وثيقة إخوان تونس... ثرثرة سياسية للتغطية على عجزهم المكشوف
الإثنين 04/نوفمبر/2019 - 01:51 م
طباعة
فاطمة عبدالغني
يجد إخوان تونس أنفسهم في مأزق حاد تصنعه أجواء الرفض الشامل من أغلبية الشعب وحالة استياء من أدائهم السياسي وأدواتهم في المشاورات الحكومية.
فلم يتبقى أمام الغنوشي زعيم حركة النهضة الإخوانية إلا بعض الأيام للإعلان عن اسم رئيس الحكومة، وذلك وفق نص الدستور الذي يفرض على الحزب المتحصل على أغلبية المقاعد بتشكيل الحكومة حال الانتهاء من جميع الطعون المقدمة.
وفي محاولة للقفز من فوق أسوار تلك الأزمة قدم القيادي بحركة النهضة، خليل العميرى، مشروع وثيقة التعاقد الحكومى التى ستطرحها الحركة للتشاور مع الأحزاب السياسية والمنظمات التونسية، وتضم الوثيقة التي تم عرضها خلال ندوة صحفية عقدت اليوم الجمعة 1 نوفمبر 5 نقاط، تشمل مكافحة الفساد وتعزيز الأمن وتطوير الحوكمة ومقاومة الفقر ودعم الفئات الهشة ومتوسطة الدخل، إضافة إلى تطوير التعليم والصحة والمرافق العمومية، والنهوض بالاستثمار والنمو والتشغيل، واستكمال مؤسسات الدولة وتركيز الحكم المحلى.
وبحسب العميري، فإن هذه الوثيقة التي أعدتها الحركة ستكون أساس عمل الحكومة المقبلة، على أن تكون هناك وثيقة نهائيّة تشاركيّة مع الأطراف السياسيّة والاجتماعية عند نهاية المفاوضات وتشكيل الحكومة.
ومن جانبه قال الناطق باسم الحزب عماد الخميري خلال مؤتمر صحافي إن هذه الوثيقة بمثابة "عقد" يتعين توقيعه بعد المشاورات من كل طرف يشارك في الحكومة الجديدة. وأضاف أن الوثيقة تلخص الخطوط العريضة لبرنامج عمل الحكومة الجديدة التي ستضم "شخصيات تتمتع بالنزاهة والكفاءة".
وأضاف الخميري "لأول مرة في تونس نبدأ بمباحثات حول البرنامج قبل اختيار أعضاء الحكومة الجديدة (..) التي سترى النور قريبا".
وأشار الخميري إلى أن حزبه بدأ مشاوراته الأولية مع ثلاثة أحزاب هي حزب التيار الديمقراطي (22 مقعدا-يسار الوسط) وائتلاف الكرامة (21 مقعدا-إسلامي شعبوي) وحركة الشعب (16 مقعدا- قومية ناصرية).
وأفاد الناطق الرسمي باسم النهضة أن حزبه سيواصل مباحثاته مع أحزاب أخرى باستثناء حزب قلب تونس (ليبرالي- 38 مقعدا)، الذي يقوده رجل الأعمال نبيل القروي الملاحق في قضايا تهرب ضريبي وتبييض أموال، والحزب الحر الدستوري (17 مقعدا) بقيادة عبير موسي المناهضة للإسلاميين.
من ناحية أخرى وصف خبراء ومحللون وثيقة "التعاقد الحكومي" التي طرحتها حركة النهضة الإخوانية بـ"المبهمة" و"الغامضة" ولا تستجيب لمطالب الشعب التونسي.
فيما يرى البعض أن وثيقة التعاقد هذه لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع، ويؤكد آخرون أنها "ثرثرة" سياسية تريد من خلالها الحركة الإخوانية الادعاء بامتلاكها برنامج حكم، كما أن راشد الغنوشي يعجز إلى حد الآن عن إقناع حزبي "التيار الديمقراطي" وحركة الشعب القومية بالدخول في شراكة حكم، الأمر الذي جعل الوثيقة بمثابة استهلاك السياسي لحركة النهضة للتغطية على عجزها المكشوف لتشكيل الحكومة.
أما الباحث في العلوم السياسية رافع بن يغلان فيرى إن الوثيقة الإخوانية لم تتضمن تفصيلا لكيفية الخروج من الانهيار الاقتصادي في النقاط المتعلقة بتفاقم المديونية وارتفاع عجز الميزان التجاري وارتفاع نسبة البطالة.
وأضاف بن يغلان في تصريحات لـه "إن حركة النهضة الإخوانية لم تكن يوما مالكة لبرنامج إنقاذ اقتصادي وقد تمتعت بحكم تونس طيلة ثماني سنوات دون أن تقدم حصيلة إيجابية"، معتبرا أن أركان القرار داخل إخوان تونس تحكمه الأفكار الأيديولوجية العاجزة عن تقديم تصور واضح للمستقبل.
فيما وصفت ربيعة الفارسي الناشطة صلب الحزب الدستوري الحر وثيقة "تعاقد الحكم" بـ"المهزلة الإخوانية" التي تريد من خلالها حركة النهضة "توريط" أكثر من طرف سياسي في حصيلة الفشل الاقتصادي الذي تسببت فيه.
وطرحت تساؤلات "حول الجدوى من الوثيقة التي يطرحها المكتب التنفيذي لحركة النهضة وهو المتسبب في سقوط قيمة الدينار وانتشار الإرهاب، معتبرة أن التحالف مع الإخوان هو خيانة للدولة التونسية ومسار الانتقال الديمقراطي.
ونفت الفارسي عن حركة النهضة صفة الحركة الديمقراطية، مصنفة إياها ضمن التنظيم العالمي للإخوان الذي تفرع عنه الدواعش وتنظيم القاعدة وتنظيمات إرهابية مشابهة على غرار "جند الخلافة"، على حد تعبيرها.
أما بخصوص الدوافع التي جعلت حركة النهضة تطرح وثيقة التعاقد الحكومي يرى المراقبون أنها تعد بمثابة استهلاك السياسي للتغطية على عجزها المكشوف لتشكيل الحكومة.