اتفاق الرياض.. بارقة أمل تسطع في جنوب اليمن
الأربعاء 06/نوفمبر/2019 - 02:11 م
طباعة
أميرة الشريف
في خطوة ناجحة قد تكون البداية لتخطي الأزمة اليمنية، ووسط ترحيب دولي، شهدت العاصمة السعودية الرياض، مساء الثلاثاء 5 نوفمبر 2019، توقيع "اتفاق الرياض" بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، بعد تأجيل متكرر خلال الأسابيع الماضية، بحضور الرئيس عبد ربه منصور هادي، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.
ووقعت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي هذا الاتفاق، بحضور ولي عهد السعودية، الأمير محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي.
وشهد جنوب اليمن، لاسيما عدن، قبل أشهر معارك بين قوات الانتقالي والحكومة اليمنية، أسفرت عن سيطرة الانفصاليين على المدينة ومناطق أخرى في أغسطس الماضي، قبل أن يتم التوصل لاتفاق يحل الأزمة بين الطرفين برعاية سعودية.
والتزمت الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي في اتفاق الرياض بعدد من المبادئ الأساسية لتنفيذها خلال الفترة المقبلة، وعلى رأسها "تفعيل دور كافة سلطات ومؤسسات الدولة اليمنية، حسب الترتيبات السياسية والاقتصادية".
والتزم الطرفان بـ"إعادة تنظيم القوات العسكرية تحت قيادة وزارة الدفاع حسب الترتيبات العسكرية، وإعادة تنظيم القوات الأمنية تحت قيادة وزارة الداخلية حسب الترتيبات الأمنية".
وتضمن الاتفاق ترتيبات أمنية وعسكرية للوضع في عدن، كما نص على تشكيل حكومة من 24 وزيراً نصفها من الجنوبيين وغيرها من الإجراءات التي تهدف إلى نزع فتيل الأزمة في الجنوب اليمني.
ويعتبر توقيع الاتفاق بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي بارقة أمل لإنهاء صراع بدأ بعد تحرير العاصمة المؤقتة عدن جنوب، في يوليو 2015، ودخل مرحلة المواجهة المسلحة، مطلع أغسطس الماضي، وتمكنت قوات الانتقالي على إثره من السيطرة على مدينتي عدن وأبين، بينما فشلت في إسقاط محافظة شبوة جنوب.
ويأمل اليمن خصوصا المناطق المحررة أن ينهي الاتفاق حالة الانقسام والصراع وتنازل السلطات بين الحكومة الشرعية وعدد من الفرقاء خصوصا المجلس الانتقالي الجنوبي وعدد من المكونات الجنوبية من خلال توحيد الأجهزة الأمنية والعسكرية تحت قيادة وزارة الدفاع وبإشراف من التحالف العربية بقيادة السعودية، التي دفعت بقوات كبيرة وآليات عسكرية إلى مدينة عدن لتأمينها وضمان تنفيذ الاتفاق بين الفرقاء.
وشهدت الفترة ما بين الأحداث المسلحة في المحافظات الجنوبية وتوقيع الاتفاق، عددا من المحطات المهمة تمثلت أهمها في تسليم القوات الإماراتية قيادة التحالف العربي في عدن إلى السعودية كأحد مطالب الحكومة لدفعها إلى توقيع الاتفاق.
وبتوقيع الأطراف اليمنية على الاتفاق فإنها أمام فرصة ذهبية للعودة إلى الداخل ولملمة الشتات وصياغة لحظة وطنية لمواجهة الانقلاب الحوثي واستعادة شرعية اليمن وأراضيه، وهو هدف كبير بعد 5 سنوات من الحرب، يتمنى اليمنيون تحقيقه.
كذلك يأمل الجنوبيون أن ينهي اتفاق الرياض حقبة الصراع والاصطفاف السياسي والعسكري في جنوب اليمن، ويفتح الاتفاق آفاقا جديدة في مجال الخدمات وتحسين البنية التحتية، بعد أن أصبح المجلس الانتقالي الجنوبي بموجب الاتفاق الحامل السياسي للقضية الجنوبية.
وينظر قادة المجلس الانتقالي الجنوبي الذين يوقع ممثلوهم، الثلاثاء، في العاصمة السعودية الرياض على وثيقة الحل السياسي مع الحكومة اليمنية بإيجابية إلى الاتفاق الذي جاء ثمرة حوار خاضه المجلس طوال الفترة الماضية.
ويرى المجلس أنه حقق عددا من المكاسب من توقيع هذا الاتفاق تمثلت أولا باعتراف التحالف به كطرف ممثل للجنوب والقضية الجنوبية، وإن لم يكن طرفا وحيدا، إضافة إلى إشراكه في الحكومة وإشراك وفده ضمن وفد الحكومة لمشاورات الحل السياسي النهائي.
وتأمل السعودية والإمارات أن يدفع الاتفاق باتجاه أن تكون المناطق والمحافظات المحررة نموذجا يحتذى في الدولة اليمنية المنشودة، وتوحيد جهودها وحرف البوصلة نحو التصدي للحوثيين المدعومين من إيران.
وكان، عبّر مجلس الوزراء اليمني، عن مباركته لـ"اتفاق الرياض"، مشيداً خلال اجتماع استثنائي عقده للإعداد لتوقيع الاتفاق، بما بذله الأشقاء في السعودية من جهود استثنائية لاحتواء الأحداث الأخيرة في عدن، لتعزيز وحدة الصف الوطني في مواجهة المشروع الإيراني واستكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي، وفق وكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ".
وتعبيراً عن الوضع الصعب الذي يعيشه الشعب اليمني جراء النزاعات المسلحة، أكد المجلس أن "الوطن ضاق ذرعاً بالصراعات الجانبية، وأنه أحوج ما يكون اليوم إلى الأمل الذي يشعره بقرب انتهاء كابوس الانقلاب الحوثي الجاثم على صدره، الأمر الذي يستدعي من جميع الأطراف والمكونات السياسية والاجتماعية تغيير سلوكها ومنهجها بما يتفق مع الأولويات الملحة للوطن والشعب اليمني".
وأكد المجلس دعمه ووقوفه إلى جانب القيادة السياسية ممثلة بالرئيس هادي، وصولاً إلى تحقيق السلام والاستقرار في اليمن المبني على المرجعيات الثلاث.
وفي إشارة لواحد من أبرز بنود الاتفاق الذي يأمله الشارع اليمني عقب موجات الصراع المسلح على السلطة، أكد رئيس الوزراء اليمني أن "الاتفاق سيؤسس لمرحلة جديدة من حضور الدولة ومؤسساتها وأحادية القرار العسكري والأمني تحت سلطة الحكومة".
ورحب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، بتوقيع الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي باليمن على "اتفاق الرياض"، واعتبره "خطوة مهمة للحفاظ على تكامل التراب اليمني، والحيلولة دون انزلاق البلد نحو المزيد من الانقسام والتفكك".
وقال أبوالغيط، في بيان إن "السعودية قامت بدور مهم ومقدر في رعاية الاتفاق، ودفع الأطراف اليمنية إلى مائدة التفاوض".
بينما رأى مصدر مسؤول بالجامعة العربية، أن "اتفاق الرياض يعطي إشارة إلى إمكانية التوافق بين الأطراف اليمنية من أجل تجنب الحرب والانقسام".
وعبر عن أمله في أن يكون الاتفاق خطوة على طريق إنهاء الحرب في اليمن، بصورة تحفظ له استقراره ولجيرانه أمنهم.
بدوره، أشاد رئيس البرلمان العربي مشعل السلمي، باستجابة الحكومة الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي لدعوة السعودية للمصالحة وإنهاء الانقسام.
وثمن السلمي، في بيان، جهود السعودية في التوصل إلى اتفاق بين الطرفين، بما يعبر عن حرصها على دعم وحدة اليمن وسلامة أراضيه.
من جهته، أشاد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف بن أحمد العثيمين، بتوقيع اتفاق الرياض، الذي قال إنه سيسهم في تعزيز أمن واستقرار اليمن والوقوف جبهة واحدة في مواجهة مليشيات الحوثي.
وأوضح العثيمين، في بيان بثه الموقع الإلكتروني لمنظمة التعاون، أن "هذه الاتفاقية تبشر ببداية مرحلة جديدة للتوصل لتسويات جذرية للأزمات التي يتعرض لها اليمن".
وثمن تجاوب جميع الأطراف اليمنية للوصول إلى اتفاق يخدم المصالح الاستراتيجية لليمن، وهنأ الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، على جهوده في إحراز هذا الاتفاق وتوحيد الصف اليمني.
من جانبه، وصف الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبداللطيف بن راشد الزياني، اتفاق الرياض بأنه "خطوة تاريخية مهمة" للحفاظ على أمن اليمن ووحدته، وتوحيد الجهود اليمنية لمواجهة جماعة الحوثي.
ودعا الزياني القوى اليمنية للالتزام بهذا الاتفاق التاريخي، ودعم جهود الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي للخروج باليمن إلى مرحلة جديدة، ومساندة السلطة الشرعية في جهودها لإنهاء الصراع، حسب وكالة الأنباء السعودية.
فيما أعرب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، عن سعادته البالغة بتوقيع الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي على اتفاق الرياض.
واعتبر السيسي، في تغريدة على موقع (تويتر)، أن "ذلك الاتفاق خطوة عظيمة في مسار حل الأزمة اليمنية، ويعزز من وحدة اليمن، ويرسخ للاستقرار والسلام في المنطقة".
ورحبت دولة الإمارات العربية المتحدة بالاتفاق، وأشاد بيان صادر عن وزارة الخارجية و التعاون الدولي بحكمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود التي كان لها الدور المحوري في جمع الأطراف اليمنية إلى طاولة الحوار و إنجاز هذا الاتفاق المهم الذي يعزز جهود مختلف المكونات اليمنية لمواجهة المخاطر والتهديدات التي تستهدف اليمن، بحسب ما نشرته وكالة الأنباء الإمراتية.
وثمن البيان الدور الإيجابي و البناء للمملكة العربية السعودية الشقيقة على الساحة اليمنية حيث تمثل المملكة ركيزة أساسية للأمن القومي العربي والخليجي.
و شدد على أهمية تكاتف القوى اليمنية و تعاونها وتغليب المصلحة الوطنية العليا للتصدي للمخاطر التي تتعرض لها اليمن وفي مقدمتها الانقلاب الحوثي.
ودعا البيان إلى تضافر جهود المجتمع الدولي لدعم اليمن خلال الفترة المقبلة ودعم استقراره والمساهمة في بناء اقتصاده.
وجددت دولة الإمارات التزامها بالوقوف إلى جانب الشعب اليمني ودعم طموحاته المشروعة في التنمية و الأمن و السلام في إطار سياستها الداعمة لكل ما يحقق مصلحة شعوب المنطقة.
كذلك رحب الأردن بالاتفاق، الذي اعتبره وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، "خطوة هامة في جهود رأب الصدع وتعزيز وحدة الصف اليمني وفتح آفاق للحل السياسي المنشود للأزمة اليمنية".
وثمن الصفدي، في بيان الدور الكبير للسعودية لإنجاز هذا الاتفاق، وأشاد في ذات الوقت بالجهود المتواصلة للإمارات للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، مؤكدا دعم بلاده الكامل لجهود حل الأزمة اليمنية، بما يضمن وحدة اليمن وسلامة أراضيه.
الموقف نفسه بالنسبة للكويت، التي رحب نائب وزير خارجيتها خالد الجار الله، بالاتفاق، ووصفه بـ "بالحيوي والمهم".
وقال الجار الله، في تصريح للصحفيين، إن الاتفاق "يشكل مدخلا للسلام ومفاوضات السلام بين الحوثيين والحكومة الشرعية".
وتابع أن "الاتفاق يضع أسسا متينة لتوافق بين الأطراف اليمنية في الجنوب حتى تتمكن من تشكيل حكومة قادرة على إدارة المشاورات المستقبلية المتعلقة بالسلام في اليمن".
إلى ذلك، وصفت البحرين اتفاق الرياض بـ"الإنجاز الكبير.. الذي يمثل منطلقا مهما لمرحلة من التعاون وتوحيد الصف بين الأطراف الوطنية في اليمن لتحقيق تطلعات أبناء الشعب اليمني".
وأكدت المنامة في بيان بثته وكالة أنباء البحرين ((بنا))، استمرار مشاركتها في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن من أجل استعادة الأمن والسلم والتوصل لحل سلمي يحفظ لليمن وحدته.
ووقعت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي باليمن، في وقت سابق اليوم في العاصمة السعودية على "اتفاق الرياض".
وتوصل الطرفان في أواخر أكتوبر الماضي إلى اتفاق لتقاسم السلطة ينص على تشكيل حكومة كفاءات من 24 وزيرا مناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية في اليمن برعاية سعودية.
ورعت السعودية على مدى ما يقرب من شهر مشاورات غير مباشرة بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي، بعد معارك مسلحة بينهما في عدة مدن جنوبية في أغسطس الماضي، انتهت بسيطرة الانفصاليين على العاصمة المؤقتة عدن وأهم مدن محافظات لحج والضالع وأبين جنوب البلاد.
ويشهد اليمن حربا أهلية منذ أواخر العام 2014، عندما اجتاح الحوثيون جزءا كبيرا من البلاد واستولوا على جميع المناطق الشمالية بما في ذلك العاصمة صنعاء.
وتقود المملكة العربية السعودية تحالفا عربيا دوره الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها وازدهارها مجددة التزامها بهذه الشراكة المباركة وهذا التحالف الخير.