لإجهاض الثورة العراقية.. «إيران» تسعى لتحويل الحراك السلمي إلى صراع مسلح
الإثنين 04/نوفمبر/2019 - 09:48 م
طباعة
علي رجب
يدخل العراق مرحلة حرجة في ظل تصاعد التظاهرات التي بدأت في أول أكتوبر 2019، وسط مخاوف من إعادة إنتاج نموذج سوريا في بلاد الرافدين، عبر تحويل الحراك الشعبي من سلمي إلى مسلح باستفزاز المتظاهرين واستهدافهم، وهو ما يحول المشهد من مطالبات بيضاء للتغيير السياسي، إلى صراع مسلح على الحكم يمكن إيران وأذرعها من وجود مبرر لفرض قبضة مسلحة على التظاهرات و"قتل" التغيير في الشارع العراقي.
الحراك العراقي.. عصيان وإضراب وشهداء
وقطع متظاهرون عراقيون عددًا من الطرق الرئيسية في العاصمة بغداد، والمحافظات الأخرى، خاصة المؤدية إلى حقول النفط في الجنوب، في محاولة للضغط على الحكومة لتقديم استقالتها، وسط دعوات شعبية للإضراب العام والعصيان المدنى، احتجاجًا على استمرار حكومة عادل عبدالمهدى، وسقوط 260 شهيدًا ونحو 12 ألف مصاب.
وتجمع آلاف المحتجين المناهضين للحكومة العراقية في وسط العاصمة بغداد، الإثنين 4 نوفمبر 2019، متحدين مناشدة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي إنهاء الاحتجاجات التي يقول إنها تكلف الاقتصاد العراقي مليارات الدولارات وتعطل عجلة الإنتاج.
وأضرم محتجون النار في محيط القنصلية الإيرانية في مدينة كربلاء (118كم جنوبي بغداد ) الأحد 4 نوفمبر 2019، خلال موجة الاحتجاجات الشعبية التي يشهدها العراق منذ مطلع أكتوبر ا2019.
واحتشد العشرات من المحتجين في محيط القنصلية الإيرانية قبل أن يرفعوا العلم العراقي على أسوار القنصلية.
وأظهرت مقاطع فيديو متداولة صورًا لمتظاهرين وهم يشعلون النار في محيط القنصلية الإيرانية في كربلاء، ويرفعون العلم العراقي على أسوار القنصلية تعبيرًا عن رفضهم للتدخلات الإيرانية في شؤون بلادهم.
وأدت الأحداث التي جرت في محافظة كربلاء إلى مقتل ثلاثة متظاهرين بالرصاص الحي وإصابة 12 من المتظاهرين والقوات الأمنية، وفقًا لبيان المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، الإثنين 4 نوفمبر 2019، حصل «المرجع» على نسخة منه.
إدانة دولية
المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق أدانت استخدام العنف من قبل الأمن ضد المتظاهرين، داعية القوات الأمنية إلى الالتزام التام بتطبيق معايير الاشتباك الآمن وعدم استخدام الرصاص الحي وإحالة الأشخاص الذين قامو بالرمي المباشر تجاه المتظاهرين للتحقيق، كما تدعو المتظاهرين كافة للبقاء في الأماكن المخصصة للتظاهرات وديمومة تظاهراتهم السلمية وعدم تعريض المباني الدبلوماسية للخطر، كون ذلك يعد خرقًا للاتفاقيات الدولية الملزمة للعراق، كما ندعو كل الأطراف الابتعاد عن أي احتكاك يولد سقوط ضحايا بين الطرفين.
وتأجج الغضب ضد إيران بسبب اتهامات جماعات حقوق الإنسان بأن الميليشيات المدعومة من "طهران" قد قتلت واختطفت المتظاهرين كجزء من حملة قمع من قبل قوات الأمن التي قتلت أكثر من 250 شخصًا منذ بدء الاحتجاجات.
وبدأ الحراك الشعبي في الأول من أكتوبر 209 احتجاجًا على غياب الخدمات الأساسية وتفشي البطالة وعجز السلطات السياسية عن إيجاد حلول للأزمات المعيشية.
ورفع المتظاهرون سقف مطالبهم، ودعوا إلى استقالة الحكومة، إثر لجوء قوات الأمن إلى العنف، فيما أصدرت الحكومة حزمة قرارات إصلاحية في مسعى لتهدئة المحتجين وتلبية مطالبهم، بينها منح رواتب للعاطلين عن العمل، والأسر الفقيرة، وتوفير فرص عمل إضافية، ومحاربة الفساد، وغيرها.
كما كما أحرق محتجون عراقيون العام الماضي القنصلية الإيرانية في "البصرة" في هجوم مماثل، على الرغم من أن الاحتجاجات التي أثارت ذلك كانت أصغر من الحالية.
كذلك كشف المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي، عن رصد تحركات مريبة لمسلحين مجهولين في محيط مكان إقامة "العبادي"، محذرًا من استهداف القادة العراقيين؟
وقال المكتب الإعلامي للعبادي، فى بيان مساء الجمعة الأول من نوفمبر الجاري، في بيان له حصل على نسخة منه: إنه تم رصد تحركات مريبة لمسلحين مجهولين تترصد مكان إقامة العبادي، وحدث أن تولت حمايته الانتشار وتأمين الموقع.
وأكد البيان: أنّ العبادي في منزله ولم يغادره، ومستمر بالعمل لخدمة القضايا الوطنية، وإيقاف حملات القتل والترويع للنشطاء والمتظاهرين السلميين، ولن تزيده محاولات الترهيب وإيصال الرسائل الخشنة.
في 6 أكتوبر 2019 تعرضت العديد من مكاتب القنوات الفضائية، للهجوم من قبل مسلحين، إذ هاجموا مكتب قناة "العربية" في بغداد، كما تداول عراقيون صورًا ومقاطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي تظهر مجموعة من المسلحين الملثمين يطلقون النار على المتظاهرين، وهم يركضون هربًا من الرصاص الحي، ومقاطع أخرى تظهر سيارات تدهس المحتجين.
وقد استيقظت مدينة البصرة جنوبي العراق، 3 أكتوبر 2019، على وقع جريمة نكراء طالت الناشطين حسين عادل المدني وزوجته سارة، إذ وجدا مقتولين بطريقة بشعة في منزلهما وسط منطقة الجنينة.
وأفاد مسؤولون أمنيون بمقتل الناشط ورسام الكاريكاتير العراقي حسين عادل وزوجته سارة الخميس، على يد مسلحين اقتحموا منزلهما في مدينة البصرة جنوب العراق.
فيما قالت صحيفة "وول ستريت جورنال The Wall Street Journal" الأمريكية إن الهجوم على القنصلية الإيرانية في كربلاء علامة على تصاعد الغضب العراقي ضد التدخلات الإيرانية، كما ألمحت الصحيفة أن رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي قد تراجع عن استقالته.
وذكرت الصحيفة مهاجمة محتجين عراقيين للقنصلية الإيرانية في مدينة كربلاء، في أحدث علامة على تصاعد الغضب ضد تورط طهران في شؤون العراق، حيث قام المتظاهرون بالصعود على جدران القنصلية في وقت متأخر يوم الأحد ورفعوا العلم العراقي.
من جانبه أصدر رجل الدين قاسم الطائي، فتوى بحرمة استخدام الأسلحة الممنوعة دوليًّا بما فيها القنابل المسيلة للدموع التي تؤدي إلى قـتل المتـظاهرين أو شل جهازهم العصبي.
وقال الطائي، إن من يستـخدم الأسلحة المحرمة أو القنابل المسيلة يتحـمل جـميع التبعات الشرعية والعـشائرية .
فيما أثار رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، غضب المتظاهرين في الساحات والميادين، والناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي، إثر حديثه عن استخدام محتجين ”المنجنيق“ لمواجهة القوات الأمنية.
وقال عبدالمهدي في بيان مكتوب الأحد 2 أكتوبر 2019، إن "هناك جماعات لا علاقة لها بالتظاهرات، بل تتستر بها وتستخدمها كدروع بشرية، للقيام بأعمال قطع الطرق، والحرق، والنهب، والاشتباك بالقوات الأمنية، مستخدمة قنابل المولوتوف، والمنجنيق، وحتى القنابل اليدوية والأسلحة النارية والسكاكين وغيرها".
وأبدى العديد من المتظاهرين تخوفهم من لجوء "ميليشيا مجهولة" إلى تنفيذ سلسلة اغتيالات، واستهداف النشطاء ومسؤولين في الحكومة، رافضين قرار إقالة قائد قوات مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبدالوهاب الساعدي.
عنف السلطات
وفي تصريح له أكد الكاتب والمحلل السياسي المتخصص في شؤون الأمن القومي العراقي، فراس إلياس، إن :"تشكل الجماعات المسلحة التي تعمل خارج سيطرة الدولة، إحدى الإشكاليات التي تواجهها الحكومة العراقية، كونها مرتبطة بفيلق القدس الإيراني، وتطرح نفسها جزءًا من محور المقاومة الذي تقوده إيران في المنطقة".
وأضاف إلياس :" وشهدت الاحتجاجات الشعبية التي يمر بها العراق حاليًا، بروز دون هذه الجماعات، والتي مارست عمليات قتل وخطف للعديد من الناشطين المشاركين في التظاهرات الحالية، إذ قاموا باستخدام القوة المفرطة والرصاص الحي ضد المتظاهرين، وهو ما أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من الشهداء والجرحى".
وتابع الكاتب والمحلل السياسي المتخصص في شؤون الأمن القومي العراقي، قائلًا :" شهدت الموجة الثانية من التظاهرات العراقية التي انطلقت في يوم 25 أكتوبر 2019 ردة فعل كبيرة من قبل القوات الأمنية العراقية، وشهدت الأيام القليلة الماضية العديد من عمليات الخطف والتهديد والاغتيالات، والتي كان آخرها اختطاف الناشطة المدنية صبا المهداوي التي كانت عائدة يوم أمس ليلًا من ساحات التظاهر، من قبل عناصر ملثمة مجهولة، ولم يعرف مصير المختطفة حتى هذه اللحظة".