عودة معتقلي «داعش».. «صداع مزمن» في رأس أوروبا

الأحد 17/نوفمبر/2019 - 12:39 م
طباعة عودة معتقلي «داعش».. شيماء يحيى
 
تخوفات أوروبية من عودة عناصر «داعش» المحتجزين في تركيا، إلى بلدانهم الأصلية، إذ يستخدمهم نظام «أردوغان» كورقة ابتزاز ضد دول القارة العجوز، إذ حذرت صحيفة سويسرية من عدم استعداد الأوروبيين لاستقبال عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي المرحلين من تركيا إلى بلدانهم الأصلية، مؤكدة أن هذا الملف يعمق الشرخ في العلاقات بين بروكسل وأنقرة.
وقالت صحيفة «نيو زوريشر» السويسرية الناطقة بالألمانية في تقرير لها الخميس 14 نوفمبر: «الاتحاد الأوروبي تجاهل لفترة طويلة مشكلة عناصر «داعش» الأوروبيين، وإمكانية عودتهم للقارة، والآن تنثر تركيا الملح على الجراح الأوروبية، وترحل بعضهم لبلدانهم الأصلية».
وفي يوم الجمعة 8 نوفمبر الجاري، صرّح وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، بأن بلاده ستعيد معتقلي «داعش» إلى بلادهم، بدءًا من الإثنين 11 نوفمبر، والبالغ عددهم 1200 معتقلًا، 20% منهم أوروبيون.
وقد أثارت الخطوة التركية الجدل في دول عدة ما بين مؤيد ومعارض، ففي ألمانيا قال أرمين شوستر، خبير الشؤون الداخلية في الحزب الديمقراطي: إن بلاده على أتم الاستعداد لاستقبال هؤلاء العائدين الألمان، وإن السلطات ستستقبلهم، وسيتم استجوابهم بشكل مكثف، بينما انتقد شتيفان تومه، نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر، الوضع لعدم وجود إجراءات موحدة حتى الآن في التعامل مع العائدين الدواعش، والبلاد بحاجة إلى خطة حتى يتم تنظيم الأمر وإدارته.
وفي المقابل، حذرت «سيفيم داجدلين» نائبة رئيس الكتلة البرلمانية لحزب اليسار، من عدم تمكن سلطات الأمن من القبض على هؤلاء الأفراد فور وصولهم إلى البلاد؛ لعدم امتلاكها أدلة كافية تدينهم.
وفي فرنسا أصرت باريس على وضع آلية قضائية يتم بها محاكمة العائدين الفرنسيين، بعد نقلهم من سوريا والعراق وتركيا، وستكتفي باسترداد نحو 100 من الأطفال الذين كانوا بمخيمات الاعتقال، فالحكومتين الألمانية والفرنسية ترفضان عودة الدواعش؛ لأنهما ليستا على استعداد لمواجهة الخطر القائم من عدم الانسجام مرة أخرى مع المدنيين، واحتمالية عودة العمليات الإرهابية ثانيًا.
ولم تحدد أنقرة دولًا أجنبية بعينها لإرسال العناصر التابعة لها، غير أن عددهم بحسب ما صرح به محمد علي الحكيم، وزير الخارجية العراقي، في مؤتمر صحفي 17 أكتوبر 2019، بأنه كبير جدًّا وينتمون لنحو 72 دولة.
ولجأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لاستخدام ورقة معتقلي «داعش» لديه في بلاده لابتزاز الاتحاد الأوروبي والضغط عليه، وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية؛ إذ هدد بفتح البوابات أمام الإرهابيين لينطلقوا نحو أوروبا إذا لم تراجع موقفها من تركيا، خاصةً بعد التنديد الأوروبي بالغزو التركي للشمال السوري، وفرض عقوبات عليها؛ نظير ما قامت به من اعتداءات وهجمات على الأراضي السورية، وقيامها بأعمال التنقيب غير المصرح بها قبالة السواحل القبرصية.
ولا يوجد قانون أوروبي موحد للتعامل مع المعتقلين، في حالة عودتهم، لكن من المحتمل أن يظل وجودهم رهن الاعتقال لفترات طويلة، حتى توضع آلية لمعاقبتهم وفق القوانين الأوروبية.
يقول محمد ربيع الديهي، الباحث في الشأن التركي، في تصريح لـ«المرجع»: إن ملف المعتقلين الدواعش بات يشكل تهديدًا كبيرًا للاتحاد الأوروبي، وكان سببًا في خلافات بين الدول الأعضاء في الاتحاد، ما بين مؤيد لعودتهم وما بين رافض، يطالب بضرورة محاكمتهم في أماكن ارتكابهم الجرائم الإرهابية، إلا أن تركيا دأبت على التلويح بإعادة المعتقلين «الدواعش»  إلى بلادهم، كلما ساءت العلاقة مع الاتحاد الأوروبي.
وأوضح «الديهي» أن الرئيس التركى يبتز الدول الأوروبية لتحصيل أموال؛ بهدف التغطية على أزمات نظامه الاقتصادية، نتيجة غزو الأراضي السورية، وكنوع من العقاب للدول الأوروبية بعدما أدانت هذا الغزو.
وأضاف الباحث في الشأن التركي أن رجب طيب أردوغان يدرك جيدًا أن فكرة عودة الدواعش، تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الأوروبي، لذلك يستغل هذه الورقة للضغط على الاتحاد الأوروبي؛ من أجل دعم أنقرة ماديًّا وسياسيًّا، فعدد الأوروبيين الذين انتموا إلى التنظيم، بحسب تقديرات الشرطة الأوروبية «يوروبول»، يصل إلى 5 آلاف، ناهيك عن الأطفال الذي تربوا على الفكر الداعشي، ففكرة تأهيل هؤلاء مرة أخرى ودمجهم في المجتمع لن تكن مضمونة النتائج، وإذا أطلقت تركيا سراحهم دون أن تسلمهم لسلطات بلادهم، سيشكل هؤلاء خطرًا كبيرًا يهدد الأمن.

شارك