بين التقوقع والتمدد.. قراءة في مستقبل أفرع داعش بعد مقتل البغدادي

الجمعة 01/نوفمبر/2019 - 10:26 ص
طباعة بين التقوقع والتمدد.. نهلة عبدالمنعم
 
أدى مقتل زعيم ومؤسس تنظيم داعش الإرهابي، أبي بكر البغدادي إلى عدة تساؤلات، حول مستقبل التنظيم وعناصره المشتتين في بقاع مختلفة، وماهية الخريطة الإرهابية بالمناطق الاستراتيجية المستهدفة، وفي ضوء ذلك قدمت مؤسسة الأبحاث والدراسات السياسية «راند»، ورقة بحثية كتبها كولين كلارك عن سيناريوهات أفرع التنظيم المنتشرة في آسيا وأفريقيا، بعد انقضاء زعيمهم.
ويدفع الباحث، بأن مقتل البغدادي يشكل ضربة كبيرة لتنظيم داعش، كما سيكون له الكثير من العواقب خلال الأشهر القليلة القادمة، إلا أن هناك نتيجة دولية محتملة جديرة بالاعتبار، وهي أن تؤدي تصفية البغدادي إلى إضعاف شبكة القيادة والسيطرة التابعة لداعش على الفروع الإقليمية للتنظيم، وربما ستمنحهم مزيد من الاستقلال أو التراجع إلى النزاعات المحلية التي كانوا يشاركون فيها سابقًا.

تدريب ديني وكاريزما
بالنسبة لأنصاره، حمل البغدادي نوعًا من الكاريزما الإرهابية؛ إذ انتهج التيار المتطرف قبل تدشين تنظيمه الدموي بسنوات، وتحديدًا بعد الغزو الأمريكي للعراق في مارس 2003، فيما أسهم تدريبه الديني على تحويله إلى قائد إرهابي؛ حيث التحق أبوبكر  بـما يسمى «الجامعة الجهادية» الشهيرة في معسكر بوكا، بعد القبض عليه على يد القوات الأمريكية، وبوكا هو مركز الاعتقال الأمريكي في العراق، الذي كان يضم بعض الأسرى الأكثر تطرفًا في حرب العراق ، في فبراير 2004.
في المعتقل تعلم البغدادي -الشاب حينها- بسرعة، وأعطاه  التدريب الديني والأكاديمي درجة من المصداقية والقدرة على ترجمة الشريعة بشكل يجعلها في متناول صغار المضطربين عقليًا، ولذلك كان بارعًا – من وجهة نظر الورقة البحثية- في تجنيد جحافل من الرعايا الأجانب؛ للانضمام إلى التنظيم في بلاد الشام، كما أن إصراره العنيد على البقاء وراء الكواليس، فهو لم يلق سوى عدد قليل من الخطب العلنية خلال فترة حكمه، أضافت إلى  سطوته الغامضة، ولذلك فمن المحتمل أن تكون عملية اختيار خليفة للبغدادي مهمة شاقة؛ ما سيؤثر على منهجية التجنيد للجماعة أو الحفاظ عليها ككيان واحد متماسك، لا سيما على نطاق عالمي.

المسار القاعدي
فما يحدث حاليًا لتنظيم داعش، يمكن أن يعكس عن كثب مسار «القاعدة» في أعقاب مقتل أسامة بن لادن في مايو 2011،  فقبل وفاة بن لادن، تم تعيين أيمن الظواهري نائبًا له منذ فترة طويلة لقيادة تنظيم القاعدة في مرحلته التالية، ولكن الظواهري يفتقر إلى كل من الكاريزما والقدرة على تقديم حضور موحد؛ للحفاظ على شبكة المجموعة العابرة للحدود.
وكما هو الحال بالنسبة للقاعدة، يرجح الباحث بأن مثل هذه الانقسامات يمكن أن تقود المجموعات التابعة للتنظيم في أماكن بعيدة إلى متابعة المزيد من المصالح الضيقة، ورفض المشورة من القيادة المركزية الموجودة على بعد آلاف الأميال _خلال ذروة حرب العراق في منتصف الألفية الثانية، تجاهل زعيم تنظيم القاعدة في العراق أبو مصعب الزرقاوي شهورًا من تحذيرات الظواهري؛ لتخفيف حدة الطائفية في مجموعته- وهكذا ولد داعش من الانقسامات داخل صفوف القاعدة .

خلافات مالية
بدأت مجموعة داعش الأساسية في الشرق الأوسط في طلب الأموال من الفروع الإقليمية لها؛ للبقاء على قيد الحياة، ما خلق مشكلات إدارية وتحولت  تلك المشكلات- بتفاقمها المتراكم- إلى تحديات بقائية من خلال التوسع الأخير لداعش في أفريقيا وجنوب آسيا، والذي تسارع نموه منذ انهيار سيطرة التنظيم على اراض في سوريا والعراق، كما أشرف البغدادي على توسع المجموعة ولعب دورًا رئيسيًا في قدرتها على جمع مئات الملايين من الدولارات وإنشاء شبكة دعاية عالمية، ربما لهذا السبب تحديدًا قد يتأثر التنظيم بمقتل زعيمه، خاصة على المدى القصير، فالسيناريو الأسوأ بالنسبة لداعش، انضمام بعض عناصره وقياداته الى تنظيم القاعدة أو لمجموعات أخرى أكثر قوة، تستقطب الكفاءات القتالية والمدربة منهم.

انتقام محتمل
يمكن أن تؤدي تصفية البغدادي أيضًا إلى زيادة الهجمات التي تلهمها داعش لذئابها المنفردة على المدى القريب، وذلك في المقام الأول كرد فعل على الأخبار التي تفيد بأنه قُتل على أيدي قوات العمليات الخاصة الأمريكية، لكن على المدى الأطول، يمكن أن يكون لمقتل البغدادي تأثير مخفّف على الانسحاب الملهم للمجموعة.
ولفت الباحث إلى أن فترة وجود البغدادي في السجن، تم خلالها قيام الفريق الطبي في المعسكر، بأخذ مسحات من الحمض النووي الخاص به، وهي خطوة أثبتت أنها مفيدة بشكل خاص بعد الغارة التي قتلته في 26 أكتوبر 2019، وأدت إلى سرعة التعرف على هويته.

شارك