هيكلية التنظيم «باقية».. هكذا يُدار تنظيم داعش بعد مقتل «البغدادي»

السبت 02/نوفمبر/2019 - 01:58 م
طباعة هيكلية التنظيم «باقية».. أحمد سلطان
 
في أوائل يوليو عام 2016، نشرت مؤسسة «الفرقان»- الذراع الإعلامية لتنظيم داعش- مقطعًا مرئيًّا بعنوان «صرح الخلافة»، كشفت فيه للمرة الأولى، عن هيكل التنظيم والولايات، التي أسسها في سوريا والعراق وخارجهما

وتضمن الإصدار، إشارة إلى ما سمى بـ«اللجنة المفوضة»، دون الكشف عن الاختصاصات المنوطة بها، أو دورها في العمليات الإرهابية.



وبحلول يوليو2017، بدأت المعلومات عن اللجنة المفوضة تتكشف؛ إذ كلفها زعيم التنظيم الإرهابي وقتها أبوبكر البغدادي بإدارة شؤون التنظيم، ومتابعة ما وصفه بمظالم المسلمين داخل معاقل داعش.



«أمير المؤمنين يكلف اللجنة المفوضة برفع المظالم عن المسلمين».. كانت هذه الكلمات ملخصًا لرسالة موهت بما يسمى «ختم ديوان الخليفة»، وكانت موجهة لحجي عبدالناصر العراقي أمير اللجنة المفوضة سابقًا.



جاءت الرسالة عقب أسابيع من إعلان وزارة الدفاع الروسية مقتله في غارة جوية مزعومة على معاقل داعش في سوريا عام 2017، وهو الأمر الذي ثبت لاحقًا عدم صحته.



عقب الإعلان، اختفى «البغدادي» لفترة طويلة، قبل أن يعود للظهور من جديد، ويطوف على «قواطع داعش» بمدينة الميادين السورية في ذلك العام، ويؤكد أنه كلّف اللجنة المفوضة بإدارة شؤون التنظيم.



«اللجنة المفوضة».. المتحكم الحقيقي في «داعش»

خلال عام 2017، عاش تنظيم داعش الإرهابي صراعًا بين أكبر تيارين داخله، وهما التيار المنسوب لشرعي داعش المقتول تركي البنعلي، والتيار المسمى إعلاميًّا بتيار «الحازمي».



وفي تلك الفترة، طالب عدد من قادة التنظيم الإرهابي «أبوبكر البغدادي» بالظهور وحل الخلاف، الذي تسبب في خسارة «داعش» لعدد من المناطق، التي كان يسيطر عليها، لكن «البغدادي»، اكتفى بإرسال رسالة مختومة بختمه «الأحمر»، أكد فيها أن اللجنة المفوضة، هي التي تتابع شؤون التنظيم، وأنه يتلقى تقارير دورية، عبر أمير اللجنة المفوضة المعروف بـ«حجي عبد الناصر العراقي».



ووفقًا لعدد من الوثائق من بينها رسائل الشرعي الداعشي السابق «أبوجندل الحائلي» لزعيم التنظيم الإرهابي «أبوبكر البغدادي»، فإن البغدادي كان مختفيًا أغلب الوقت، ولم يكن له دور حقيقي في إدارة التنظيم.



وبحسب «الحائلي»، فإن قيادات اللجنة المفوضة هم المسؤولون عن داعش، واتخاذ القرارات المهمة، بينما كان «البغدادي» يحرص على قطع تواصله عن العالم الخارجي؛ خشية سقوطه في أيدي قوات التحالف الدولي الذي يحارب التنظيم.



وتشير الوثائق، إلى أن اللجنة المفوضة مكونة من عدد من القيادات، أبرزهم أمير ديوان الأمن العام الداعشي، وأمير ديوان الجند، والأمير الشرعي للتنظيم، ويترأس اللجنة «عراقي» مهمته، متابعة العمليات الإرهابية، وتنسيق جهود التنظيم والتحكم في الأموال التي بحوزته.



وذكر برنامج «مكافآت من أجل العدالة»، التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، أن حجي العراقي، هو المسؤول عن قيادة اللجنة المفوضة لتنظيم داعش، كاشفًا أن «العراقي»، مرشحًا بقوة لخلافة «البغدادي»، في إمارة التنظيم الإرهابي.



كما تضم اللجنة المفوضة قياديًّا داعشيًّا مسؤولًا، يوصف بأنه أمير هيئة الهجرة التي ينضوي تحتها قسم العمليات الخارجية، وهذا القسم هو الذي نسق الهجمات الخارجية لتنظيم داعش الإرهابي في فرنسا وبلجيكا وسيرلانكا، بحسب صحيفة «النبأ» الأسبوعية الصادرة عن التنظيم الإرهابي.



بحسب دراسة سابقة للمركز الدولي لمكافحة التطرف العنيف، فإن تنظيم داعش لديه شبكات في أوروبا وآسيا، وهي شبكات رئيسية مكلفة بمهام محددة، وتتلقى توجيهاتها من الأمنيين الخارجيين المكلفين بالإشراف على العمليات الإرهابية في خارج سوريا والعراق.

إدارة الولايات البعيدة.. «كلمة السرّ» في بقاء فروع داعش

إصدار صرح الخلافة، الذي نشره تنظيم داعش في 2016، أكد أن فروع داعش الخارجية في أفريقيا وآسيا يتم إدارتها، عبر ما يسمى بإدارة الولايات البعيدة والنائية، وهي جهة إدارية تتبع اللجنة المفوضة لإدارة شؤون داعش.



وبحسب مركز مكافحة الإرهاب في أكاديمية «ويست بوينت» العسكرية الأمريكية، فإن تنظيم داعش يشرف عبر تلك الإدارة على التزام الفروع الخارجية في غرب ووسط أفريقيا وأفغانستان والفلبين، بالمنهج والخطة المرسومة من قِبل قيادة التنظيم.



وبحسب تقارير سابقة، فإن الفروع الداعشية لديها ما يسمى بمجلس الشورى، وهذا المجلس مسؤول عن اختيار قائد الولاية الداعشية وتزكيته لقيادة التنظيم الإرهابي في سوريا والعراق؛ لتوافق على توليه المنصب.



وأوضحت منظمة الدفاع عن الديمقراطية «منظمة أمريكية معنية بشؤون الإرهاب الدولي»، أن إدارة الولايات البعيدة أرسلت مندوبين عنها، خلال يونيو الماضي إلى أفغانستان، وأن هؤلاء المندوبين، التقوا بأعضاء ما يسمى بمجلس شورى ولاية خراسان، وقرروا تولية «الملا أسلم فاروقي»، منصب وإلى خراسان بدلًا من «مولوي ضياء الحق».

مجلس الأمن: هياكل القيادة الداعشية «باقية»

في السياق ذاته، أصدر مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة في يوليو الماضي، تقريرًا تفصيليًّا عن وضع تنظيم داعش في العراق وسوريا وفروعه الخارجية، عقب سقوط الخلافة المكانية، التي انهارت في مارس 2019.



وأكد تقرير مجلس الأمن، أن هياكل القيادة والسيطرة الداعشية لم تسقط حتى بعد انهيار الخلافة المكانية، والسيطرة على آخر معاقل داعش في قرية «الباغوز» السورية.



وألمح التقرير، إلى أن تنظيم داعش رغم خسارته للأرض وفقدانه عددًا كبيرًا من قادته، فإنه طور آليات تواصله مع فروعه الخارجية، وقام بسلسلة تغييرات هيكلية داخلية، لكي يستطيع الاستمرار في الحرب الاستنزافية، التي يشنها ضد الدول المحاربة له.



ولفت التقرير، إلى أن التنظيم واصل توجيه الرسائل والإرشادات لفروعه، وكلفهم بتصوير فيديوهات؛ لتجديد بيعة «البغدادي»، ونشرها ديوان الإعلام المركزي، خلال الفترة الزمنية، التي تلت سقوط قرية الباغوز في قبضة القوات الكردية.

مدير سابق لـ«مكافحة الإرهاب»: مقتل البغدادي لا يعني نهاية «داعش»



من جانبه، اعتبر «جوشو جيلتزر» المدير الأول لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي الأمريكي سابقًا، أن مقتل زعيم تنظيم داعش، لا يعني انتهاء التنظيم الإرهابي.

 

وأضاف «جيلتزر» في تحليل سابق له، أن «البغدادي» خاطر بظهوره الإعلامي المتكرر، في مقابل بقاء تنظيم داعش، مشيرًا إلى أن ظهوره في لقاء مرئي تلاه إصدار صوتي في أبريل وسبتمبر الماضيين، أتاح لأجهزة الاستخبارات تحليل المواد الدعائية والتوصل للأماكن المحتملة له.

 

واعتبر المدير الأسبق لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي الأمريكي، أن زعيم داعش كان يعي خطورة ظهوره، وكان متأكدًا من أن ذلك سيؤدي لقتله، لكنه آثر الظهور؛ لإيصال رسالة لأنصار داعش، بأن التنظيم باقٍ وسيواصل العمل الإرهابي.



 وتابع: «تنظيم داعش بقي على هياكله القديمة، وسيواصل العمليات الإرهابية، حتى بالرغم من القضاء على البغدادي، الذي كان يمثل «قيادة كاريزمية»، أكثر منه «قيادة تنظيمية».

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعلن مقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابي «أبوبكر البغدادي»، خلال عملية عسكرية خاصة على قرية باريشا، التابعة لمحافظة إدلب السورية.

شارك