«نيويورك تايمز»: «البغدادي» دفع أموالًا في «إدلب» لحمايته
السبت 02/نوفمبر/2019 - 10:19 ص
طباعة
أحمد سلطان
قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إن زعيم تنظيم «داعش» السابق أبا بكر البغدادي تمكن من الاختباء في محافظة «إدلب» التي تسيطر عليها فصائل سورية مسلحة، عبر دفع أموال تقدر بآلاف الدولار لقيادات في تلك الفصائل.
وبحسب وثيقة نشرتها «نيويورك تايمز» الأربعاء 30 أكتوبر نقلًا عن آساد محمد (عميل استخباراتي أمريكي، وباحث ببرنامج مكافحة التطرف التابع لجامعة جورج واشنطن الأمريكية) فإن داعش دفع نحو 67 ألف دولار لتنظيم «حراس الدين» (جماعة مسلحة مرتبطة بتنظيم القاعدة)، مقابل توفير ملاذات ومقرات آمنة لقيادات داعش.
ونشرت الصحيفة صورةً للإيصال المادي الخاص باستلام المبلغ، الموقع من قبل القيادي الداعشي «أبي همام الأمني»، والقيادي بحراس الدين أبوصهيب الأمني، نظير تجهيز مقرات لمن وصفهم الإيصال بـ«الإخوة القادمين من ولاية الخير».
وولاية الخير هو الاسم الذي يطلقه «داعش» على محافظة دير الزور السورية، والتي كانت ضمن آخر المناطق التي بقي التنظيم مسيطرًا عليها قبل انهيار الخلافة المكانية في مارس 2019.
ووفقًا لما أعلنته وزارة الدفاع الأمريكية فإن زعيم تنظيم داعش السابق أبابكر البغدادي أقام في فيلا خاصة داخل قرية «بريشيا» التابعة لمحافظة إدلب السورية والتي تسيطر عليها الفصائل المسلحة.
وخاض «داعش» عددًا من المعارك ضد الفصائل المسلحة التي تسيطر على إدلب (هيئة تحرير الشام، وحراس الدين، وغيرهما)، لكن زعيمه قرر اللجوء إلى المحافظة في نهاية المطاف هربًا من الملاحقة.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن الوثائق الجديدة عُثر عليها داخل إحدى المقرات الداعشية السابقة، ويتضمن دفتر الوثائق 8 إيصالات استلام لأموال في الفترة الممتدة من منتصف 2017 وحتى 2018، مقابل دفع رواتب ونفقات وشراء معدات للأمن والإعلام.
وتضمنت كل الوثائق ختم الجهاز الأمني لداعش، وإمضاءات مسؤولين أمنيين في تنظيم «حراس الدين».
ويعتبر تنظيم حراس الدين إحدى المجموعات التي انبثقت عن هيئة تحرير الشام (أكبر الفصائل المسلحة في الشمال السوري)، ويقول التنظيم عن نفسه إنه فرع لتنظيم القاعدة، ويدين بالولاء لزعيمه أيمن الظواهري.
وأصدر التنظيم في وقت سابق تعميمًا على جميع عناصر بحظر التواصل مع عناصر «داعش» الذي يعتبره «تنظيم خوارج»، لكن الوثائق التي نشرتها «نيويورك تايمز» تكشف حجم التنسيق بين التنظيمين.
إدلب.. الملاذ الآمن لقادة داعش
قبيل سقوط الخلافة المكانية وأثناء معارك «الباغوز» في فبراير الماضي، طلب قادة تنظيم داعش الذين تفاوضوا مع القوات الكردية أن يتم فتح ممر آمن لهم إلى داخل محافظة إدلب التي تسيطر عليها الفصائل السورية.
وبحسب مسؤولين أمريكيين تحدثا لـ«النيويورك تايمز» شريطة ألا تكشف اسميهما فإن زعيم تنظيم «داعش» السابق وصل إلى محافظة «إدلب» في يوليو الماضي، وعلى مدار الـ3: 4 أشهر الماضية راقبت الاستخبارات الأمريكية المحافظة بصورة أكبر، لكنها كانت تخشى إرسال القوات الخاصة لأية عملية دون معرفة كل التفاصيل عن مكان وجود «البغدادي»، وذلك بسبب وجود جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة، بالإضافة إلى الوجود العسكري الروسي القريب من المنطقة.
وتابعت «نيويورك تايمز»: بالرغم من أن «البغدادي» كان يحصل على الحماية من قبل بعض الفصائل المسلحة في إدلب إلا أن واحدًا من المقربين له، خانه وسلم المعلومات التي أدت لمقتله للقوات الأمريكية.
ووصف المسؤولون الأمريكيون الجاسوس الذي أسقط «البغدادي» بأنه واحد من الدائرة المقربة والموثوقة لزعيم التنظيم السابق، لكنهم رفضوا الإفصاح عن هويته؛ حفاظًا على سلامته الشخصية.
وكشف اللواء مظلوم عبدي، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، أن «الجاسوس» جرى تجنيده بواسطة ضباط الاستخبارات الكردية، وقدم معلومات مهمة أفضت للتوصل إلى مكان البغدادي، من بينها زوج من الملابس الداخلية الخاصة بزعيم داعش السابق، وعينات من دمه لمطابقة الحمض النووي DNA.
«وثائق بريشيا».. كنز استخباراتي جديد
بحسب ما أعلنته وزارة الدفاع الأمريكية فإن قوات «دلتا فورس» التي نفذت عملية قتل البغدادي استولت على عدد من أجهزة الكومبيوتر المحمول «لاب توب»، وعدد من الهواتف الخلوية، والوثائق، وتعتبر تلك المضبوطات بمثابة كنز استخباري، وستستخدمه الولايات المتحدة في الكشف عن الشبكات الداعشية الموجودة.
وقال مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية إن المضبوطات أقل من «وثائق آبوت أباد» التي ضبطتها وحدة القوات الخاصة التي قتلت أسامة بن لادن مؤسس تنظيم القاعدة في مخبئه داخل باكستان خلال مايو 2011.
وكان الموقع كشف في تقرير سابق عقب مقتل زعيم «داعش» أن «البغدادي» وصل إلى محافظة إدلب، وأقام فيها عبر التنسيق مع مسؤولي الحدود والجهاز الأمني التابعين لهيئة تحرير الشام وتنظيم حراس الدين، بالرغم من تكفير داعش للهيئة والحراس.
وقالت مصادر إن البغدادي وصل إلى المنزل الذي قتل فيه قبل ساعات قليلة من الهجوم الأمريكي الذي نفذته قوات دلتا فورس.