يتامى «البغدادي» ينشقون.. كماشة داعش تنطبق على زعيمه المجهول

الثلاثاء 05/نوفمبر/2019 - 07:51 م
طباعة يتامى «البغدادي» أحمد سلطان
 
«توافق شيوخ التنظيم على بيعة أبي إبراهيم الهاشمي القرشي، أميرًا وخليفةً لأبي بكر البغدادي»، كانت هذه الكلمات جزءًا من رسالة صوتية مسجلة للمتحدث الجديد باسم تنظيم داعش «أبوحمزة القرشي»، بثتها مؤسسة الفرقان الإعلامية، أواخر أكتوبر 2019.

يتامى «البغدادي»
خلال هذه الرسالة، اعترف تنظيم داعش للمرة الأولى بمقتل زعيمه أبي بكر البغدادي، في عملية عسكرية أمريكية، داخل قرية باريشا في محافظة إدلب السورية.
وأعلن المتحدث الجديد باسم داعش، مبايعة «الهاشمي» زعيمًا جديدًا للتنظيم؛ حيث استند التنظيم في اختيار الزعيم الجديد إلى عاملين، أولهما الاختيار الشخصي لزعيمه السابق أبي بكر البغدادي، الذي قرر استخلاف «الهاشمي»؛ ليكون زعيمًا للتنظيم، والثاني موافقة ما يسمى مجلس شورى داعش والمعروف داخل التنظيم بما يطلقون عليه أهل الحل والعقد، وذلك بحسب الرسالة الصوتية التي نشرها التنظيم.
ومنذ إعلان التنظيم الإرهابي اختيار «أبوإبراهيم الهاشمي» زعيمًا جديدًا، حدثت عدد من الخلافات داخل داعش؛ بسبب رفض عدد من الأفراد والقادة لـ«البيعة» وعدم معرفتهم بالشخص المجهول، الذي تولى منصب أمير التنظيم.
وحرص «داعش» على ألا يكشف هوية «الهاشمي»، واكتفى بالزعم أنه «عالم ومجاهد من القدماء الذين شاركوا في القتال ضد القوات الأمريكية منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003».

الإمام المجهول
ونشرت مؤسسة الوفاء «وهي مؤسسة إعلامية، أسسها عدد من شرعي داعش المنشقين، والذين كانوا ضمن ما يعرف بمكتب البحوث الشرعية الداعشي» سلسلة من الوثائق والمقالات حول اختيار «الزعيم الإرهابي الجديد».
ونشرت المؤسسة كتيبًا جديدًا لقيادي داعش منشق باسم ناصح أمين «مقتفي أثر»، بعنوان «الكماشة.. في هتك أوهام أدعياء الخليفة»، حول بيعة أبي إبراهيم القرشي.
وقال ناصح أمين: إن «داعش» بايع خليفةً مجهولًا، لا يعرفه أحد من أعضاء التنظيم، وهو أمر يطعن في شروط «الولاية الشرعية» التي حددها التنظيم منذ تأسيسه، إذا اعتبر داعش ونسخه السابقة «القاعدة في بلاد الرافدين، وتنظيم دولة العراق الإسلامية»، أن شرط تولية إمارة التنظيم، أن يكون الشخص معينًا ومعروفًا لدى قادة وأفراد التنظيم.
واعتبر القيادي المنشق عن داعش، أن «المجهول» في البيعة حكمه كحكم «المعدوم»، وبالتالي، فإنه لا تصح تولية «الهاشمي» إمارة التنظيم.
وكشف «أمين»، أن أغلب أعضاء مجلس الشورى الذين اختاروا «الهاشمي» من المنتمين لما يعرف بـ«تيار الغلاة» (معروف إعلاميًا بتيار الحازمي).
وذكرت وثيقة أخرى، نشرها «ابن جبير» أحد شرعيي داعش المنشقين، أن أعضاء مجلس الشورى الحاليين أغلبهم عراقيين، ومن بينهم أبومحمد حدود، وحجي عبد الناصر العراقي.
ووفقًا لمعلومات ووثائق سابقة- حصل عليها - فإن أبومحمد حدود هو أمير قاطع الحدود والذي يشمل المنطقة الممتدة مابين العراق وسوريا، وعينه «البغدادي» في هذا المنصب، بينما «حجي عبد الناصر»، فهو أمير سابق للجنة المفوضة لإدارة داعش، وعزله «البغدادي» من اللجنة بسبب الأزمة التي حدثت في عام 2017، حول بيان «ليهلك من هلك عن بينة»، والمعروف إعلاميًا بـ«بيان التوسع في التكفير».
واعتبر «أمين» أن من شروط «بيعة الزعيم الجديد» أن يكون لداعش سيطرة مكانية على الأرض وهو غير حادث حاليًا، لافتًا إلى أن «بيعة البغدادي» تمت في حين كان التنظيم يسيطر على الأرض من حلب السورية إلى ديالى العراقية وظهر أبوبكر البغدادي للعلن في يوليو 2014، ليتلاشى التنظيم مسألة الخلاف حول «شرعية زعيم داعش».
وعن استخلاف «البغدادي» لـ«الهاشمي»، قال القيادي الداعش السابق إنه ليست ملزمة لـ«عناصر داعش»، ولابد من موافقتهم على اختيار «الهاشمي» وأن يظهر له ويعرفونه.
وفى ذات السياق، نشرت «مؤسسة الوفاء» مقالًا مطولًا لـ«ابن جبير» بعنوان «سقوط الخرافة»، اعتبر فيه أن من مهام زعيم داعش أن يتمكن من حماية نساء داعش وهو غير متحقق في أبي إبراهيم الهاشمي.

المناهجة .. تيار البنعلي
بالرغم من انشقاق عدد من شرعيي داعش إلا أن «ابن جبير» يعترف بوجود قطاع من مقاتلي داعش الحاليين من ضمن المنتمين لما يعرف بـ«تيار المناهجة» والمعروف إعلاميًا بـ«تيار البنعلي».
ويشكل مقاتلو «تيار البنعلي» قطاعًا رئيسيا داخل المفارز والخلايا الداعشية، المنتشرة في مناطق العراق وسوريا والبالغ عدد أفرادها نحو 18 ألفًا وذلك بحسب تقدير الاستخبارات العسكرية الأمريكية، ولجنة متابعة داعش في مجلس الأمن الدولي.
وحاول التنظيم الإرهابي استمالة «مقاتلي تيار البنعلي» عبر سلسلة من الإجراءات التي سبقت مقتل «البغدادي» منها إصدار تعليمات بعدم التطرق إلى المسائل الخلافية في قضايا الإيمان والكفر وغيرها.

فقه التنظيمات
في تصريح له، قال هشام النجار الباحث في شؤون الحركات الإسلامية: إن تنظيم داعش يعتمد على ما يعرف بفقه «التنظيمات»، وهو مغاير للفقه الإسلامي الذي يحدد شروطًا معينة لاختيار «الأمراء والولاة».
وأضاف «النجار»، أن داعش يعتمد نظرية فقه الضرورة، وعلى هذا الأساس، اختار زعيمًا جديدًا، هو أبو إبراهيم الهاشمي، دون أن يعلن عن هويته أو يظهر إعلاميًا، مشيرًا إلى أن ذلك يتعارض تمامًا مع الفقه الإسلامي الذي يشترط في الوالي أو الأمير أن يكون معلومًا ومشهورًا للناس.
وكشف «النجار»، أن الزعيم الجديد لداعش هو شخص عسكري وقرشي، وأن سبب هذا الاختيار، هو ترضية المقاتلين ومحاولة القضاء على الخلافات داخل التنظيم والتي ظهرت خلال فترة البغدادي.
وأوضح الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أن هناك قطاع من الشرعيين انشق عن تنظيم داعش؛ بسبب الخلافات حول مسائل التكفير، وأن هؤلاء المنشقين شككوا في شرعية ولاية البغدادي للتنظيم الإرهابي، وطعنوا في نسبته القرشية، وحاولوا إثبات الأمر عبر عدة سبل، كما وصفوا «البغدادي» بالتخاذل والفرار من المعارك والتسبب في خسارة «داعش» للمناطق التي كان يسيطر عليها.
وتابع: بالطبع سينعكس اختيار الزعيم الجديد على مسستقبل داعش، والانشقاقات حدثت وستتواصل داخل داعش، والتنظيم يسعى لجمع عناصره على زعيم واحد لمواصلة العمليات الإرهابية.

شارك