«المداميك المتقلبة».. دراسة جزائرية لإغراءات الإرهاب وتراجع الإسلامويين
السبت 02/نوفمبر/2019 - 12:48 م
طباعة
دعاء إمام
على الرغم أن معظم الجزائريين يدينون عنف الجماعات الإرهابية ولا يدعمونها، فإنه من المبالغة القول: إن صفحة الإسلام السياسي في الجزائر، طويت وانقضى الأمر؛ حتى بعد إعادة تأهيل آلاف الإرهابيين السابقين، وانحسار النشاط التكفيري على نحو ملموس وتراجع عدد ضحايا الهجمات الإرهابية، إلا أن مخاطر الجهاد العنفي لم تتبدّد تمامًا.
إغراءات إرهابية
تنبأت الباحثة الجزائرية، دالية غانم، بوقوع بعض الشباب في إغراءات إرهابية واعتناق العنف كوسيلة للتغير، لاسيما في ظل ما أسمته الباحثة استمرار ابتلاء البلاد بقضايا الإقصاء السياسي، والتهميش الاقتصادي واللامساواة الاجتماعية، والقمع، ونوبات العنف التي شهدتها البلاد في الفترة الماضية، حسب قولها.
ولفتت في دراسة بعنوان: «المداميك المُتقلِّبة للإسلام السياسي في الجزائر»، نُشرت في مركز كارينجي لدراسات الشرق الأوسط، إلى أن نفوذ السياسيين الإسلاميين في الجزائر وَهَنَ، مستندة إلى عداء المواطنين العاديين لممثلي الإسلام السياسي، من طرد لعبد الله جاب الله رئيس حزب جبهة العدالة والتنمية الإسلامي، من إحدى التظاهرات، وتهميش عبد الرزاق مقري، الذي يقود الحزب المحسوب على جماعة الإخوان حركة مجتمع السلم.
وتابعت: «يشير فقدان هاتين الشخصيتين القياديتين للشعبية بأن الأحزاب الإسلامية تفتقد بالفعل إلى المصداقية، والشرعية، والمساندة الشعبية».
الإرهابيون والطهارة الدينية المزعومة
وأوضحت الدراسة أن نجاح الحكومة الجزائرية، بطريقة ما، عبر سماحها للأحزاب الإسلامية بخوض غمار السياسات البرلمانية وحتى الاشتراك في الائتلافات الحكومية، في نزع فتيل التجسدات المعتدلة للإسلام السياسي، إذ كانت مقاربة المشاركة التي انتهجها الإسلاميون منذ العام 1995 قد مكنتهم من الحفاظ على البقاء، ومكنت النظام أيضًا من استتباع هؤلاء وإفقاد المُعتدلين منهم شرعيتهم في أعين الرأي العام، وإعاقة قدرتهم على اجتذاب الناخبين.
وأكدت «غانم» أن الإسلاميين يحاولون إسباغ أنفسهم بسمعة الطهارة الدينية ويعدون بالطوباوية الروحانية؛ لكنَّ الجزائريين لا يصدقون تلك الحيّل؛ لذلك فمن غير المحتمل أن تستعيد الأحزاب الإسلامية المصداقية في المستقبل القريب، أو أن يكون لها دور بارز في الحركة الشعبية التي أجبرت الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة على الاستقالة.
ورجحت أن تواصل هذه الأحزاب قبول قواعد اللعبة، مقابل أن يكون لها مقعد في عملية الانتقال التي يُشرف عليها الجيش.
وبحسب الباحثة، ثمة تمظهرات قاعدية أخرى للإسلام السياسي، على غرار الدعوة السلفية، بدأت تضرب جذورها في المجتمع، رغم سمعتها بأنها تدير ظهرها للسياسة، إلا أن العديد من أعضائها لهم آراء سياسية قوية ويعلّقون بكثافة على الأحداث السياسية، ويساهم شيوخها في الخطاب حول السياسات الوطنية والدولية.
وأضافت: «فيما تُعرض الدعوة السلفية عن المشاركة الرسمية في العمل السياسي، إلا أنها أصبحت الآن الحركة الإسلامية المُجتمعية الرئيسة في الجزائر ونفوذها يتنامى باطراد؛ فالجزائريون يُجددون السياسات الإسلامية من القاعدة إلى القمة، وفيما يدرك الإسلاميون في البلاد أن تأسيس خلافة إسلامية في الجزائر هو أمر بعيد المنال، مازالوا غير مُستعدين لتنحية هدف أسلمة المجتمع ككل جانباً، أو تبني توجهات تعددية في الفضاء العام».