مقتل البغدادي وأثره على مستقبل الإرهاب
الأحد 03/نوفمبر/2019 - 02:05 م
طباعة
حسام الحداد
بعد أن أكد تنظيم داعش مقتل زعيمه البغدادي يوم الخميس الماضي 31 أكتوبر 2019، وعين التنظيم أبو إبراهيم الهاشمي القريشي قائدا له، خلفا للبغدادي، وفقا لرسالة صوتية بثها موقع "الفرقان"، الذراع الإعلامية للتنظيم. وردود الأفعال العالمية تتوالى حول مستقبل التنظيم وفي هذا السياق حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرج من الاستهانة بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بعد مقتل زعيمها أبو بكر البغدادي.
وقال ستولتنبرج لصحيفة "بيلد أم زونتاج" الألمانية الأسبوعية في عددها الصادر اليوم الأحد: "مقتل البغدادي لا يعني نهاية داعش.. تنظيم داعش لا يزال بعيدا عن الهزيمة. يتعين علينا التأكد من أنه لن يعود".
وأضاف أنه صحيح أن التنظيم لم يعد يسيطر على مساحات من الأراضي حاليا، "إلا أنه لا يزال حيا"، وقال: "داعش ترعى خلايا نائمة، وشبكات سرية وتعمل من أجل العودة"، مؤكدا أن مهمة التحالف الدولي ضد داعش لم تكتمل تماما بعد، وأشار إلى أن ألمانيا تقوم بدور مهم في هذا الصدد.
يذكر أن داعش فقد سيادته السابقة في العراق وسوريا، ورغم أنه يعتبر مهزوما عسكريا في الوقت الحالي، فإنه لا يزال يقيم في المنطقة ما يتراوح بين 14 ألفا و18 ألف شخص تابعين له، وبينهم ثلاثة آلاف أجنبي، بحسب تقرير للتحالف الدولي المناهض لداعش في يونيو الماضي.
وحذر خبراء من احتمال أن يكون هؤلاء الأشخاص يترقبون فقط الوقت المناسب لانتفاضتهم القادمة، أو أن يستعيدوا القوة من جديد تحت قيادة جديدة.
واستدرك ستولتنبرج بالقول: "ولكن باختلاف الاتحاد الأوروبي، فإن حلف الأطلسي ليس لديه آليات لاتخاذ إجراء ضد عضو به".
يذكر أنه صدرت مطالب من حزب اليسار الألماني المعارض بصفة خاصة وكذلك من رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك بالائتلاف الحاكم في ألمانيا، رولف موتسنيش، بإبعاد تركيا من حلف الأطلسى.
وفي نفس السياق أفادت إحدى وسائل الإعلام التابعة لتنظيم داعش الإرهابي بأن مسلحين من بنجلاديش تعهدوا بالولاء للزعيم الجديد، الذي خلف أبو بكر البغدادي، وتمثل هذه الخطوة أول دعم للجماعة من فروعها العالمية.
ونشرت "ناشر نيوز"، الخاصة بالنشرات الإخبارية للجماعة الإرهابية، صورا لمجموعة من المسلحين الذين يزعم أنهم من بنجلاديش ووجوههم مغطاة بـ"علم داعش"، بحسب صحيفة "دكا تريبون" البنجلادشية.
وفي الصورة يظهر المسلحون وهم يرفعون إصبعهم السبابة كدليل على ولائهم للزعيم الجديد، أبو إبراهيم العهاشمي القريشي.
وقد نفت الحكومة البنغالية ووكالات إنفاذ القانون مرارا وتكرارا وجود مقاتلي داعش في البلاد لعدم وجود دليل على وجودها، حيث زعم وزير الداخلية البنجلاديشي أسد الزمان خان كمال والوكالات الأمنية أكثر من مرة أن المتشددين المحليين كانوا هم المسئولين عن الهجمات الإرهابية التي تحدث في البلاد.
وفي الوقت الذي تنسب الحكومة العنف الإرهابي إلى المقاتلين المحليين، فقد أعلن تنظيم داعش مسئولياته عن عدة هجمات في بنجلاديش منذ عام 2015، حسبما جاء في تقرير الدولة عن الإرهاب في عام 2018 الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية في 1 نوفمبر.
وعلى صعيد أخر قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو إن بلاده ستعيد أعضاء تنظيم «داعش» الإرهابي الأجانب المعتقلين لديها والذين نقلتهم من تل أبيض ورأس العين في شمال شرقي سوريا إلى بلادهم، وشكا من التقاعس الأوروبي في هذا الصدد، لافتا إلى أن بلاده ليست فندقا لإيواء هذه العناصر.
وأضاف صويلو أن الموقف الأوروبي جعل تركيا تتعامل بمفردها مع مسألة سجناء «داعش»، قائلا: «هذا أمر غير مقبول بالنسبة لنا وغير مسؤول أيضا... سنرسل أعضاء (داعش) المعتقلين إلى بلادهم».
وتابع صويلو، في تصريحات أمس، أن تركيا «ليست فندقاً لعناصر (داعش) من مواطني الدول الأخرى»، مشيرا إلى أن تركيا نقلت عناصر «داعش» الأجانب الذين جرى ضبطهم في رأس العين وتل أبيض، خلال العملية العسكرية «نبع السلام»، إلى سجون محصنة بمنطقة عملية «درع الفرات»، شمال سوريا، وبعد احتجازهم لفترة في تلك السجون، سيتم إرسالهم إلى البلدان التي ينتمون إليها.
وقال الوزير التركي إن هناك دولا تتملص من تسلم رعاياها المنتمين إلى «داعش»، عبر إسقاط الجنسية عنهم... «لا يمكن قبول تجريد عناصر (داعش) من الجنسية وإلقاء العبء على عاتق الآخرين فهذا تصرف غير مسؤول». وأوضح أنه ليست هولندا فقط من تجرد إرهابيي «داعش» من الجنسية، فبريطانيا أيضا تقوم بذلك، «فالجميع يلجأ لأسهل السبل» بهدف التملص من المسؤولية الملقاة على عاتقه.
واعتقلت تركيا بعض أعضاء «داعش» الفارين في شمال شرقي سوريا خلال الشهر الماضي بعد أن بدأت هجومها العسكري هناك. وتحول هؤلاء السجناء إلى ورقة ضغط في يد تركيا على الدول الأوروبية، التي ترى في عودة مقاتلي «داعش» خطرا على أمنها القومي، لا سيما أنها تعرضت لهجمات إرهابية عدة في السابق. وبدوره سبق أن هدد الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بنقل سجناء «داعش» إلى حدود الدول الأوروبية، في حال لم تبادر دول مثل فرنسا وألمانيا إلى استعادة من يحملون جنسيتها، مشيرا إلى أن بلاده لن تتحمل عبء سجن أولئك الإرهابيين وأن الدول الأوروبية لا تتعاون كثيرا في ملف مقاتلي «داعش» الذين يقبع الآلاف منهم في سجون تديرها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يغلب على قوامها مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية. وأثار الهجوم التركي في شمال شرقي سوريا مخاوف غربية من احتمال تسلل عناصر «داعش»، لا سيما أن العملية العسكرية التركية أضعفت المقاتلين الأكراد في المنطقة، بعدما أدوا دورا بارزا في دحر التنظيم الإرهابي. وقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي في عملية عسكرية أميركية في ريف إدلب، شمال غربي سوريا، الأسبوع الماضي، لكن واشنطن ترى أن التنظيم لم ينته بعد بشكل نهائي رغم فقدانه السيطرة على الأرض بنسبة مائة في المائة. وأعلن ترمب أن الولايات المتحدة ستحافظ على وجودها العسكري، شمال شرقي سوريا؛ تفاديا لوقوع حقول النفط في يد «داعش»، ما قد يضمن تمويلا للتنظيم. في السياق ذاته، تعتزم السلطات الأمنية التركية تسليم المديرية العامة لإدارة الهجرة مواطنتين هولنديتين من زوجات عناصر «داعش» جرى توقيفهما عقب دخولهما الأراضي التركية من سوريا بطريقة غير قانونية؛ وذلك لاتخاذ إجراءات ترحيلهما.
وقالت مصادر أمنية إن «كوثر. س» و«فاطمة. هـ» تعرفتا من هولندا عام 2013 على اثنين من عناصر «داعش» عبر الإنترنت، وجاءتا إلى تركيا ومنها إلى سوريا للزواج منهما. وأوضحت المصادر أن «كوثر» و«فاطمة» عبرتا إلى سوريا بطريقة غير قانونية باستخدام قضاء ريحانلي التابع لولاية هطاي جنوب تركيا المتاخمة للحدود السورية، وتزوجتا من عنصري «داعش»، وأنجبت الأولى طفلين والثانية طفلاً واحداً. وقُتل أحد الزوجين جراء هجوم بقذيفة هاون، والآخر في حادث سير.
وتقدمت «كوثر» و«فاطمة»، اللتان أرادتا في وقت لاحق العودة إلى هولندا مع أطفالهما، بطلب إلى السفارة الهولندية في أنقرة، بعد الدخول من سوريا إلى تركيا بطريقة غير قانونية بمساعدة أقاربهما. وتواصلت السفارة الهولندية مع السلطات التركية، وتمكنت قوات مكافحة الإرهاب التابعة لمديرية أمن أنقرة من القبض عليهما. وأكّدت المصادر أن مديرية الأمن ستقوم بتسليم المرأتين إلى المديرية العامة لإدارة الهجرة لاتخاذ إجراءات ترحيلهما. وقبل أكثر من عام، أكدت الناطقة باسم السفارة الروسية في أنقرة، أن السلطات التركية تحتجز مواطنين روسيين مرتبطين بتنظيم «داعش» هما رشيد ينيكييف وإيلان رحمانوف.
وسبق أن قامت السلطات التركية، باعتقال أشخاص يشتبه بارتباطهم بـ«داعش»، بينهم مواطنون روس، انضموا إلى «داعش» في سوريا، ويحاولون الخروج باتجاه بلادهم بعد سقوط التنظيم.
إلى ذلك، قالت وكالة «بلومبرغ» الأميركية إن هناك شكوكا كبيرة لدى واشنطن حول علاقة تركيا بتنظيم «داعش»، وعلمها السابق بمكان اختباء زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي، الذي أعلنت أميركا مقتله في غارة على قرية في إدلب قرب الحدود التركية.
وأثار مقتل زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي، قرب الحدود التركية وفي منطقة داخل سوريا يوجد لتركيا حضور عسكري ملموس فيها، شبهات بشأن علاقة أنقرة بالتنظيم الإرهابي. وتحدث مسؤولون بالمخابرات الأميركية بشأن وجود علاقة تربط تركيا بتنظيم «داعش»، مشيرين إلى أن الدليل على ذلك هو أن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي والمتحدث باسمه أبو الحسن المهاجر، قتلا في محافظة إدلب في مواقع قريبة جدا من الحدود التركية، وحيث توجد قوات عسكرية تركية وأخرى موالية لها في تلك المناطق. وطرح الكاتب في «بلومبرغ» إيلي ليك، العديد من علامات الأسئلة بناء على معلومات قال إن مصدرها مسؤولون استخباراتيون أميركيون، عن قصة البغدادي مع تركيا، وتشير إلى علاقة وثيقة بين الاستخبارات التركية وتنظيم «داعش». وأشار إلى أنه في بداية الصراع في سوريا، سمحت المخابرات التركية بتسلل مسلحين من أوروبا وأفريقيا وبقاع أخرى إلى سوريا، بل ودعمت، حسب تقديرات استخباراتية، أسوأ العناصر في الصراع السوري.