لأول مرة.. أطراف الصراع تجتمع في مدينة واحدة بسوريا
الإثنين 04/نوفمبر/2019 - 06:49 م
طباعة
سارة رشاد
على غير العادة التي فرضها المشهد السوري خلال سنوات الحرب من تقاسم الأطراف الفاعلة مناطق النفوذ في مساحات شاسعة، تحل مدينة الحسكة، شمالي شرق سوريا ليجتمع بها جميع الأطراف على أرضها وفي اللحظة نفسها.
وفرضت عملية نبع السلام التي شنتها تركيا في التاسع من الشهر الماضي واقعًا جديدًا على المدينة المتصدرة للمشهد السوري الآن، فبينما ظلت المدينة خاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية الكردية خلال الأعوام الأخيرة، جاءت «نبع السلام» لتحل تركيا والفصائل الموالية لها ضيوفًا على المدينة.
وبواقع هذه العملية فتح الهجوم التركي على الحسكة ومدن شرق الفرات سباقات بين الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة بسوريا، إذ طالبت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الجيش العربي السوري للتصدي للهجوم التركي على شرق الفرات.
ووفقًا لاتفاق عُقد بين الطرفين، شهدت الحسكة انتشارًا للجيش العربي السوري لأول مرة منذ 2012، لتصبح بذلك القوات السورية إلى جوار التركية و«قوات سوريا الديمقراطية».
روسيا باعتبارها محركًا أساسيًّا في المشهد، فحضرت هي الأخرى بمدينة الحسكة، لكن هذه المرة كان عبر دوريات روسيا التي انتشرت بمقتضى الاتفاق الروسي التركي بمدينة سوتشي، 22 من الشهر الماضي، وانتهى إلى تسيير دوريات روسية وتركية إلى قرب الحدود لضمان إقامة ما يسمى بـ«المنطقة الآمنة».
في المقابل أبقت أمريكا على حضورها بمناطق شرق الفرات بما فيها مدينة الحسكة، فبعدما سحبت واشنطن قواتها وأرسلتها إلى العراق، عادت وأرسلت من جديد قطعًا عسكرية بغرض السيطرة على حقول البترول، كما قال الرئيس الأمريكي في أكثر من مناسبة.
وتصنف الحسكة كمورد رئيسي للبترول في سوريا، إذ تنتشر بها حقول نفط تعتبر الأولى من حيث الإنتاج اليومي بسوريا، وهي: رميلان والهول والجبسة. وتشغل المدينة المساحة الشرقية من سوريا، يحدها شرقًا العراق وشمالًا تركيا، فيما تحل الرقة ودير الزور في الغرب والجنوب، على الترتيب.
وبهذا الشكل تجتمع القوى المتناحرة في سوريا بداية من أمريكا وروسيا حتى تركيا وقوات سوريا الديمقراطية، مرورًا بالجيش السوري في المدينة، وهو ما تفسره أستاذة العلوم السياسية نورهان الشيخ، بأهمية المعارك الدائرة في شمال شرق سوريا.
وأوضحت أن كل طرف يسعى للحفاظ على مكاسبه قدر المستطاع في منطقة شرق الفرات، مشيرة في ذلك إلى الحرص الأمريكي على الإبقاء على حقول النفط تحديدًا تحت أيديها وتراجع واشنطن عن انسحابها.
ولفتت إلى أن اجتماع الأطراف في منطقة واحدة لم يحدث بهذا الشكل في أي محطة من محطات الحرب السورية، معتبرة أن بقاء هذه الأطراف إلى جانب بعضها يعكس احتدام الصراع وقصره على مناطق بعينها.