الاستثمار في الإرهاب.. مصائب أفريقيا عند «شركات الأمن الخاصة» فوائد
الثلاثاء 05/نوفمبر/2019 - 08:54 م
طباعة
نهلة عبدالمنعم
برزت «شركات الأمن الخاصة» كمثال واضح وتطبيق واقعي لجملة مصائب قوم عند قوم فوائد، فرغم تأثر اقتصاديات الدول كثيرًا بتصاعد الإرهاب، إلا أن شركات الأمن حولت الخسائر إلى مكاسب، وتوظيف العنف لجني الاستثمارات بطرق قانونية؛ خاصة في أفريقيا؛ حيث تعاني القارة السمراء اضطرابات أمنية واسعة تتعدد أسبابها بين انتشار المجموعات الإرهابية سواء الطائفية منها أو العرقية أو السياسية، ما يؤثر سلبًا على معدلات الحوادث وجرائم الخطف والسرقة والنهب التي تعتمدها بعض الجماعات المتطرفة كالأفرع الإقليمية لداعش كمدخل رزق مهم وهو ذات الأسلوب الذي تتبعه «بوكو حرام» في نيجريا من خلال خطف الفتيات والأجانب للمساومة على الفدية، وتتبعه أيضًا المجموعة الموالية للتنظيم في موزمبيق والتي تسطو على السيارات والشاحنات وتسرق محتوياتها وتقتل من فيها.
وبناء على ذلك، تضاعفت أعداد القتلى بين المدنيين وضعفت الاستثمارات وانهارت الاقتصاديات الوطنية، حتى عمليات نقل الأموال والبضائع الثمينة باتت مسألة محفوفة بالكثير من المخاطر ما عرقل الاتصالات بين الشركات وبعضها البعض من جهة وبينها وبين الحكومات والمواطنين من جهة أخرى.
وإزاء هذه الحالة، استقطب عدد من دول القارة بعض الشركات العاملة في مجال التأمين الخاص لحماية الممتلكات وضمان نقل الأموال والبضائع المختلفة والذهب والمعادن النفيسة وغيرها بين مناطق الدول المختلفة.
تاريخ صعود شركات الأمن
وجدت شركات الأمن الخاصة لنفسها مكانة عظيمة في خريطة الاستثمارات الأفريقية، وبدأت في الظهور مع الانهيارات السياسية والاحتراب الداخلي في بعض الدول إلا أن انتشار الإرهاب مؤخرًا في المنطقة أدى إلى تصاعد دور هذه الشركات.
ففي أوائل التسعينيات نشبت الحرب الأهلية في سيراليون (وهي عراك داخلي استمر 11 عامًا وبدأ في مارس 1991 نتيجة اقتحام القوات العسكرية للجبهة الثورية المتحدة الموالية لليبيريا إلى سيراليون لإقصاء الحكومة) ونتيجة لهذه الحرب الدامية اضطرت الدولة إلى استقطاب شركات خاصة للأمن لتولي رعاية مقدرات البلاد وعمليات النقل والشحن، كما تم توظيف الشركات في تدريبات للجيوش النظامية، وحينها برزت «Executive outcomes» الشركة الجنوب أفريقية كأبرز الكيانات في هذا المجال بالدولة.
ومع تمدد الإرهاب بالمنطقة برزت الشركة الأمريكية «Life Guard Management» إلى جانب الروسية «فاجنر» التي تدعي التقارير الصحفية التي قدمتها «سي إن إن» انها من أهم الشركات التي زادت من استثماراتها بأفريقيا خلال الأونة الأخيرة؛ كما أن الحكومة النيجيرية أعلنت بوضوح أنها استقطبت العديد من الشركات الأمنية الخاصة لدعم الجهود الحكومية في مواجهة الإرهاب المتصاعد بالبلاد.
وعلاوة على ما سبق، تعمل تلك الشركات في مجال الحماية ضد القرصنة البحرية التي تقف وراءها بعض الجماعات الإرهابية كما تنمي من القدرات القتالية للأجهزة الأمنية بالداخل وغيرها من الأدوار الاستراتيجية والأمنية.
شركات الأمن والإرهابيون
بغض النظر عن كون هذه الشركات مجرد مال اقتصادي يدفع لتطوير صناعة خاصة أو مدفوع من جهات دولية عظمى تريد تمديد نفوذها بالمنطقة، فإن عناصر هذه الشركات أصبحوا هدف مثير للجماعات المتطرفة لإنهم يعرقلون تقدمهم الإجرامي في المنطقة ويقفون حائلًا دون نهبهم لثروات الدول.
ونتيجة لذلك تعالت الهجمات المستهدفة لهولاء العاملين، ففي 31 أكتوبر 2019 نشرت صحيفة «موسكو تايمز» خبرًا يفيد بمقتل سبعة عناصر من فاجنر الروسية في منطقة موديموم بمقاطعة كابو ديلجادو بشمال موزمبيق على يد متطرفين موالين لداعش نصبوا لهم كمين قاتل للتخلص منهم.
فيما تذكر التقارير الأفريقية أن الشركات الخاصة التي عملت في التسعينيات بسيراليون تعرضت عناصرها لذات الطريقة في القتل، وبناء عليه يتضح أن هذه الشركات العاملة بالمنطقة باتت هدف حيوي لجماعات الإرهاب ما يجعلها أحيانًا تتعاون مع بعضها البعض لحماية الموظفين.
دراسات داعمة
وعن هذه الإشكالية أفادت ورقة بحثية حول دور شركات الحراسة والأمن في مكافحة الإرهاب نشرت في الدورية الدولية للسياحة الدينية والحج بأن تصاعد الإرهاب في بعض دول العالم وترافقه مع اضطرابات أمنية وضعف في مقاومة الأجهزة المعنية للتطرف قد أسهم في ضخ المزيد من الاستثمارات لشركات الأمن وبالأخص تلك المسؤولة عن تأمين المواقع السياحية والفنادق لإن الإرهاب دومًا ما يستهدف المناطق الحيويو والمكتظة لإسقاط أكبر عدد من الضحايا وجلب تغطية إعلامية أوسع للتنظيم.
ومن جانبه أوضح هشام النجار الباحث في شؤون الحركات الإرهابية أن توظيف القضايا والإشكاليات للاستثمار الاقتصادي ولو كانت خاصة بالحوادث والأزمات هو أمر طبيعي قد لا يكون هناك تحريك سياسي مشبوه خلفه.