التركي للشمال السوري وتحول الاهتمام الكردي عن تأمين السجون الداعشية في مقابل الاقتتال مع الجيش التركي، سيؤدي إلى إضعاف القبضة الأمنية على السجون، وأن الضربات العسكرية بالقرب من أماكن الاحتجاز ستؤثر على هروب بعض المساجين من السجون، فصحيفة الجارديان البريطانية قد لفتت في تقرير لها في 13 أكتوبر 2019 إلى هروب نحو 750 داعشيًا من معاقل الاحتجاز.
سيناريوهات الدواعش
وهنا يبرز تساؤل مهم حول مصير أولئك الدواعش في ظل مقتل زعيمهم البغدادي، فهل سيكونون رعيلًا آخر للتنظيم إذا تم وضع قيادة جديدة تستطيع احتواءهم من الشتات، سواء تابعة لداعش أو تشكيلة جديدة حسبما تقتضي الظروف؟، أم ستضطر دولهم لإعادتهم مرة أخرى تحت ضغط المخاوف المستقبلية من نفوذهم الانتقامي، أم سينضمون لجماعات إرهابية أخرى تستطيع إنقاذهم من مصيرهم المجهول حاليًا؟ مثل «هيئة تحرير الشام» وذلك باعتبارها المجموعة الأقوى حاليًا في الخريطة الإرهابية على الأرض أو ربما المنوط لها بدور مستقبلي
استعادة غربية
فيما يخص احتمالية استعادة الغرب لمواطنيه الدواعش، ذكرت صحيفة «نيويورك بوست» الأمريكية في 27 أكتوبر 2019 أن المملكة المتحدة تخطط سرًا لاستعادة العرائس الداعشيات وأطفالهن من سوريا، لضمان عدم تحول أولئك العناصر لوجهات إرهابية محتملة قد تهدد الأمن القومي لبريطانيا.
بينما لفتت صحيفة صنداي تايمز البريطانية، إلى مصادر خاصة رفضت ذكر اسمها ولكنها أعلمتها بأن رئيس الوزراء بوريس جونسون وجه أحد المسؤولين بتولي ملف عودة الدواعش البريطانيين، ولكن لا يضمن هذا القرار عودة الجميع بينما سيدرس كل حالة على حدة لتحديد مدى خطورتها على السلم المجتمعي من عدمه.
وأكدت الصحيفة أن العائدات اللائي يقدر عددهن بنحو 30 امرأة من المحتمل أن يواجهن المحاكمة لتعريض حياة أطفالهن للخطر والانضمام لجماعة إرهابية إلى جانب جرائم أخرى تتعلق بالتورط في المساعدة على القتل والأنشطة الإجرامية.
والملاحظ من هذا التسريب الصحفي وجود تحول في السياسة البريطانية تجاه عودة الدواعش الذين رفضتهم في السابق بشكل قاطع، حتى أن وزيرة الداخلية بريتي باتل صرحت من قبل بأن العرائس الداعشية عليهن ألا يحلمن بالعودة مجددًا لأراضي المملكة التي تركنها بإرادتهن، ونتيجة للتغير النوعي في موقف بريطانيا تجاه الداعشيات فمن المحتمل أن يتسبب ذلك إذا تم استكماله في إعادة النظر من قبل الحكومات الغربية الأخرى تجاه مواطنيهم.
وفي هذا المنحى بشكل محدد صرح مدير المركز العربي للبحوث السياسية والاستراتيجية، محمد صادق إسماعيل بأن تحركات المملكة المتحدة لجلب الداعشيات من سوريا ربما يكون تم بفعل ضغط منظمات حقوق الإنسان وهيئات المجتمع المدني، ولكن من وجهة نظره يجب تقديم هؤلاء النساء لمحاكم جنايات دولية فهن ربما قتلن أو اشتركن في عمليات تعذيب ولذلك فعليهن مسؤوليات قضائية، أما عن الأطفال فمن الأفضل إيداعهم دور رعاية لتقديم الدعم النفسي الكامل لهم لمنع إنتاج طبقة أخرى من المتطرفين.
ولكن ما يمنع تقديمهم للمحاكمة وفقًا لرأي الباحث هو أن بعض الدول الكبرى والفاعلة على الساحة السياسية ترى أن بإمكانها إعادة استخدامهم مرة أخرى لإنتاج رعيل جديد من الإرهابيين.
تشكيلة جديدة أم استقطاب مرحلي؟
فيما يخص أطروحة تحول هؤلاء الإرهابيين لقيادة أخرى سواء سينتجها التنظيم أو تنضوي تحت لواء جماعة أخرى قوية بالفعل على الأرض، قال صادق في تصريح لـه إن مستقبل «داعش» أصبح رهن احتمالية إعادة تكوين المجموعة الإرهابية بشكل جديد مرة أخرى أو لا، فمن وجهة نظره أن مقتل البغدادي ليس له تأثير كبير على مستقبل الجماعة ولكنه حقق بعض النصر المعنوي والانتخابي لإدارة دونالد ترامب مثلما فعل باراك أوباما مع زعيم ومؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن فالتاريخ يعيد نفسه.
فيما رجح الباحث بأن مستقبل «داعش» ربما لن يكون بنفس القوة التي كان عليها في السابق أثناء سيطرته على أجزاء كبيرة من سوريا والعراق خلال السنوات الماضية لأن التنظيم فقد دعائمه اللوجستية ومات إكلينيكيًا، وربما سيتم تصدير جماعة أخرى للعرب كالعادة، فـ«داعش» أد دوره في المنطقة وانتهى، ولا يعتقد أن يكون هناك مستقبل للتنظيم، ولكن من المحتمل أن يرد عناصره من الذئاب المنفردة بهجمات متفرقة انتقامًا لمقتل زعيمهم.
فالخريطة الشرق أوسطية تنذر، حسبما قال محمد صادق، بتجهيزات لجماعات أخرى ستتصدر المشهد الإرهابي في المنطقة، وسيخول لها أدوار جديدة لمصالح استراتيجية.