«لامركزية» داعش.. هل تؤمِّن التنظيم ضد الفناء؟
الجمعة 01/نوفمبر/2019 - 02:46 م
طباعة
علي عبدالعال
أضعف مقتل أبي بكر البغدادي- زعيم داعش- من معنويات أنصاره ومتابعيه، ومنح شيئًا من الزهو والانتصار لتحالف الدول، التي تحارب الإرهاب في العالم خاصة داعش، ومن ناحية أخرى يظل التساؤل الأهم هو، ما أثر تصفية زعيم التنظيم الإرهابي على الأرض؟ .قبل مقتل البغدادي بمدة ليست بالقصيرة، وتنظيم داعش يدار باستراتيجية «لامركزية» القرارت، خاصة بعد خسارة التنظيم لمعظم الأراضي التي احتلها عنوة في سوريا والعراق «خاصة الرقة والموصل»؛ ما أتاح لعناصره حرية أكثر، في التخطيط والتنفيذ والتحرك بمفردهم، أو عبر مجموعات دون الرجوع لقيادات التنظيم الأم.
وقد أسهم البغدادي نفسه بقدر كبير في إرساء هذا التوجه، بعدما رأى بعينه الآلاف من نساء التنظيم وأطفاله وعوائله، أسرى في سجون أعدائه، وصار عليه عبء حماية نفسه من الملاحقات.
لم يشأ البغدادي أن يرتبط مصير التنظيم الإرهابي بمصيره الشخصي؛ ما أعطى مرؤوسيه هامشًا أكبر في التحرك بشكل مستقل، وأسهم في التخفيف من أعباء المسؤولية على شخصه، وقلل أيضًا من آثار غيابه مستقبلًا على بنية التنظيم، وقبل وفاته صار أميرًا شرفيًّا لا أكثر على رأس التنظيم.
ولعل الكثير من المواد الدعائية، التي كانت تنعق بها منصات التنظيم الإعلامية، كانت تحوي مثل هذه الإشارات، التي تذكر الإرهابيين بأن- ما أسمتهم- القادة يأتون ويذهبون، لكن الفكر والهدف يظلان كما هما.
وفي الوقت الذي ابتعد فيه التنظيم عن هيكل القيادة المركزية منحازًا لنموذج أكثر انتشارًا، كثف إعلام داعش من النداءات الموجهة لـ «الذئاب المنفردة» و«الخلايا النائمة»، هؤلاء الذين يعملون كأفراد أو في مجموعات صغيره؛ لتخفيف الضغط على الذين يقاتلون في المركز من خلال «حرب العصابات».
فبموجب هذه الاستراتيجية القديمة المتجددة يمكن لأي شخص، وفي أي مكان، أن يخطط منفردًا أو بقيادة مجموعة لعمل هنا أو هناك.. ما يضاعف من الهجمات التي يشنها عناصر منتمون للتنظيم، دون أن تطأ أقدامهم لا سوريا ولا العراق، في الوقت الذي كان التنظيم يتكبد خسائره الفادحه إثر هزائمه المتلاحقة بالعراق وسوريا، كان أنصار له وفروع يضربون بقوة في نيجيريا وأفغانستان والساحل الأفريقي والفلبين.
وبينما كان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يعلن في 23 مارس 2019، تحرير كافة الأراضي، التي كان يسيطر عليها التنظيم في العراق وسوريا بعد هزيمته في الباغوز، كان التنظيم الذي خسر آخر جيب بحوذته، يشرع في بث خطاب دعائي، يعلن فيه شن ما أسماه بـ«الحرب الطويلة» و«الاستنزاف»، متوعدًا بالنصر على «الأعداء» وهزيمتهم في نهاية المطاف، حسب نبرة تلك الخطابات الإرهابية.
وبنظرة سريعة على محصلة حرب العصابات التى اتبعها داعش في العراق، يتضح أن خلال الشهور المنصرمة من 2019 فقط، كانت المحصلة 139 هجومًا في محافظات شمالي وغربي العراق، قُتل خلالها 274 شخصًا، بينهم 170 من عناصر الشرطة.
فهل ينتهي التنظيم بمقتل زعيمه الشرفي؟ أم أن أيديولوجيته لا تزال بعيدة عن الهزيمة وقادرة على مده بدماء جديدة؟ خاصةً في وقت الأزمات؟